كشف شكيب بنموسى، المندوب السامي للتخطيط، خلال عن توجه جديد يروم إعادة هيكلة المندوبية السامية للتخطيط وتوضيح أدوارها في تقييم السياسات العمومية، في إطار تنزيل التوجيهات الملكية الصادرة سنة 2021 بشأن مراجعة مهام هذه المؤسسة الاستراتيجية.
وأوضح بنموسى خلال مناقشة الميزانية الفرعية لمندوبية التخطيط، أمس الأربعاء، بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بمجلس النواب، أن العمل جار لإعداد نص قانوني يؤطر مهام المندوبية بشكل أدق، بما يضمن وضوح أدوارها وتكاملها مع باقي المؤسسات الوطنية التي تتقاسم مهام التقييم والإحصاء، مشددا على ضرورة الحفاظ على استقلالية المندوبية وحيادها العلمي لضمان مصداقية المعطيات والنقاش العمومي القائم على أسس علمية وموضوعية.
وأشار المندوب السامي إلى أن من بين النصوص القانوني التي تحتاج تحديث هي المنظومة الإحصائية الوطنية يعد من الأولويات، داعيا إلى تعزيز التنسيق بين مختلف المؤسسات المنتجة للبيانات، سواء عبر توحيد المفاهيم والمنهجيات أو عبر تبادل المعطيات وتفادي تكرار الأبحاث، بما يحقق النجاعة ويوفر معطيات دقيقة لصناع القرار، مؤكدا أن الإحصاءات يجب أن تكون في متناول المؤسسات العمومية والمجتمع العلمي، حتى تكون قاعدة للنقاش الوطني الرصين حول مستقبل السياسات العمومية.
كما تطرق بنموسى إلى نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير، مبرزا أنه مكن من تحيين شامل للمعطيات الديموغرافية والاجتماعية، وصولا إلى مستوى الحي والدوار، وهي معطيات غير متاحة في باقي البحوث العادية، موضحا أن هذه النتائج تغذي عددا من القطاعات الحكومية التي اعتمدتها لتقييم برامجها وتكييف سياساتها الاجتماعية، مع احترام تام للسرية الفردية للبيانات.
كما كشف المسؤول أن المعطيات الأولية تشير إلى تراجع معدلات الخصوبة واستمرار ارتفاع عدد السكان إلى غاية أفق 2040، مما يستدعي استباق التحولات الديموغرافية من خلال سياسات تراعي تغيرات بنية الأسر المغربية. وأعلن عن بحث وطني شامل حول الأسر المغربية يشمل حوالي عشرين ألف أسرة، مبرزا أنه سيساهم في فهم عميق للتحولات التي تعرفها بنية الأسرة المغربية، من حيث الحجم، ونمط العيش، والتماسك الداخلي، والأدوار الاجتماعية داخلها، على أن تصدر نتائجه في أواخر سنة 2025 وبداية 2026.
وأكّد بنموسى أن هناك تنسيقا واتفاقيات مع الحكومة، لكن ليس اتفاقا على الأرقام أو النتائج، بل يتعلق الأمر باتفاق حول تبادل المعطيات، نظرا لكون بعض المعلومات متوفرة لدى وزارات ومؤسسات مختلفة، موضحا أن التنسيق يشمل أيضاً توحيد المفاهيم والمناهج، مشدداً على أنه “في حال غياب اتفاق حول هذه المفاهيم والمصطلحات، فمن الطبيعي أن تكون النتائج مختلفة”.
وأضاف المسؤول أن التنسيق بين مختلف الأطراف يظل أساسيا، مع التأكيد على وجود احترام تام لاستقلالية المؤسسات، وضمان الجدية والجودة في المعطيات المنتجة، مبرزا أن هذا الحرص يشكّل جزءا من دور المندوب السامي ومن عمل الأطر المنخرطة في هذا الاتجاه.
وفي ما يتعلق بالإحصاءات الاقتصادية، أوضح بنموسى أن المندوبية دخلت مرحلة مراجعة سنة الأساس للحسابات الوطنية من 2014 إلى 2022، في إطار مراجعة شاملة تشمل الحسابات القطاعية والجهوية، مشيرا إلى أن هذه العملية التقنية الدقيقة تتطلب دراسات بنيوية معمقة لضمان دقة المؤشرات الوطنية وعلى رأسها الناتج الداخلي الخام.
وأكد المندوب السامي أن المغرب يستعد أيضا لاعتماد مفاهيم جديدة في إحصاءات سوق الشغل، بتنسيق مع منظمة العمل الدولية، بهدف إدماج التحولات العالمية في طرق احتساب مؤشرات التشغيل والبطالة، مبرزا أن المندوبية سترفع حجم العينة في بحوث الشغل من 90 ألف إلى 132 ألف أسرة، مما سيمكن من تحليل أوفى للواقع الجهوي والإقليمي في سوق العمل.
ولم يغفل بنموسى التأكيد على أن الرأسمال البشري يشكل القوة الحقيقية للمندوبية، مشيدا بالكفاءات الوطنية التي تشتغل في المجال الإحصائي وتساهم في تكوين أطر جديدة تخدم مختلف مؤسسات الدولة، مبديا استعداد المندوبية للتعاون الدائم مع البرلمان في مناقشة نتائج الأبحاث أو القضايا ذات البعد الاستراتيجي، دعما للنقاش العلمي والمؤسساتي حول التنمية بالمغرب.
وخلص المتحدث إلى التأكيد على أن المندوبية السامية للتخطيط تبقى مؤسسة مستقلة، علمية، ومرجعية وطنية في إنتاج المعطيات والتحليل الموضوعي، وستواصل تطوير أدواتها البحثية والإحصائية لتكون في صلب دعم القرار العمومي وتحقيق التنمية المستدامة.
المصدر:
العمق