آخر الأخبار

"الأمن الغذائي أولا".. مركز مغربي يوصي بإعادة توجيه السياسات الفلاحية

شارك

بعد تفكيكها ما حققه مخططا “المغرب الأخضر” و”الجيل الأخضر” من “مكاسب اقتصادية، واستثمارية دينامية في القطاع”، وما خلّفاه من “اختلالات هيكلية عميقة تمس الأمن الغذائي والموارد الطبيعية، خاصة في ظل الإجهاد المائي الحاد”، أكدت ورقة تحليلية صادرة عن المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن مواجهة التحديات البنيوية وضمان استدامة القطاع الفلاحي تستوجب “تبني مقاربة جديدة ترتكز على مبدأ السيادة المائية قبل السيادة الغذائية”.

وفي هذا الصدد، دعا المركز إلى إعادة توجيه السياسات الفلاحية بما يجعل الأمن الغذائي الداخلي “أولا”، موضحا أنه “يجب إعادة توجيه الدعم والتحفيزات نحو الزراعات التي تضمن الأمن الغذائي الوطني: الحبوب والقطاني، وتقليل الاعتماد على الاستيراد”.

وأكد المصدر نفسه أهمية إصلاح الحكامة المائية من خلال “ربط الدعم الفلاحي بترشيد الماء، ومنع أو تقييد الزراعات مفرطة الاستهلاك للمياه في المناطق التي تعاني من استنزاف الفرشات الباطنية”.

وأشار المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة إلى بدء الحكومة “في اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه بوقف دعم الري الموضعي لبعض الزراعات”.

وشدد المصدر نفسه على “دعم المحاصيل التي تتكيف مع الجفاف وتتطلب كميات أقل من المياه، مثل الزيتون، النباتات الطبية والعطرية، وبعض أنواع الحبوب المقاومة”.

وفي الأساس، اقترحت الورقة “مجموعة من الإجراءات لإصلاح السياسات الفلاحية والمائية، بهدف تحقيق التوازن بين التنمية والاستدامة”.

توجيه الدعم

في مقدمة هذه الإجراءات، إعادة توجيه الدعم، عبر “تقليص إعانات الدولة في مجالات السقي والتشجير، مع توجيه الدعم نحو الزراعات المعيشية مثل الحبوب والخضر والقطاني، باعتبارها أساس الأمن الغذائي”، و”ترشيد استعمال المياه (عبر) فرض تقنيات حديثة لترشيد استعمال المياه، مع إمكانية استمرار دعم الدولة في هذا المجال تحديدا”.

كما دعا المركز سالف الذكر الحكومة إلى “إعادة النظر في دراسات الجدوى لبعض الزراعات، وتحديد مواقعها ومساحاتها بما يمنع التوسع على حساب الزراعات المعيشية والمراعي”، مشددا على أهمية “تشجيع التعاونيات والمؤسسات الاقتصادية في المناطق الصعبة والنائية، بهدف الحد من الهجرة وخلق فرص عمل مستدامة”.

وأكدت الورقة التحليلية أهمية “إعادة تقييم المراعي وتربية الماشية لتقليص الاستيراد وتشجيع الإنتاج الوطني، مع مراعاة خصوصيات كل منطقة”، داعية في الآن نفسه إلى “تعزيز التنسيق بين وزارات التجهيز والماء، والبيئة، والفلاحة لضمان انسجام السياسات وتكاملها”.

“مكتسبات واختلالات”

من بين “مكتسبات” مخطط المغرب الأخضر، التي رصدها التقرير، “ارتفاع الصادرات”؛ إذ “سجلت الصادرات الفلاحية والغذائية ارتفاعا قياسيا، حيث وصلت لأول مرة إلى حوالي 1.3 مليون طن خلال موسم 2018-2019″، و”توفير فرص عمل جديدة لفئات مختلفة من العمال والتقنيين، خاصة في سلاسل القيمة الموجهة للتصدير”، و”جلب رؤوس أموال مهمة للقطاع الفلاحي، سواء من القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي”. وقد بلغ إجمالي الاستثمارات ما بين 2008 و2018-مثلا-104 مليارات درهم.

لكن الورقة التحليلية ذاتها سجّلت “إهمال” مخطط المغرب الأخضر للأمن الغذائي للمغاربة، حيث جرى التركيز على زراعات موجهة للتصدير (مثل الأفوكادو والبطيخ الأحمر)”.

كذلك، جرى “تحديث الري بشكل كبير”، من خلال “توسيع المساحة المسقية بنظام الري الموضعي، حيث انتقلت من 210 آلاف هكتار في 2008 إلى حوالي 600 ألف هكتار سنة 2018”.

كما تمّ “التركيز على الفلاحة التصديرية؛ إذ استفادت الركيزة الأولى (الفلاحة العصرية) بشكل أكبر من الدعم، مما أدى إلى تهميش نسبي للركيزة الثانية (الفلاحة التضامنية)”، وأيضا “اتسعت الفوارق بين الفلاحين الكبار الموجهين للتصدير والفلاحين الصغار، وتفاقمت الهشاشة في المناطق البورية التي تعتمد على الأمطار”.

أما بخصوص استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، فسجلت الوثيقة نفسها أنه “رغم حداثة الاستراتيجية، بدأت تظهر نتائج أولية في شكل مشاريع إدماجية ودعم للتعاونيات الفلاحية. ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال قائمة”.

ومن أبرز هذه التحديات، “بطء التنفيذ، خاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا وسنوات الجفاف المتتالية التي أثرت على الميزانيات المخصصة”، و”استمرار الفوارق؛ إذ لا يزال الفلاحون الكبار هم المستفيد الأكبر من الدعم والفرص، مما يعمق الفجوة مع الفلاحين الصغار”، فضلا عن “الإكراه المائي” بحيث “يبقى التحدي المائي هو الأبرز؛ إذ يهدد استدامة الاستراتيجية برمتها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا