قال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي أحمد السليمي إن النقاش حول إمكانية إجراء تعديل دستوري في المغرب ما يزال سابقا لأوانه، موضحا أن المتغيرات التي حملها قرار مجلس الأمن الأخير بشأن قضية الصحراء تفرض إعادة ترتيب الأولويات، وفي مقدمتها تقوية وتحيين مضامين مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل سياسي نهائي للنزاع، قبل التفكير في إدماجه ضمن تعديل دستوري شامل.
وأوضح السليمي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق”، أن القرار الأممي الأخير رسخ بشكل واضح واقعية وجدية المقترح المغربي، مما يستدعي الانتقال من مستوى الإعلان السياسي إلى مستوى البناء المؤسساتي. وأبرز أن ذلك يتطلب مراجعة الوثيقة المرجعية للحكم الذاتي لتحديد الصلاحيات التي ستتولاها الهيئات المحلية في الأقاليم الجنوبية، وكيفية توزيع الاختصاصات بينها وبين الدولة المركزية على المستويات التشريعية والتنفيذية والإدارية.
وفي السياق ذاته، دعا السليمي إلى تقييم تجربة الجهوية المتقدمة في الأقاليم الجنوبية، باعتبارها مرحلة انتقالية عملية يمكن اعتمادها أساسا لتطوير النموذج النهائي للحكم الذاتي. وأشار إلى أن التجربة الحالية أظهرت إمكانات مهمة في تدبير الشأن المحلي وتوسيع المشاركة السياسية والاقتصادية للسكان، لكنها ما تزال في حاجة إلى مزيد من الهيكلة والتقوية على مستوى التمثيلية والتمكين المالي وتوزيع الموارد.
وتطرق السليمي أيضا إلى ملف عودة المسلحين الموجودين في مخيمات تندوف، معتبرا أن هذا الملف يشكل جزءا أساسيا من التسوية الشاملة للنزاع. ودعا إلى بلورة مقاربة تقوم على رعاية أممية تضمن إدماجهم في إطار اجتماعي وقانوني وأمني متوازن، بما ينسجم مع مقتضيات الحكم الذاتي ويسهم في تعزيز الاستقرار داخل المنطقة.
وأكد السليمي أن النموذج المغربي للحكم الذاتي لا يمكن نسخه أو استعارته من تجارب دول أخرى، لأن للمنطقة خصوصيات تاريخية وثقافية وقبلية وسياسية تجعل أي حل قابل للتنفيذ رهينا بانبثاقه من السياق الوطني المغربي وتفاعلاته الداخلية، لا من نماذج جاهزة قد لا تناسب الواقع المحلي.
وختم السليمي تصريحه بالتأكيد على أن النقاش الدستوري سيأتي في مرحلة لاحقة، بعد بناء أسس قانونية ومؤسساتية واضحة لمضامين الحكم الذاتي، معتبرا أن المغرب يدخل اليوم مرحلة دقيقة من المفاوضات تتطلب تعزيز الثقة وتثبيت المكاسب وترسيخ الأرضية القانونية قبل الانتقال إلى مرحلة دسترة الحل النهائي.
المصدر:
العمق