في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
كشف فاعلون جمعويون عن معطيات جديدة في قضية ما بات يعرف إعلاميا بـ”سرقة المياه الجوفية” بواحة تيدسي دائرة أولاد تايمة بإقليم تارودانت، مؤكدين أن ما يجري فوق الأرض من تحركات “ليس سوى محاولة للتغطية على استغلال غير قانوني للمياه الجوفية استمر لسنوات”.
وأوضح المتحدثون في تصريحات متطابقة لجريدة العمق المغربي، أن اللجنة التي انتقلت إلى الميدان يوم 11 من نونبر الجاري زارت بئرا ثانوية واردة في إحدى الشكايات، وقامت بمنع مالكها من نقل مياهها نحو ضيعة فلاحية يملكها فلاح نافذ خارج تيدسي، ودعته إلى إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، معتبرين أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، “لم تمس جوهر الملف”.
وأكد ذات الفاعلون المدنيون، أن لجنة التحقيق، لم تزر البئر الرئيسية التي تُنقل مياهها منذ سنة 2023 إلى ضيعة فلاحية بنفوذ جماعة لمهادي، تعود ملكيتها لفلاح نافذ بجهة سوس ماسة.
وأشاروا إلى أن البئر الأخيرة، انجزت في الأصل وفق “اتفاقية” لتزويد سكان دواوير جماعة لمهادي بالماء الصالح للشرب، غير أنها تحولت عمليا إلى مصدر تزويد ضيعة فلاحية خاصة، بينما ظل السكان يعانون لسنوات من شح مياه الشرب.
وكشف نفس الفاعلون أن هناك تحركات ميدانية متسارعة خلال الأيام الاخيرة تثير الشكوك بوجود محاولات مريبة للتغطية على هذه “الجريمة البيئية”، عبر ربط بعض الدواوير بالماء بشكل استعجالي لخلق انطباع بأن المشكل قد تم حله، في حين أن مصدر الاستنزاف الحقيقي ما يزال قائما ويستفيد منه طرف واحد.
وشددوا على أن الغرض من هذه التحركات التي رصدوها مؤخرا، ما هي إلا محاولة واضحة من جهات معينة لتهدئة الرأي العام دون معالجة جوهر الاختلال القائم، مؤكدين أن نقل المياه من بئر أحدثت لفائدة الساكنة نحو ضيعة فلاحية خاصة، يشكل اعتداء مباشرا على حق السكان في الماء.
وطالب المتحدثون لـ”العمق” بضرورة فتح تحقيق عاجل وشامل في الملف، وإيفاد لجنة لتقصي الحقائق تتوجه مباشرة الى البئر الرئيسية التي تنقل منها المياه منذ 2023، مشددين على أن أي تأخير في التدخل قد يدفع الساكنة إلى الإحتجاج دفاعا عن حقها الطبيعي في الماء، خاصة بعدما أصبحت المعطيات المؤكدة لوجود “سرقة المياه الجوفية” واضحة للرأي العام.
ويشار أنه سبق لمصادر جريدة العمق المغربي،وأن رصد تحركات غير عادية لعدد من المسؤولين المحليين بمشرع العين دائرة أولاد تايمة ساعات قليلة قبل وصول اللجنة المختلطة لمباشرة تحقيقاتها الميدانية يوم الثلاثاء 11 نونبر الجاري.
ذات المصادر أوضحت أن هذه التحركات تمت بمشاركة “ع. ص”، مالك البقعة التي حفر فيها أحد الآبار بتيدسي، والموقع على ما وصفته بـ”الاتفاقية المزعومة بينه وبين جماعة المهادي”، كما قام الوفد بزيارة بئر اخرى تعود ملكيتها لـ “م. ب”، كان يخطط بدوره لنقل مياهها نحو ضيعات فلاحية يملكها رجل أعمال نافذ بسوس ماسة.
و بالموازاة مع ذلك، كشفت نفس المصادر، أن مسؤولا بارزا بالجهة حاول آنذاك الاتصال بأعضاء إحدى الهيئات المحلية لحثهم على الإدلاء بتصريحات مناقضة لما كشفته سابقا فعاليات مدنية لجريدة العمق المغربي، والتي سبق أن رفعتها للسلطات الإقليمية والولائية، مؤكدين فيها أن دواوير المهادي لم تستفد إطلاقا من المياه المنقولة من تيدسي، رغم الإشارات الرسمية إلى وجود اتفاقية لتزويد السكان بالماء.
وعقب التقرير الذي نشرته العمق المغربي بعنوان: “العطش يهدد مئات الأسر بنواحي أولاد تايمة وسط اتهامات لفلاحين كبار بـ “سرقة المياه الجوفية”، أصدر رئيس جماعة المهادي بيانا نفى فيه توقيعه على أي اتفاقية مع أي طرف بتيدسي.
غير أن الجريدة حصلت على وثائق رسمية تناقض هذا النفي، بينها مراسلتان صادرتان عن وكالة الحوض المائي ووزارة التجهيز والماء، تؤكدان وجود اتفاقية مبرمة بين الجماعة وأحد الخواص بتيدسي، وتتعلق بحفر بئر لتزويد الساكنة بالماء الشروب.
وتوضح مراسلة وكالة الحوض المائي المؤرخة بـ7 مارس 2024 أن البئر موضوع الشكاية انجز بناء على ترخيص رسمي رقم (4043/2023) بعمق 200 متر، ومجهزة بمضخة غاطسة وقناة ناقلة تمر عبر طرق تؤدي إلى ضيعات فلاحية خاصة، مؤكدة ان صاحب البئر دخل في اتفاقية مع جماعة المهادي لتزويد الساكنة بالماء.
أما مراسلة وزارة التجهيز والماء بتاريخ 3 فبراير 2024، فقد زكت المعطيات نفسها، مبرزة ان العملية تدخل في إطار تزويد جماعات قروية بالماء الشروب، لكنها شددت على ضرورة التحقق من سلامة المساطر القانونية المرتبطة بالاتفاقية.
عدد من الجمعيات المدنية بواحة تيدسي والمهادي كانت قد طالبت بفتح تحقيق عاجل حول “سرقة المياه الجوفية من قبل فلاحين نافذين”، بعد نقل مياه بئر داخل الواحة نحو المهادي، واستعمالها في سقي ضيعات فلاحية خاصة.
وأوضحت الجمعيات في بيان موجه لوالي جهة سوس ماسة سعيد امزازي أن العملية تمت خارج أي إطار قانوني ودون ترخيص من الجهات الوصية، محذرة من “تدهور التوازن المائي والبيئي”.
وأشارت إلى أن “اتفاقية الشراكة” التي يتم تبرير العملية بها باطلة قانونيا، ولم توقع في إطار مؤسساتي، معتبرة ذلك “تحايلا على القانون بغرض استغلال الموارد المائية الخاصة بالواحة”.
وشدد البيان على أن العملية تعد خرقا صارخا للقانون 36.15 المتعلق بالماء، ودعا إلى تدخل عاجل وفتح تحقيق نزيه وتحديد المسؤوليات، حماية للثروة المائية التي تعد “مصدر حياة للساكنة”.
المصدر:
العمق