آخر الأخبار

"مناورة الوساطة" تعري ارتباك الدبلوماسية الجزائرية في ملف الصحراء

شارك

في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية أعلن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، استعداد بلاده لتقديم دعمها لأي مبادرة وساطة بين المغرب وجبهة البوليساريو المزعومة، مصرحاً بأن هذا يأتي “من منطلق المسؤوليات الملقاة على عاتقها كبلد مجاور لطرفي النزاع”.

هذا التصريح أثار جدلاً واسعاً بين الخبراء، الذين أجمعوا على أن العرض الجزائري لا يعدو كونه مناورة سياسية تهدف إلى الهروب إلى الأمام والتحايل على الشرعية الدولية.

ويشدد الخبراء على أن هذا التصريح يعكس “حالة إنكار شديدة” و”إرباكاً” داخل الدبلوماسية الجزائرية، خاصة بعد أن أضحى الحكم الذاتي هو “الأرضية السياسية الوحيدة لأي مفاوضات”. وبناءً على ذلك ترى التحليلات أن ادعاء الجزائر تقديم وساطة “يفتقد لكل مقومات الوساطة النزيهة والمحايدة”، نظراً لتورطها التاريخي في تأسيس الكيان الانفصالي ودعمه بالمال والسلاح.

وفي هذا الإطار قال لحسن أقرطيط، الباحث في العلاقات الدولية: “إن تصريح وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بخصوص وساطة الجزائر هو في اعتقادي سياسة هروب إلى الأمام، ومحاولة للتنصل من المسؤولية”، مشددا على أن “قرارات مجلس الأمن كلها كانت واضحة في تحديد الجزائر كطرف رئيسي في هذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء”.

ويضيف الباحث ذاته ضمن تصريح لهسبريس أن “المعطيات التاريخية تثبت أن الجزائر من الدول المؤسسة للكيان الانفصالي والداعمة له عسكرياً ومالياً، وبناءً عليه فإنها تمتلك قرار جبهة البوليساريو وقادت حرباً بالوكالة ضد المملكة المغربية عبر دعم البوليساريو”.

ويرى أقرطيط أن هذا التصريح هو “محاولة للالتفاف على القرار 2797 والتحايل على الشرعية الدولية بخصوص هذا النزاع”، وتابع: “التصريح يعكس حالة إنكار شديدة، وهي حالة مرضية، حيث تجد الجزائر نفسها محاصرة على الصعيد الدولي؛ ويعود ذلك إلى أن الحكم الذاتي أصبح قلب الشرعية الدولية والأرضية السياسية الوحيدة لأي مفاوضات”.

ويؤكد الخبير ذاته أن الفاعلين الدوليين، من خلال الإجماع الذي حصل داخل مجلس الأمن، “اتخذوا موقفاً إيجابياً جداً بخصوص مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، ونتيجة لذلك يواجه النظام الجزائري مأزقاً يتمثل في العجز عن إدارة السردية التي ثبتها ورسخها في الداخل الجزائري”.

من جانبه يؤكد عبد الفتاح الفاتحي، خبير إستراتيجي في نزاع الصحراء ومدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن “التصريح الجزائري الجديد لا يخفي حجم العزلة الدولية التي تعيشها الدبلوماسية الجزائرية لعدم التعاون مع المؤسسات الدولية، كمجلس الأمن الدولي، على تنفيذ قراراته حول الصحراء”.

ويشير الفاتحي، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن هذا يأتي نتيجة “استمرار دعم الجزائر المالي والعسكري لجبهة البوليساريو، لمزيد من الاحتقان وتهديد قيم السلم والأمن الدولي”، مضيفا أن “الجزائر تصر على مواصلة العمل على عرقلة مختلف مسارات إيجاد تسوية سياسية لحل نزاع الصحراء”.

ويعتبر الخبير ذاته أن إعلان وزير الخارجية الجزائري عن استعداد بلاده لتقديم الدعم لأي مبادرة وساطة هو “ادعاء يفتقد لكل مقومات الوساطة النزيهة والمحايدة”، مشددا على أن “الجزائر طرف رئيس في نزاع الصحراء، حيث تنصب نفسها وصية على صنيعتها الجبهة”.

وفي إطار متصل يرى الفاتحي أن الجزائر “خلافاً للإجماع الدولي تصر على دعم تنظيم انفصالي بالمال والسلاح، بما يهدد قيم السلم والأمن الدوليين في المنطقة؛ وطالما أنها ترفض الوساطات الدولية فإن ادعاء دعم الوساطة هو مسعى لإعادة تلميع صورتها في مسيرة النزاع”.

ويختتم الخبير تحليله بقوله إن “هذا الخروج الإعلامي محاولة لالتقاط أنفاس الدبلوماسية الجزائرية المنهكة بالفشل في تقويض الإرادة الدولية في إيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء؛ وبذلك فهي تحاول قدر الإمكان التنصل من التوصيات التي وثقها مجلس الأمن الدولي في ما يخص إحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف وإلزام الجبهة بالوفاء بشروط الاتفاق العسكري رقم 1 لوقف إطلاق النار، والدخول في مفاوضات جدية على أساس مبادرة الحكم الذاتي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا