آخر الأخبار

باحثة فرنسية: قيّم الغرب التي عاش عليها ثمانية عقود انهارت

شارك

تعتبر الباحثة الفرنسية نيكول نيسّوتو، أن الغرب يعيش أعمق أزماته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، لأنه أصبح مهددا من الداخل، من شعوب غربية فقدت الثقة في الديمقراطية التي بنت مجدها خلال ثمانية عقود.

وأكدت نائبة رئيس معهد جاك دولور المتخصصة في الشؤون الأوروبية، في حوار لصحيفة لوفيغارو، أن ما يعرف بالغرب، أي التحالف بين أوروبا والولايات المتحدة على أساس الليبرالية الاقتصادية والديمقراطية السياسية وسيادة القانون قد انهار فعلا.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 من هو دودو كروس بيتوم المشتبه به في سرقة متحف اللوفر؟
* list 2 of 2 تلغراف: ما يحدث في نيجيريا ليس إبادة جماعية ضد المسيحيين بل هو أسوأ end of list

وقالت نيسوتو -في الحوار الذي أجرته معها إيزابيل لاسير- بمناسبة صدور كتابها "الانقسامات داخل الغرب"، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دمرت هذه الركائز الثلاث باستبدالها الليبرالية الاقتصادية بالحماية التجارية، والديمقراطية بالسلطوية، والقانون بالقوة.

مصدر الصورة الباحثة: بوتين (يمين) وترامب لا يختلفان في تجسيد احتقار القانون وازدراء الديمقراطية (غيتي)

وبهذه الطريقة -كما تقول الباحثة- قضى زعيم الدولة التي ابتكرت ما صنع مجد الغرب وقوته خلال ثمانية عقود، أي النظام الليبرالي الذي كان العالم كله يسعى إلى تقليده، مؤكدة قناعتها، أن ترامب ليس حدثا عابرا، وبالتالي من يظنون أن أميركا ستعود بعد الانتخابات إلى ديمقراطيتها الهادئة والطبيعية، يعيشون وهما.

خيبة مزدوجة

ووصفت نيسّوتو صعود ترامب بأنه ثورة مضادة للديمقراطية أكثر من كونه تحولا سياسيا، إذ يكشف عن تمرد شعبي غربي على النظام الديمقراطي نفسه، بعد أن مني المواطنون بخيبة مزدوجة، خيبة اقتصادية من العولمة التي أفادت الأغنياء وأفقرت الطبقات الوسطى، وخيبة سياسية من ديمقراطية لم تعد تحقق العدالة ولا المساواة في الخدمات.

وترى نيسّوتو، أن الأزمة تعود أيضا إلى تآكل دولة الرفاه في أوروبا، حيث صارت الديمقراطية تمنح حريات فردية واسعة، لكنها في المقابل أضعفت الخدمات العامة، مما جعل الناس يشعرون بأنهم أحرار أكثر، لكنهم غير محميين، وعليه فهم يرغبون في "تجربة شيء آخر"، ربما أنظمة أكثر صرامة أو سلطوية.

إعلان

وانتقدت الباحثة الفرنسية كذلك ما تسميه "الووكيسم" أو أيديولوجية الاستيقاظ، معتبرة أنها نتاج انحراف اليسار عن قضاياه الاجتماعية في الدفاع عن حقوق العمال والنساء، نحو قضايا الهوية والجندر، والاندفاع في خطاب أخلاقي وثقافي مفرط، ساهم في إضعاف قاعدته الشعبية وفتح المجال للشعبويات.

وترى الباحثة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يختلف عن ترامب، لأن كل واحد منهما يجسد احتقارا للقانون وازدراءً للديمقراطية، ويمارس تدخلات سياسية في الخارج، الأميركيون علنا والروس سرا، إلا أن الغرب يتغاضى عن الانحراف الأميركي لأنه لا يتصور أن تصبح أميركا عدوا للديمقراطية.

ونبهت نيسّوتو إلى أن المؤسسات الأميركية التي كانت تعد حصونا للديمقراطية فقدت قدرتها على المقاومة، وأن "العمل التخريبي للديمقراطية" قد أنجز جزءًا كبيرا من أهدافه، في وقت لا يزال فيه الديمقراطيون عاجزين عن الاعتراف بمسؤوليتهم في الانهيار السياسي الأخير.

الديمقراطية لم تمت بعد، لأن جيل الشباب في العالم، ولا سيما الجيل زد يطالب بالكرامة والحرية والاحترام، وهي قيم لا تزال حية، لكن استمرارها يتطلب دفاعا فعالا وإصلاحا جذريا للنظام الاقتصادي الليبرالي

الشعارات لن تنقِذ الديمقراطية

ورغم هذا التشخيص القاتم، ترى نيسّوتو، أن الديمقراطية لم تمت بعد، لأن جيل الشباب في العالم، ولا سيما " الجيل زد " يطالب بالكرامة والحرية والاحترام، وهي قيم لا تزال حية، لكن استمرارها يتطلب دفاعا فعالا وإصلاحا جذريا للنظام الاقتصادي الليبرالي الذي أنتج التفاوتات الحالية.

ومع أن أوروبا تمتلك فرصة أفضل من الولايات المتحدة للصمود بفضل ذاكرتها التاريخية مع الفاشية والشيوعية -كما ترى الباحثة- فإنها تواجه مأزقا إستراتيجيا، سمته نيسوتو "المأساة الأوروبية"، وهو أن الدفاع عن الديمقراطية يستدعي الاستقلال، في حين أن الدفاع عن الأراضي الأوروبية لا يزال يعتمد على المظلة الأميركية.

أما بالنسبة لفرنسا بصفة أخص، فترى الباحثة أن أزمتها السياسية الداخلية قوضت تأثيرها الدولي، رغم أنها كانت على مدى عقود منبع الأفكار الأوروبية الكبرى.

وخلصت نيسّوتو إلى أن الديمقراطية لن تنقذ بالشعارات، بل بإصلاح الاقتصاد والسياسة معا، ودعت إلى إعادة بناء ديمقراطية فعالة وعادلة من خلال تقليص الفوارق في الدخل، ومراقبة أداء دولة الرفاه، وتشديد الانضباط في قضايا الهجرة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا