تجنب مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، التعليق على تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في البرلمان المغربي، حول المقاومة الفلسيطينية التي وصفها بـ”الهمجية”.
وتلقى بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت مجلس الحكومة، اليوم الخميس، سؤالا صحفيا حول تعليق الحكومة على الانتقادات الواسعة التي أثارتها تصريحات ماكرون حول حركة “حماس” من داخل البرلمان المغربي.
وفي رده على السؤال، اكتفى الوزير بالإشادة بزيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، واصفا إياها بـ”الناجحة جدا والموفقة”، مشيرا إلى أنها تعمق الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.
وأضاف بايتاس في إجابة مقتضبة عن السؤال، قائلا: “لا يمكن إلا أن نكون سعداء جميعا بهذ الشراكة، وتعميقها سيفتح آفاقا كبيرة جدا على مستوى التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي” بين البلدين.
وكان ماكرون قد قال في خطاب ألقاه بالبرلمان المغربي، أول أمس الثلاثاء، إن “يوم 7 أكتوبر 2023 شهد هجوما همجيا ارتكبته حماس ضد إسرائيل وشعبها”، معتبرا أنه من “حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، وفق وصفه، كاشفا أن “فرنسا خسرت 48 من مواطنيها في الهجوم، فيما لا يزال اثنان ضمن الرهائن في غزة”.
غضب واحتجاجات
وأثارت تصريحات الرئيس الفرنسي أمام البرلمانيين المغاربة، انتقادات واسعة من طرف برلمانيين وسياسيين وهيئات حقوقية وجمعوية، فيما تظاهر العشرات أمام القنصلية الفرنسية بالبيضاء، أمس الأربعاء، تنديدا بتلك التصريحات، في وقفة فضتها عناصر الأمن بالقوة.
كما خرجت عدة مظاهرات في مدن أخرى، يومي الثلاثاء والأربعاء، خاصة بالرباط وطنجة ومراكش، نظمتها كل من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ومجموعة العمل من أجل فلسطين، تنديدا بتصريحات ماكرون حول حركة “حماس”.
وفي هذا الصدد، بعث رئيس الحكومة السابق والأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس الفرنسي، مشيرا إلى أن فرنسا “تتحمل مسؤولية تاريخية عن قلب الحقائق والتاريخ والمسؤوليات، وإزاء المآسي الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال بشكل منهجي ضد النساء والأطفال المدنيين”.
واعتبر ابن كيران أن وصف ماكرون للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة بأنها “دفاع عن النفس”، “يشكل ظلماً كبيرا وإهانة شنيعة للشعب الفلسطيني المضطهد منذ عام 1948 على الأقل، ولمئات الآلاف من النساء والأطفال المدنيين الذين أبادهم الجيش الإسرائيلي أو شوههم منذ 7 أكتوبر 2023، وتشجيع وترخيص بالقتل لجيش الاحتلال الهمجي على مواصلة هذا التطهير العرقي وهذه المذابح غير المسبوقة”.
كما أعلنت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن رفضها لخطاب ماكرون تجاه المقاومة الفلسطينية، كاشفة أنها “تداولت في إصدار رد فعل آني أثناء إلقاء الرئيس الفرنسي لخطابه، إلا أنه واحترامًا له باعتباره ضيفا للملك، وامتثالا لنهج المغاربة في التعامل مع ضيوفهم، قررنا العدول عن رد الفعل المتفق عليه”.
بدورها، رفضت البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، خطاب ماكرون عن حركة “حماس”، معتبرة أن “هذا الخطاب يكشف عن النفاق الصارخ للدولة الفرنسية التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تستمر في دعم وتسليح الكيان الصهيوني الذي يمارس أبشع أنواع الإرهاب”.
ومن بين الهيئات التي نددت بتصريحات ماكرون حول المقاومة الفلسطينية، حركة التوحيدة والإصلاح، جماعة العدل والإحسان، مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.
خطاب ماكرون
يُشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعتبر في خطابه بالبرلمان المغربي، أنه لا شيء يبرر الحصيلة الإنسانية الكارثية في غزة والمعاناة التي يعانيها المدنيون في القطاع، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وتحرير الرهائن وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
وفيما يخص لبنان، قال ماكرون إنه يجب إطلاق وقف النار والعمليات العسكرية، مضيفا: “نعمل على ذلك منذ أسابيع، بالتواصل مع شركائنا الأمريكين وغيرهم”، مضيفا: “تماشيا مع هذا الموقف، دعوت إلى وقف إرسال الأسلحة التي تُستخدم في العمليات العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان”.
ويرى ماكرون أن “طريق الدبلوماسية ممكن، وهو الذي تدعمه فرنسا من أجل السماح لشعوب إسرائيل وفلسطين ولبنان بتحقيق طموحاتهم بالأمن والسلام والاستقرار والعودة إلى منازلهم”، مشددا على أن “فرنسا متمسكة بحل الدولتين، ويجب إعادة إحياء هذا المسار لإرساء السلام الدائم بالشرق الأوسط” حسب قوله.
ويوم الإثنين المنصرم، دعا الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى وقف فوري للهجمات في غزة ولبنان، مؤكدان على أولوية حماية السكان المدنيين، وأهمية ضمان وتيسير وصول المساعدات الإنسانية الكافية، مع وضع حد لتأجيج الوضع على المستوى الإقليمي.
جاء ذلك خلال مباحثات أجراها الملك محمد السادس، الاثنين بالقصر الملكي بالرباط، مع رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، والذي قام بزيارة دولة للمغرب من 28 إلى 30 أكتوبر، بدعوة من الملك.