أكد عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن مشروع التكوين الميسر يندرج في إطار مقاربة عملية لتجاوز الاكتظاظ بالجامعات وتحسين ظروف الدراسة والتدريس، مشددا على أن الإصلاح الحقيقي يتطلب الانتقال من مرحلة التشخيص إلى التنفيذ الميداني رغم ما يواجهه من مقاومة داخل المنظومة الجامعية.
وأوضح الوزير خلال جوابه على أسئلة النواب ضمن مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أمس الأربعاء، أن بعض الجامعات انخرطت جزئيا في التجربة من خلال فتح الماستر والدكتوراه فقط، في حين اعتمدت جامعات أخرى الصيغة الشاملة، مضيفا أن “هذا التفاوت طبيعي في البداية، وسنعمل على توحيد المعايير والآليات مع رؤساء الجامعات لضمان استقلالية المؤسسات وتحقيق العدالة المجالية في تطبيق المشروع”.
وأشار ميداوي إلى أن التكوين الميسر يسعى لإعادة الجاذبية للجامعة العمومية ورد الاعتبار للأساتذة الباحثين، موضحا أن “العديد من الأساتذة غادروا المؤسسات الجامعية نحو فضاءات أخرى، ويجب أن نوفر لهم الحوافز التي تجعلهم يعودون للتدريس داخل الجامعة العمومية بكرامة وفي ظروف لائقة”.
وأكد الوزير أن بعض الجامعات تحقق مداخيل كبيرة من خلال برامج تدريس الموظفين، تصل إلى 13 مليار سنتيم، بينما تمنح الوزارة لهذه الجامعات فقط 4 ملايير سنتيم بين الاستثمار والتسيير، مشددا على أن هذا التكوين الميسر يمنح الأساتذة فرصة للتدريس في مجالات تخصصهم داخل الجامعة العمومية، بعيدا عن العمل في القطاع الخاص لدى ما وصفه بـ”مول الشكارة”، مع الالتزام التام بمبدأ مجانية التعليم.
وأوضح أن المحتوى المقدم للطلبة في التكوين الأساسي هو نفسه الذي يتلقاه الطلبة الموظفين والأجراء في التكوين الميسر ، مؤكدا أن العملية تساعد على تحسين وضعية الأساتذة والموظفين وتعزيز روح التخليق داخل المؤسسات الجامعية. وأضاف: “الهدف الأول هو الطالب، والثاني حسين ظروف العمل الجامعي، والثالث هو جعل الجامعة أكثر جاذبية وقدرة على التكوين والإشعاع العلمي والثقافي”.
وتطرق ميداوي إلى واقع البحث العلمي، موضحا أنه ليس كل الأساتذة يشاركون في البحث، كما هو الحال في الدول الأخرى، مشيرا إلى أن المغرب يملك نسبة كبيرة من الأساتذة غير النشطين في الإشراف على الأطروحات أو النشر العلمي، ما يستدعي إصلاحات تدريجية لتعزيز جودة التعليم وضمان استدامة أداء الجامعات.
وأشار الوزير إلى أن التجربة تهدف أيضا إلى رد الاعتبار للجامعة العمومية، وإعادة الجاذبية للأساتذة الباحثين، مع توفير الحوافز المناسبة لهم للعودة والتدريس بشرفهم داخل الجامعة العمومية. وأضاف أن المشروع يسعى لتوفير آليات جديدة للجامعة العمومية للحفاظ على إشعاعها وتمكينها من تطوير بنيتها التحتية وإنتاج موارد إضافية.
وفيما يخص الحكامة والتفتيش الجامعي، أكد ميداوي احترام الوزارة للإطار القانوني المنظم لعمل المفتشية العامة، التي تراقب المصالح الداخلية والخارجية للوزارة، بينما تخضع المؤسسات الجامعية العمومية لرقابة المجلس الأعلى للحسابات والتفتيشية العامة للمالية والنيابة العامة، مشدداً على أن الوزارة لا يمكنها توفيد المفتشية العامة إلى جامعة من تلقاء نفسها، لأن ذلك غير قانوني.
كما أكد على أن مشروع التكوين الميسر هو آلية لتخليق الفضاء الجامعي وتطوير أدائه الذاتي، داعيا إلى دعم الثقة في الجامعة المغربية ومواكبة الإصلاحات المرتبطة بالنظام الأساسي للأساتذة والنصوص التنظيمية الجاري المصادقة عليها، مع الحرص على استقلالية المؤسسات وتحقيق العدالة المجالية في التطبيق.
المصدر:
العمق