كشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، عن توجه وشيك نحو سن “تشريع وطني خاص وشامل” للألعاب الإلكترونية، وذلك لمواجهة تحدياتها المتزايدة على الأطفال والمراهقين، خاصة مع تزايد مخاطر الإدمان والعنف والانطواء المرتبطة بألعاب مثل “Roblox” و “Free Fire”.
وأكد بنسعيد في جوابه على سؤال كتابي للمستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي، أن التجارب الدولية أظهرت أن الحل الأنجع لا يكمن في الحظر الشامل، بل في إرساء منظومات متكاملة توازن بين حماية القاصرين والمستهلكين، وتنظيم السوق، وتحفيز الابتكار والنمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذا التشريع سيجعل المغرب في مصاف الدول السباقة إقليمياً في هذا المجال.
ويقوم المشروع القانوني المرتقب على خمسة مبادئ أساسية تضع حماية الطفولة في الصدارة، أولها اعتماد نظام وطني للتصنيف العمري الإلزامي للألعاب الإلكترونية، على غرار أنظمة PEGI وESRB المعمول بها عالمياً، على أن يرفق هذا النظام بضوابط للمحتويات المقننة كالعنف والمشتريات المدمجة وصناديق المكافآت الافتراضية (Loot Boxes).
وثانيا، سيتم إرساء آليات للترخيص والرقابة تربط تسويق الألعاب بالامتثال للمعايير الوطنية، وتمنح السلطات صلاحية سحب أو منع المنتجات المخالفة. وثالثا، سيتم التركيز على الوقاية من الإدمان عبر تحديد ضوابط زمنية للعب، وتوفير أدوات للرقابة الأبوية وآليات دقيقة للتحقق من السن، إضافة إلى برامج وطنية للتوعية الأسرية.
فيما يخص الجانب التجاري والمالي، شدد بنسعيد أن التشريع المرتقب على تنظيم الممارسات التجارية المرتبطة بالمشتريات المدمجة وصناديق المكافآت لضمان الشفافية في الأسعار ونسب الاحتمالات، ومنع الاستغلال التجاري للقاصرين. كما سيعمل القانون، كخامس المبادئ، على تكريس حقوق المستهلك وحماية المعطيات الشخصية للناشئة، بما يتوافق مع القوانين الجاري بها العمل، ويضمن حق الاسترجاع والاسترداد.
وأكد الوزير أن هذا التشريع سيلعب دورا مزدوجا، حيث سيحفز الصناعة الوطنية على إنتاج ألعاب مسؤولة، ويسهم في تعزيز التنافسية داخل الاقتصاد الرقمي.
ولتحقيق التوازن بين الاستفادة من الفرص الرقمية وضمان الاستخدام الآمن، كشف المسؤول الحكومي عن اعتماد مقاربة شمولية قائمة على تعاون وثيق مع الشركاء الاستراتيجيين. فمع وزارة التربية الوطنية، سيتم تنظيم حملات توعوية وطنية داخل المدارس لتثقيف التلاميذ حول الاستخدام الرشيد وحماية بياناتهم، مع إدراج وحدات مبسطة حول الثقافة الرقمية ضمن الأنشطة الموازية، وإعداد دليل بيداغوجي موجه للأسر.
أما مع وزارة الصحة، أوضح أنه سيتم تطوير برامج مشتركة لرصد آثار الإدمان الرقمي على الصحة النفسية، وتخصيص خط مباشر للاستشارات والدعم النفسي للأسر المتضررة، وإطلاق حملات إعلامية لتوعية الآباء بالمؤشرات المبكرة للإدمان أو التعرض للتحرش الافتراضي.
وأكد أن العمل سيشمل إجراءات تنظيمية وتكنولوجية، مثل العمل مع الجهات التنظيمية والمشغلين المحليين لوضع ضوابط تقنية تتيح للأسر التحكم في المحتوى وفترات اللعب (Parental Control)، وتشجيع الشركات الناشئة المغربية على الالتزام بمدونات سلوك وطنية.
كما شدد على أهمية الشراكة مع وسائل الإعلام والمجتمع المدني، والتنسيق مع المؤسسات الوطنية المتخصصة كـ (ADD) و (CNDP)، لتعزيز منظومة مراقبة وضبط المحتويات وضمان بيئة رقمية آمنة وبناءة للناشئة المغربية.
المصدر:
العمق