أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيلا لآليات رقابية صارمة وتنظيما غير مسبوق لعمل القطاع الخاص في التعليم العالي، مشددا على أن الحكومة ماضية في تطبيق مقتضيات القانون الإطار، الذي بات ملزما للجميع، رافضا أي محاولة للتراجع عن النصوص المتوافق عليها وطنيا، ومؤكدا أن هذا القانون قد جاء ليضع القواعد العامة، وليس ليؤسس القطاع الخاص أو غيره.
وخلال المناقشة التفصيلية لمواد مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي، اليوم الأربعاء، بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، شدد ميداوي على أن القطاع الخاص في “ليس مجالا للربح”، وأن التشريع الجديد قد أزال كافة التراخيص والضبابية التي كانت تحيط بهذا القطاع لضمان وضوح المسائل وتحديدها للجميع.
وأشار إلى أن أي جهة ترغب في الاستثمار الربحي ستخضع لشروط صارمة ومتابعة دقيقة، مشيرا إلى أن القطاع الخاص أصبح يوفر تكوينات ضمن “الولوج المفتوح” مثل القانون الدولي، وفي الحقوق، والأدب، غير أنه أوضح أن “القطاع الخاص في طبيعته محدود مرتبط بقدرة الأسرة على دفع تكاليف الدراسة”.
في سياق متصل، أكد المسؤول الحكومي، أن وزارته تسعى لتعزيز مكانة الجامعات العمومية عن طريق “الاستقطاب المفتوح” الذي نراه اليوم ، بحسبه، “بنظرة سلبية خاطئة”، مضيفة أن وزارته ستشتغل عليه رفقة شركائها لتحويل ليكون أساسيا وفيه أيضا الاستقطاب المحدود المجاني”.
وأضاف أن الوزارة ملتزمة بتطبيق القانون الإطار الذي حدد نسبة معينة للقطاع الخاص تتراوح بين 15 و20%، مؤكدا على ضرورة الوصول إليها تدريجيا مع التقيّد الكامل بالقانون، مسجلا أن حصة القطاع الخاص قد ارتفعت هذا العام بنسبة تقارب 12.5% (نحو 13%)، في مقابل تراجع طفيف في القطاع العام الجامعي، وهو ما وصفه بـ “الأمر الصعب والمعقد”.
وأكد في الوقت ذاته، أن الجامعات العمومية تعمل في إطار استقرار، وأن مكانتها ستظل محور النقاش والتطوير. وبخصوص البحث العلمي، أكد الوزير أن مشروع قانون التعليم العالي قد تضمن آلية تمويل واحدة وموحدة للبحث العلمي، مشددا على أن تطوير هذا القطاع لن يتم دون توجيه وطني واضح ومسؤولية كاملة للدولة.
في سياق متصل، كشف ميداوي عن جاهزية “المخطط المديري” الذي جاء به القانون الإطار، متعهدا بأن يكون هذا المخطط سياسة عمومية تخضع لنقاش واسع وإشراك جميع المهتمين بالشأن الجامعي. إلا أن الوزير ربط تفعيل هذا المخطط بضرورة “انتظار أن يرى قانون التعليم العالي النور”، لأنه سيكون المرتكز الأساسي للمخطط.
كما أعلن الوزير عن إدراج آلية جديدة ومحورية في القانون لتطوير الحكامة الجامعية، تتمثل في إنشاء آلية “مراقبة مستقلة” لتقييم عمل رئيس الجامعة واستراتيجيته، بحيث تكون هذه الآلية غير تابعة للوزارة بشكل مباشر. وأضاف أن الوزارة لم تنتظر القانون لبدء الإصلاح، حيث شرعت بالفعل في تطبيق آلية التعاقد مع الجامعات بناءً على مؤشرات واضحة، حيث تم التوقيع على أول تعاقد في 5 نونبر الماضي بمدينة العيون، وهو ما يعكس التزاماً فعلياً بتعزيز الأداء.
وشدد الوزير على أن التوجه العام يهدف إلى خلق توازن، مشيرا إلى أن التجارب الدولية الكبرى تقدم نماذج مختلفة، ففي الولايات المتحدة، تعتبر الجامعات الخاصة هي القوة العلمية الكبرى، بينما تعتمد إنجلترا على جامعات عمومية برسوم باهظة تُضمنها الدولة عبر آليات محددة، مبرزا أن المغرب سيواصل النقاش لتطوير هذا القطاع تدريجياً بما يتوافق مع القانون الإطار ويضمن جودة التعليم للجميع.
المصدر:
العمق