كشفت مصادر طبية مسؤولة من مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم أزيلال عن مستجدات الوضع الصحي المتعلق بحالات الاختناق والتسمم الناتجة عن وسائل التدفئة، مؤكدة لجريدة “العمق المغربي”، ارتفاع الحصيلة الإجمالية للحالات التي استقبلتها المستعجلات إلى 23 حالة، وذلك تزامنا مع موجة البرد القارس التي تعرفها المنطقة والتي تدفع السكان إلى استخدام وسائل تدفئة متنوعة داخل المنازل.
وأكدت المعطيات التي أوردها المصدر الطبي ذاته أن المصالح الاستشفائية سجلت مساء أمس أربع حالات تسمم جديدة انضافت إلى الحالات التسعة عشر السابقة التي تم الإعلان عنها في وقت سابق، حيث توزعت الحالات الجديدة بين ثلاث حالات قادمة من مركز أزيلال وحالة واحدة وافدة من منطقة أوزود، مما رفع العدد الإجمالي للمصابين بأعراض الاختناق إلى ثلاثة وعشرين شخصا تلقوا جميعهم العلاجات الضرورية.
وأوضح المصدر المسؤول في تصريحه لـ”العمق”، أن هذه الحوادث لا تتعلق بحالة تسمم جماعي واحدة أو حدث واحد كبير، بل هي حالات متفرقة ومعزولة زمنيا ومكانيا، حيث تم استقبال المصابين بشكل متقطع على مدار الأيام الماضية، بدءا من يوم الجمعة وصولا إلى يوم أمس الأربعاء، مشيرا إلى أن غالبية هذه الحالات، وتحديدا ما نسبته 90 بالمائة منها، تتوافد على المستشفى في أوقات متأخرة من الليل.
وأشار المتحدث باسم المصالح الصحية إلى أن السبب الرئيسي وراء هذه الحالات يعود بالأساس إلى استخدام الفحم الخشبي “المجمر” للتدفئة، بالإضافة إلى سخانات الماء التي تعمل بالغاز وتكون مثبتة في أماكن ضيقة أو مغلقة داخل المنازل، حيث يؤدي الاحتراق غير الكامل لهذه المواد إلى انبعاث غاز أحادي أكسيد الكربون، وهو غاز سام وخطير لا لون له ولا رائحة، مما يجعله قاتلا صامتا يتسبب في استنشاق الضحايا له وفقدانهم للوعي دون أن يشعروا بوجوده.
ونبه المصدر ذاته إلى السلوكيات الخاطئة التي ترافق عملية التدفئة، حيث يعمد المواطنون بسبب قساوة البرد وانخفاض درجات الحرارة إلى إغلاق جميع المنافذ والنوافذ والباب الرئيسي لإحكام تدفئة الغرف، مما يمنع تجدد الهواء ويؤدي إلى تشبع المكان بالغازات السامة المنبعثة من “المجمر” أو أجهزة التدفئة الأخرى، وهو ما يعرض حياة الأسر لخطر الاختناق والموت المحقق إذا لم يتم التفطن للأمر في الوقت المناسب.
وسجلت الأطقم الطبية والتمريضية، وفقا لما ذكره المصدر، نجاحا في التعامل مع كافة الحالات الوافدة، حيث لم يتم تسجيل أي حالة وفاة في صفوف المصابين الثلاثة والعشرين، مؤكدا أن جميعهم تلقوا الإسعافات اللازمة وغادروا المستشفى أو تماثلوا للشفاء بفضل التدخل الطبي السريع والفعال، رغم توافد بعض الحالات في ساعات متأخرة جدا من الليل تتطلب يقظة دائمة من المداومين في قسم المستعجلات.
وشددت الجهات الصحية في ختام توضيحاتها على ضرورة أخذ الحيطة والحذر أثناء استعمال وسائل التدفئة التقليدية أو الغازية، وضرورة ترك منافذ للتهوية وعدم إدخال “المجمر” إلى غرف النوم المغلقة، مشيرة إلى أن الحملات التحسيسية مستمرة لتوعية المواطنين بخطورة هذا الغاز الصامت الذي يهدد السلامة الصحية للساكنة خلال فصل الشتاء.
المصدر:
العمق