آخر الأخبار

المعارضة تحذر من التفاوتات المجالية .. وتدعو إلى مراجعة "قانون المالية"

شارك

اعتبرت المعارضة بمجلس المستشارين، خلال الجلسة العامة للمساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، التي انعقدت اليوم الثلاثاء في موضوع “التنمية الترابية ورهانات تحقيق العدالة المجالية”، أن “التفاوتات المجالية مازالت مقلقة”، وأن “قانون المالية لسنة 2026 يبرز هذا الوضع بشكل واقعي”، مشددة على أنها “نتيجة خيارات حكومية وضعف الحكامة”، وداعية إلى “تجاوز البرامج التجميعية للمشاريع ذات التقديرات المالية غير الواقعية”.

تفاوتات مقلقة

السالك الموساوي، المستشار عن الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، قال إن “التفاوتات المجالية مازالت مقلقة، إذ تتركز الثروة الوطنية في أربع جهات دون غيرها، بحيث تستحوذ على 60 في المئة من الناتج الداخلي الخام الوطني”.

وتوازي هذا، وفق الموساوي في كلمته، “اختلالات واضحة في الاستثمار، إذ تتركز الاستثمارات العمومية بنسبة 64 في المائة في الجهات نفسها، فيما باقي الجهات مازالت مساهمتها الاقتصادية ضعيفة رغم ما تتوفّر عليه من مؤهلات بشرية”، وأوضح أن “هذا الوضع يبرز بشكل واقعي في مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يكرس باستمرار هذا النمط غير متوازن الموارد”، مشيرا إلى أن “المناطق الجبلية رغم تشكيلها ثلث التراب الوطني مازالت بدورها تعاني هشاشة بنيوية، تتمثل في ضعف البنيات الأساسية وندرة الخدمات الاجتماعية وفرص الشغل”.

تقديرات واقعية

الفريق الحركي دعا، عبر مستشاره البرلماني عبد الله مكاوي، إلى “انتقال جديد من برامج التنمية الجهوية المحلية، التي تظل مجرد تجميع لمشاريع متفرقة بتقديرات مالية غير واقعية، إلى نماذج تنمية جهوية مبنية على دعائم النمو وأهداف التنمية وتضع الإنسان والمجال في صلبها”.

وأضاف مكاوي، في مداخلته، أن فريقه يدعو أيضا إلى “العمل بنجاعة وحكامة لترجمة التوجيه الملكي بالقطع مع المقاربات الاجتماعية التقليدية عبر الانتقال إلى مقاربات التنمية الترابية المندمجة، عبر مخطط تنموي شامل لمغرب القرى والجبال والواحات، بدل الاكتفاء بتدخلات قطاعات محدودة ومتفرقة”.

كما شدد المستشار ذاته على ضرورة “مداخل تشريعية أساسية من قبيل قانون الجبل وقانون تنمية الواحات، على غرار قانون الساحل الذي مازال تنزيله متعثرا، وهي مقترحات قوانين تقدمها بها الفريق الحركي ومازالت خارج أجندة الحكومة”، و”إقرار نظام ضريبي يراعي الخصوصيات الجهوية المحلية”، مع “التعجيل بمراجعة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية قصد تطوير الحكامة والتخطيط الترابي”.

إيقاعات غير متكافئة

نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل، قال إن “إيقاعات التنمية ببلادنا غير متكافئة وغير عادلة وغير منصفة، يحكمها منطق محاسباتي صرف في غياب رؤية شمولية واضحة وملزمة، بالإضافة إلى سوء التدبير، وغياب الحكامة وضعف آليات المراقبة والمحاسبة”.

وعدّ سليك أن “التركيز لسنوات في الاستثمار على 2 أو 3 محاور أصبحت من خلاله بعض المدن هي المعروفة لدى الرأي العام، مقابل ضعف كبير في تنمية باقي المجالات الترابية التي تعيش على إيقاع التهميش الاقتصادي والاجتماعي؛ ما يخلق إحساسا بالإحباط السياسي والاجتماعي لدى فئات واسعة من مكونات الشعب المغربي بالواحات والجبال والعالم القروي”.

“إنها معادلة غير منطقية تفتقر إلى مبدأ التضامن ودمقرطة توزيع الاستثمارات العمومية؛ فالأرقام والإحصائيات التي لا تحمل حسا وطنيا، ولا آثار على المواطن والمداشر والقرى والأرياف، ولا تساهم في تحسين حياته اليومية، هي أرقام جوفاء”، يورد المستشار ذاته.

نتائج حكومية

لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال: “رغم كثرة البرامج، من الجهوية المتقدمة إلى برامج التأهيل الحضري، إلى ‘أوراش’ و’فرصة’، إلا أن التفاوتات بين الوسط الحضري والقروي، وبين الجهات الساحلية والداخلية، وبين المدن الكبرى والأقاليم المهمشة، تتسع بدل أن تضيق”.

واعتبر نازهي، في مداخلته، أن “غياب العدالة المجالية ليس قدراً، بل نتيجة خيارات حكومية، ومحدودية الحكامة الترابية، وعدم إشراك الفاعلين المحليين الحقيقيين، وعلى رأسهم النقابات والقوى الاجتماعية”، مشددا على أن “التنمية الترابية ليست خرائط وإحداثيات، إنها مستشفيات قريبة، مدارس فعالة، نقل يسهل الحياة، وولوج للخدمات دون إذلال”.

وفي هذا الصدد أوصت الكونفدرالية بـ”إحداث تعاقد جديد بين الدولة والجهات مبني على مؤشرات إلزامية للتقليص من الفوارق المجالية”، و”رفع نصيب الجهات من الضرائب الوطنية لتقوية استقلاليتها المالية”، و”إطلاق خطة وطنية لتأهيل الأقاليم الأقل نمواً عبر الاستثمار الصناعي والفلاحي وخلق الشغل الدائم”، مع “إشراك حقيقي للنقابات والهيئات الاقتصادية والمدنية في التخطيط الترابي لضمان ديمقراطية القرار”.

مقاربة تشاركية

خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، قال إن “النموذج التنموي الخاص بالإقاليم الجنوبية أظهر أن التنمية ممكنة عندما تتكامل الحكامة والقيادة ورؤية الدولة وفعالية الاستثمار”، موضحا أنه “في سياق مبادرة الحكم الذاتي الخاص بهذه الأقاليم لا بد من مراجعة نموذجنا في الجهوية بما يفضي إلى تعزيز دور النخب المحلية في اتخاذ القرار وتنزيله على أرض الواقع”.

واعتبر السطي، في مداخلته، أن “التنمية يجب أن تشمل الجميع بلا استثناء”، وزاد: “الخطاب الملكي كان وضحاً في إنصاف الاحتجاجات الاجتماعية التي قادها شباب آيت بومكاز، تاونات، طاطا، بني ملال، أكادير، وشباب جيل Z”، مشددا على أن “العدالة المجالية الحقيقية تقتضي مقاربة تشاركية تشمل كل الفاعلين في اللقاءات التشاورية، ومنهم النقابات”.

وتساءل المستشار البرلماني ذاته، في هذا الصدد، عن “سبب توقف جولات الحوار الاجتماعي رغم الاتفاق على مأسسته”، موردا: “علاش غابت جولات شتنبر؟”، ولافتا إلى أن “سكان الحوز بالمناسبة مازالوا ينتظرون الإنصاف”، وزاد أن “الملاعب، وهي مهمة، ونحن في حاجة إليها، يتم بناؤها بسرعة TGV، لكن إسكان سكان الحوز ربما يسير بسرعة قطار فاس وجدة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا