أشاد مستشارون برلمانيون بربط التمثيلية في المجلس الوطني للصحافة بمعايير اقتصادية وتشغيلية، بينما رفض آخرون “تغليب النفوذ الاقتصادي” داخل المجلس، في حين شدد وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد على أن الحكومة لا تغلب الناشرين على الصحافيين ولا تنحاز لأي تيار.
واعتبر عدد من المستشارين البرلمانيين، خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة داخل لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس النواب، أن ربط التمثيلية في المجلس بمعايير اقتصادية وتشغيلية سيساهم في “ضمان تعددية مهنية جادة وصحافة حرة ومقاولة قوي”.
وثمن مستشار برلماني ما جاء به هذا المشروع القانون من نقاط اعتبرها “مضيئة تعكس فهما لمتطلبات العصر”، خصوصا الانتقال بمقاربة النوع إلى إجراء ملزم كمؤشر على حكامة عصرية تتجه نحوها المقاولات الحديثة، وكذا تعزيز آليات الحكامة الداخلية كخطوة لضمان استقرار المؤسسة وقدرتها على الصمود أمام الأزمات، بحسب تعبيره.
كما تمت الدعوة إلى ضمان توفير بيئة أعمال سليمة تضمن استدامة المقاولات الصحفية وتنافسيها، من خلال ضمان شرطين أساسيين وهما الحرية والمسؤولية المتوازنة التي تفضي إلى ربط حرية الصحافي بمسؤولية المقاولة، باعتبار هذه الأخيرة تساهم في الاستثمار وخلق فرص الشغل.
في المقابل، نبه عدد من المستشارين البرلمانيين إلى مجموعة من “السلبيات” التي تضمنها المشروع، ومن ضمنها، بحسب تعبيرهم، تغليب النفوذ الاقتصادي على تمثيلية المجلس، وتراجع مبدأ التمثيلية النقابية والمهنية خاصة باعتماد نمط انتخابي فردي “ساهم في إضعاف تمثيلية النقابات الوطنية”.
كما انتقدوا “إقصاء” الصحافة الورقية والرقمية من التمثيل العادل، وهي “مكونات أساسية لضمان تعددية إعلامية في مختلف المناطق والجهات”، بالإضافة إلى “غياب ضمانات الطعن القضائي على القرارات التأديبية”، و”عدم التنصيص على نشر التقارير السنوية للمجلس وإخضاعها للمساءلة البرلمانية”.
كما نبهوا إلى “غفال” مقاربة النوع في تمثيلية النساء داخل المجلس كشرط لازم لتحقيق المساواة والمناصفة بين الجنسين، وغياب نظام أساسي لمستخدمي ومستخدمات المجلس، “ناهيك عن فصول الطرد والتعسف التي يتعرض لها عدد من المستخدمين لأسباب نقابية”.
وحذروا من تحويل المجلس الوطني للصحافة إلى جهاز رقابي خاضع لمنطق الضبط الإداري وتقييد مهامه في إطار التنظيم الذاتي، “مما يفرغ فلسفة إنشائه من مضامينها ويمس بضمان استقلالية التنظيم الذاتي”، ورفضوا التمييز في التمثيلية بين الصحافيين والناشرين فيما يخص الانتخاب والانتداب.
وجواب على تساؤلات البرلمانيين، قال الوزير إن المادة 45 اعتمدت نموذجًا يضمن تمثيل الجميع، مستحضرًا في هذا السياق مضامين مشروع النص وعدد جمعيات الناشرين التي كانت قائمة آنذاك، موضحا أن هناك شروطًا للاستفادة من الدعم، مؤكدًا اشتراط أن يكون للناشرين على الأقل أربعة إلى خمسة صحفيين.
وأضاف أن تحديد عدد العاملين والمعامل يعتمد على قوة المقاولة الصحفية لضمان حماية الجوانب الاجتماعية للصحفيين، وأشار إلى وجود تحدٍ للناشرين في تجاوز الصعوبات المرتبطة بالصحافة في ظل التطور الرقمي والذكي، مؤكداً أن هذا التحدي سيتم تذليله من خلال تقوية المقاولات الصحفية.
واعتبر أنه كلما كانت التمثيلية أوسع، كلما كان المجلس أقوى، “إلا أن التوجهات الحالية تم اختيارها لتعزيز مؤسسة المجلس”، وأكد أن التجارب الدولية في هذا المجال متنوعة ولا يوجد نموذج محدد، وأن الحكومة لا تتخذ موقفا من توجه الصحافيين والناشرين، كما لا تدافع عن أي تيار معين.
المصدر:
العمق