اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، سعيد الصديقي أن قضية الصحراء ليست السبب المباشر للصراع بين المغرب والجزائر، بل نتيجة له، معتبرًا أن الحوار وتبني خيار “اليد الممدودة” الذي دعا إليه الملك محمد السادس هو الأنسب والأقل كلفة لتحقيق الاستقرار بين البلدين.
وأكد الصديقي أن الخيار الأمثل لحل قضية الصحراء يتمثل في الحوار وإعادة بناء الثقة بين المغرب والجزائر، موضحا أنه رغم وجود خيارات أخرى مثل تغيير موازين القوى أو خروج أحد الطرفين من المعادلة، فإن خيار إعادة الثقة هو الأكثر استدامة والأقل تكلفة، فيما يظل السيناريو الأول والثاني مطروحا دائما.
وشدد المتحدث ذاته، في مداخلة له ضمن ندوة علمية وطنية بعنوان “قضية الصحراء المغربية: تحديات ومهام المرحلة”، نظمها حزب العدالة التنمية، بمقره المركزي بالرباط اليوم الخميس، على أن قضية الصحراء قد ظهرت في ظل الحرب الباردة، لكنها ليست نتيجة مباشرة لها، على الرغم من تأثرها بها.
وأوضح أن جذور القضية تمتد إلى أسباب إقليمية محضة، لكن الاستقطاب العالمي بين المعسكرين الشرقي والغربي حينها أدى إلى تعقيد المسألة، حيث أيدت بعض الدول التابعة للمعسكر الشرقي ما يُسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، مشيرا إلى أن انتهاء الحرب الباردة لم يحل قضية الصحراء، وإنما أتاح فقط للمغرب توسيع قاعدة الدول التي تعترف بسيادته على الأقاليم الجنوبية.
ووصف الصديقي النظام المغاربي الحالي بنظام “ثنائي القطب”، لاتسامه بتنافس شديد وسوء الثقة بين المغرب والجزائر، ووفقًا لتحليله، فإن هذا التنافس لم يُبن على قضية الصحراء وإنما تعود أسبابه إلى طبيعة العلاقة بين الدولتين قبل بروزها كقضية، ما يجعل الصحراء نتيجة للصراع السياسي بينهما، لا سببه، موضحا أن الجزائر، وإن لم تكن سببًا في ظهور القضية، استثمرت فيها لإعاقة جهود المغرب لتعزيز نفوذه في المنطقة.
وأشار الصديقي إلى أن غياب منظمة إقليمية قوية وفعالة، مثل الاتحاد الأوروبي، يزيد من حالة الفوضوية في النظام المغاربي، وأوضح أن هذه الفوضى قد لا تؤدي إلى حرب مباشرة بين المغرب والجزائر، لكنها ستستمر في تصعيد التوترات بينهما بشكل متكرر.
واعتبر أن المغرب، الذي كان لسنوات يعتمد استراتيجية دفاعية، بدأ يتخذ زمام المبادرة منذ تقديمه مقترح الحكم الذاتي للصحراء في 2007، موضحا أن هذا المقترح جاء في سياق دولي يشهد تشكّل نظام متعدد الأقطاب، مما أتاح للمغرب هامشًا أوسع للتحرك وفرض مطالبه، وفق تعبيره.
كما أشار إلى أن المملكة، من خلال توسيع دائرة الشراكات الاستراتيجية، باتت تتبنى نهجًا يعتمد المرونة والحزم في الدفاع عن مصالحها، كما تجلى في تعاملها مع عدة دول أوروبية في السنوات الأخيرة، ما ساهم في تأييد مواقفها حول الحكم الذاتي للصحراء.
وفيما يخص المكاسب على الأرض، أشار الصديقي إلى أن المغرب استطاع فرض واقع جديد جنوب وشرق الجدار الأمني في الصحراء، مثلما حدث في معبر الكركرات، حيث تمكن من فرض سيطرته وإيقاف تحركات جبهة البوليساريو، موضحا أن دعم المغرب من قبل حلفائه العرب والأوروبيين ساعده في تعزيز موقفه، حيث تمكن من إحباط أي محاولات للبوليساريو لتنظيم أنشطة سياسية في المناطق القريبة من الجدار الدفاعي.