أكد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي مستورا، أن القرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول الصحراء، تضمن إشارات واضحة إلى سيادة المغرب، وإلى الأطراف المعنية بالنزاع، وهي كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وشدد دي مستورا في مؤتمر صحفي عقده عبر الفيديو من بروكسل، مساء الأربعاء، على أن قرار مجلس الأمن صيغ “بعناية بالغة”، وأن كل كلمة فيه تحمل رسالة محددة يمكن أن تقود إلى مفاوضات حقيقية حول مآل النزاع.
وأوضح المسؤول الأممي في جوابه على سؤال لصحيفة “القدس العربي”، أن القرار الأممي الجديد “يتضمن رسائل كثيرة يمكن، إذا استُخدمت بالشكل المناسب، أن تفتح الباب أمام نقاش جاد ومثمر حول مستقبل هذا الملف”.
وأبرز دي مستورا أن القرار أشار بوضوح إلى مبدأ تقرير المصير، إلى جانب سيادة المغرب، وذكر ميثاق الأمم المتحدة والحاجة إلى حل متفق عليه بين الطرفين.
وأضاف أن القرار تطرق إلى “حكم ذاتي حقيقي وليس مجرد حكم ذاتي”، وهو ما يعكس -حسب تعبيره- انفتاحا على تقديم أفكار بناءة تسهم في الوصول إلى حل نهائي متوافق عليه.
ويرى دي مستورا أن المرحلة المقبلة “يمكن أن تبدأ بنقاش محدود ثم تصبح أكثر انفتاحا لاحقا، مشيرا إلى أن القرار شدد على عدم وضع شروط مسبقة، مما يساعد على تجاوز العراقيل في بداية العملية التفاوضية.
وقال دي مستورا إن القرار يمنح تفويضا واضحا للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، ليس فقط لتسهيل المفاوضات، بل لقيادتها فعليا، مضيفا أن كل ذلك يتم “على أساس خطة الحكم الذاتي، مع الانفتاح على أفكار أخرى بناءة”.
كما نوه المسؤول الأممي إلى أن القرار تضمن تمديد ولاية بعثة المينورسو، مبرزا أن هذا التمديد يضمن الاستقرار الضروري لمواكبة الجهود السياسية المقبلة.
ولفت إلى أنه “لن يتحدث نيابة عن أي طرف”، مشيرا إلى أنه سيجري التواصل مع جبهة البوليساريو في المرحلة المقبلة ضمن تنفيذ القرار الجديد، مؤكدا أن الهدف هو تهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات جدية ومباشرة بين جميع الأطراف المعنية.
وكان مجلس الأمن قد اعتمد القرار رقم 2797 الذي وُصف بـ”التاريخي” و”الحاسم” في ملف الصحراء المغربية، حيث حضي القرار بتأييد 11 عضوا من من أعضاء المجلس الخمسة عشر، وامتناع 3 دول عن التصويت (روسيا، الصين، باكستان)، فيما قررت الجزائر عدم المشاركة في التصويت.
الحكم الذاتي أساس التفاوض
وخلال المؤتمر الصحفي ذاته، قال دي مستورا إن “العمل الحقيقي يبدأ الآن نحو حل متفق عليه لصراع ممتد لخمسين عاما”، لافتا إلى أنه يُعول على الأطراف وأعضاء مجلس الأمن في الانخراط البناء والمستمر من أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي.
وأضاف أنه سيتخذ -وفق قرار المجلس- من الخطة المغربية للحكم الذاتي لعام 2007، أساسا لهذه المفاوضات، مردفا: “وبعد ذلك -ونأمل أن يكون في أقرب وقت- سنأخذ في الاعتبار خطة المغرب الموسعة كمُدخل، فضلا عن استخدام ورقة جبهة البوليساريو وغير ذلك من الأفكار ذات الصلة”.
وأعرب المبعوث الأممي عن تطلعه ليرى “من المغرب فحوى خطة موسعة ومحدثة للحكم الذاتي وفق ما طلبتُ في خطابي أمام مجلس الأمن في 16 أكتوبر 2024، وكما أعلن جلالة الملك محمد السادس في خطابه مؤخرا”.
وشدد دي مستورا على أن القرار “يوفر إطار عمل -وأؤكد على هذه الكلمة- للمفاوضات، ولا ينص على نتيجة والتي كالعادة -ومن أجل أن تصبح مستدامة- ستنجم عن مفاوضات تُجرى بحسن نية”، موضحا أن “الانخراط في التفاوض لا يعني تلقائيا القبول بالنتيجة، ولكن المهم أن يكونوا جزءا منها”.
وتابع بالقول: “إن خطتنا ستكون في البداية، دعوة جميع الأطراف إلى تقديم مقترحات واقتراحات للسماح للأمم المتحدة بتطوير أجندة واسعة للمحادثات المباشرة أو -حتى إذا اقتضت الضرورة- غير المباشرة حول القضايا الأكثر أهمية”.
واعتبر المتحدث أن الأمانة العامة للأمم المتحدة “تشبه أحيانا القارب، فهي تتمتع بالخبرة للوصول إلى وجهة آمنة، ولكن فعل ذلك يتطلب رياحا قوية ومستمرة، بما يعني انخراطا جادا من عضو أو أكثر في مجلس الأمن الدولي وما وراء ذلك” وفق تعبيره.
وأضاف أن قرار مجلس الأمن رقم 2797 كان نتيجة انخراط نشط للغاية من واضعي القرار، عبر مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي، والسفير مايك والتز، الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وأعضاء آخرين في مجلس الأمن، بمن فيهم “ربما من امتنعوا عن التصويت أو لم يُصوتوا”، حسب قوله.
المصدر:
العمق