آخر الأخبار

من السدود إلى التحلية .. مهندسون وخبراء يرسمون ملامح مستقبل الأمن المائي بالمغرب

شارك

أكد مشاركون في ندوة وطنية أن قطاع البناء والأشغال العمومية يوجد في صلب الرؤية الملكية لمواجهة تحدي الإجهاد المائي بالمملكة، باعتباره رافعة استراتيجية لتأمين السيادة المائية وضمان استدامة الموارد، وذلك عبر تسريع إنجاز السدود، وتطوير محطات تحلية مياه البحر، وتعزيز الربط بين الأحواض المائية.

وجاء ذلك خلال ندوة وطنية نظمها نادي الهندسة المدنية بالمدرسة المغربية لعلوم المهندس بالدار البيضاء، يوم الاثنين 22 دجنبر، لمناقشة دور قطاع البناء والأشغال العمومية في مواجهة الإجهاد المائي بالمغرب، في إطار الاستجابة للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تعبئة وطنية شاملة لمواجهة ندرة المياه.

وفي الجلسة الافتتاحية، ألقى عبد القادر اعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كلمة تليت نيابة عنه من طرف عبد العالي كور، مدير ديوانه، أكد فيها أن السياسة المائية بالمغرب هي نتاج رؤية استراتيجية بعيدة المدى انطلقت منذ الخطاب التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني سنة 1967، الذي أرسى أسس سياسة السدود الكبرى، وتواصلت تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس عبر اعتماد حلول مبتكرة من بينها تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة. وأبرز أن هذه الرؤية تتجسد اليوم في البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، بميزانية تفوق 150 مليار درهم.

من جهتها، أكدت شرفات أفيلال، الوزيرة المنتدبة السابقة المكلفة بالماء، أن السياسة المائية المغربية لم تكن وليدة الصدفة، بل خيارا استراتيجيا استباقيا مكّن البلاد من الصمود أمام فترات الجفاف القاسية، معتبرة أن الأمن المائي يشكل ركيزة أساسية للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وفي قراءة نقدية للوضع الراهن، تساءلت المتحدثة عن حدود سياسة السدود، خاصة في ظل تراجع حقينات بعض السدود، منبهة إلى ضرورة الانتقال من منطق التركيز على البنية التحتية فقط إلى منطق الجدوى الاقتصادية والمجالية للمشاريع المائية.

وفي مداخلة تقنية، استحضر أحمد فؤاد الشرايبي، الخبير الدولي والوطني في مجال السدود والمدير العام السابق لشركة NOVEC، تطور هندسة السدود بالمغرب، مبرزا أن القرار السياسي القاضي بتمكين الكفاءات الوطنية ونقل الخبرة التقنية شكّل نقطة تحول مفصلية مكنت المغرب من الانتقال من التبعية التقنية إلى تحقيق سيادة وطنية في هندسة وبناء السدود.

بدوره، قدّم أحمد العلوي، مدير مكلف بمهمة لدى المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، معطيات رقمية حول تطور الولوج إلى الماء، مبرزا نجاح برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب (PAGER) في رفع نسبة الولوج من 14 في المائة سنة 1994 إلى حوالي 98 في المائة حاليا، باستثمار مالي ناهز 21 مليار درهم، مؤكدا أن التحدي الحالي لا يقتصر على البناء بل يشمل أيضا منظومة التشغيل والصيانة.

وفي السياق القانوني والمؤسساتي، أوضحت حورية التازي صادق، رئيسة الائتلاف المغربي للماء، أن الانتقال من القانون 10-95 إلى القانون 36-15 شكّل نقلة نوعية في تدبير الموارد المائية، حيث قنن لأول مرة الموارد غير التقليدية، من بينها تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، مشددة على أهمية الربط بين قطاع الماء والطاقات المتجددة لضمان استدامة المشاريع.

من جانبها، استعرضت فاطمة الزهراء أخريف، المسؤولة عن أداء العمليات بشركة Water Green OCP، تجربة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في تحقيق الحياد المائي منذ سنة 2015، مؤكدة أن المجموعة تستهدف بلوغ قدرة إنتاجية تصل إلى 600 مليون متر مكعب من المياه غير التقليدية في أفق سنة 2027، مع مساهمة هذه المشاريع في تزويد عدد من المدن بالماء الصالح للشرب ودعم القطاع الفلاحي.

من جهته، أوضح يونس زماني، المدير العام لشركة ATNER، أن التطور التكنولوجي في مجال التحلية، خاصة تقنية التناضح العكسي، مكن من خفض كلفة الإنتاج بشكل كبير، مؤكدا أن الشركات المغربية باتت اليوم تتوفر على استقلالية تقنية كاملة في إنجاز مشاريع تحلية ومعالجة المياه، وقادرة على منافسة الشركات الأجنبية.

إلى ذلك، أكد الطلبة المهندسون، أن هذه الندوة تمثل التزاما فعليا من الجيل الصاعد بالانخراط في رفع تحديات السيادة المائية، واستجابة واعية للنداء الملكي السامي الداعي إلى تعبئة وطنية شاملة، مشددين على أن مهندسي الغد مطالبون بالجمع بين الكفاءة التقنية والوعي القانوني والاجتماعي من أجل ضمان الأمن المائي للمملكة.

العمق المصدر: العمق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا