في خطوة تهدف إلى تعزيز مرونة قطاع الصيد البحري ومواكبة تحدياته المستقبلية، صادق مجلس إدارة المكتب الوطني للصيد (ONP)، المنعقد أمس الأربعاء 17 دجنبر 2025 بالرباط، على مخطط العمل ومشروع الميزانية برسم سنة 2026.
وشكل الاجتماع، الذي ترأسته زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، فرصة لتقييم حصيلة السنة الجارية ورسم معالم استراتيجية طموحة ترتكز على تحديث البنيات التحتية ورقمنة الخدمات.
واستهل المجلس أشغاله بالاطلاع على الظرفية الاقتصادية للقطاع، حيث كشفت الأرقام المسجلة إلى غاية متم شهر نونبر 2025 عن تحديات واجهت أنشطة الصيد الساحلي والتقليدي.
وبلغت الكميات المسوقة عبر شبكة المكتب (أسواق الجملة، ونقط التفريغ المهيأة، وأسواق السمك بالجملة) ما مجموعه 1.21 مليون طن، بقيمة إجمالية ناهزت 10.28 مليار درهم.
وتشير هذه المؤشرات إلى تراجع بنسبة 13% في الحجم و4% في القيمة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، حيث أرجع المكتب هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تراجع مفرغات السفن المجهزة بنظام المياه المبردة (RSW)، التي تأثرت بقلة المصطادات.
ورغم هذه الظرفية الصعبة، أظهرت عمليات “البيع الثاني” في أسواق الجملة تحسنا طفيفا من حيث القيمة، مما يعكس دينامية تجارية إيجابية في قنوات التوزيع الداخلي.
وتفاعلا مع هذه المعطيات، صادق المجلس على مخطط عمل طموح لسنة 2026، يندرج ضمن رؤية شاملة تهدف إلى الهيكلة المستدامة لسلسلة القيمة السمكية، حيث يرتكز هذا المخطط على عدة محاور استراتيجية، منها تعزيز البنيات التحتية للتسويق، وتسريع التحول الرقمي، ودعم المهنيين وتثمين المنتوج.
في ما يخص البنيات التحتية للتسويق، يعتزم المكتب مواصلة تطوير شبكة التسويق عبر مشاريع مهيكلة تشمل تشييد سوق من الجيل الجديد بمدينة سيدي إفني، وإطلاق عمليات توسعة لأسواق السمك في بوجدور، واللبويردة، ولسارݣة.
كما سيتم استكمال إنجاز أسواق الجملة للسمك في مدينتي فاس والناظور، لتعزيز قدرات التوزيع الجهوي. كما يشمل المخطط إنشاء وحدات عصرية لإنتاج الثلج لضمان سلسلة تبريد فعالة ترفع من جودة المنتجات.
أما على صعيد التحول الرقمي، فيراهن المكتب على التكنولوجيا كرافعة للشفافية والنجاعة، حيث تشمل الخطط تعميم رقمنة عمليات البيع بالمزاد العلني لتشمل كافة الأسواق، بالإضافة إلى استكمال تنزيل النظام الوطني لتصنيف المنتجات السمكية (ETPQ) وتوسيع نطاق نظام تتبع المنتجات الموجهة لأسواق الجملة، بما يعزز الثقة في المنتوج الوطني ويضمن جودته.
ويولي المخطط اهتماما خاصا بالمهنيين في قطاع الصيد التقليدي والساحلي، من خلال تفعيل اتفاقية الشباك الدوارة في البحر الأبيض المتوسط، ومواكبة التعاونيات المهنية. كما يركز على تثمين المنتجات المحلية لرفع قيمتها السوقية وتحسين مداخيل المهنيين، بما يسهم في تعزيز استدامة القطاع وتنميته.
وفي ختام الاجتماع، شدد أعضاء مجلس الإدارة على أن نجاح هذه الأوراش الهيكلية رهين بانخراط فعلي وتعبئة جماعية لكافة المتدخلين، مؤكدين أن تحديث البنيات ورقمنة المساطر يتطلب حكامة ناجعة وحوارا مستمرا وبناء مع مهنيي القطاع لضمان تنزيل أمثل للمشاريع.
ويجدد المكتب الوطني للصيد، من خلال هذه القرارات، التزامه الراسخ بالمساهمة في التنمية المستدامة للقطاع، وتحسين جودة الخدمات، وخلق قيمة مضافة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمجالات الترابية للمملكة.
المصدر:
العمق