في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اعتبر عبد الخالق البومصلوحي، عضو المجلس الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن جزءا مهما من مظاهر التهميش التي تعيشها مناطق الهامش لا تتحمل الدولة كامل مسؤوليته، بل تشارك فيه الساكنة نفسها عبر اختيارات انتخابية تعيد إنتاج الوضع نفسه لسنوات طويلة.
وقال البومصلوحي في حلقة جديدة من برنامج “إيمي ن إغرم” الذي يبث على منصات جريدة “العمق”،، إن عددا من الجماعات الترابية في المناطق المهمشة يرأسها الأشخاص أنفسهم منذ 20 أو 30 سنة رغم عدم تقديمهم أي إضافة تذكر، ومع ذلك تتم إعادة انتخابهم في كل استحقاق، وهو ما يكرس استمرار الأعطاب التنموية.
وأشار البومصلوحي إلى ما سماه ثقافة مترسخة في بعض مناطق “تمازيرت”، حيث يقاس أداء رئيس الجماعة بما يمنحه للفرد بشكل مباشر، وليس بما يقدمه للجماعة ككل. وقال: “مجرد أن يمنحك الرئيس رخصة بناء غير قانونية، أو يسمح لك بفتح محل دون رخصة أو أداء ضرائب، يُنظر إليه كإنسان ’الله يعمرها دار’، بغضّ النظر عن مسؤوليته في تطوير البنيات التحتية أو تحسين الخدمات”.
وأضاف الفاعل الحقوقي، أن عددا من رؤساء الجماعات يستغلون هذا المنطق للبقاء في مناصبهم لسنوات طويلة، لأنهم يعرفون جيدا “مفاتيح” كسب الأصوات عبر الامتيازات الشخصية، وليس عبر برامج تنموية أو رؤية مستقبلية.
وفي تشخيص لواحد من أبرز مفارقات الحياة السياسية المحلية، أكد البومصلوحي أن مناطق الهامش تتوفر على طاقات مهمة من أساتذة جامعيين وأطباء وأطر إدارية ترغب في الخدمة العمومية والدفع بعجلة التنمية، لكنها تصطدم بثقافة انتخابية تمنعها من الوصول إلى المسؤولية.
وقال موضحا: “لكي يقنع الأستاذ الجامعي أو الطبيب الساكنة بالتصويت له، عليه أن يصرف أجرته الخاصة على الناس، وأن يقدم لهم الخدمات مجانا… الساكنة تبحث عمّن يخدم الفرد، وليس من يخدم الجماعة”.
وشدد البومصلوحي على أن أي إصلاح حقيقي في مناطق الهامش يستوجب تغييرا في العقليات بالتوازي مع إصلاح السياسات العمومية، داعياً الساكنة إلى تحمل مسؤوليتها في اختيار من يمثلها، والقطع مع منطق الامتيازات الشخصية الذي يعطل التنمية ويعيد إنتاج التخلف.
وأضاف المتحدث، أن منطق المساءلة يبدأ من صناديق الاقتراع، موضحا أن المواطنين حين يمنحون ثقتهم لرؤساء الجماعات لسنوات طويلة، ويقبلون بأسلوب تدبيرهم دون اعتراض أو احتجاج، فإن الدولة لا يمكنها التدخل في اختيارات السكان دون طلب صريح منهم.
وإذا اعتقدت الساكنة، يضيف الفاعل الحقوقي أن رئيس الجماعة فاسد أو مقصّر، فالقانون يتيح لها التوجه مباشرة إلى النيابة العامة وتقديم شكاية، كما يمكنها “معاقبته” ديمقراطيا يوم الاقتراع واختيار وجه جديد قادر على تقديم خدمات أفضل.
وشدّد على أن الدولة تتحرك حين يطالبها المواطن بذلك، فالبرامج الترابية المندمجة ومشاريع فك العزلة التي تم إطلاقها في عدد من المناطق لم تكن لتظهر لولا الاحتجاجات المتكررة لساكنة الهامش، التي دقت ناقوس الخطر وكشفت الخصاص التنموي.
فالدولة – يقول البومصلوحي – تستجيب للأسئلة والانتظارات ومطالب المواطنين، وإذا لم يصدر عن الساكنة أي طلب أو شكاية أو مطالبة، فإن ذلك يفترض أنها “في وضع جيد ولا ينقصها شيء”.
المصدر:
العمق