في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد المستشار السياسي والدبلوماسي السابق بالأمم المتحدة سمير بنيس أن اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية ليس مجرد خطوة سياسية جديدة، بل تجسيد ملموس للعدالة الإلهية بعد أكثر من خمسة عقود من المناورات والاتهامات التي استهدفت المغرب، مستشهدا بالآية القرآنية الكريمة: “قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً”.
وأوضح بنيس في تصريح مطول خصّ به جريدة “العمق المغربي”، الالكترونية، أن ملف الصحراء ظل لسنوات طويلة غارقاً في الظلام السياسي والدبلوماسي بسبب ما وصفه بـ”المؤامرات الجزائرية” التي بدأت منذ مرحلة الاستعمار الإسباني، مشيراً إلى أن الجزائر “تآمرت في البداية مع إسبانيا، ثم حاولت استمالة عدد من الدول الإفريقية واللاتينية ودول من جنوب إفريقيا”، بهدف خلق نزاع مفتعل ضد وحدة المغرب الترابية.
وأضاف أن الجزائر “تحركت في كل الاتجاهات” واتهمت المغرب بخرق القانون الدولي ووصمته بدولة محتلة، وحاولت استعمال ملفات حقوق الإنسان واستغلال الثروات الطبيعية كوسائل للضغط السياسي، غير أن المغرب – يضيف بنيس – ظل صامداً ومتمسكاً بمواقفه على مدى خمسة عقود، إلى أن جاءت “ساعة الحسم” بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش قبل 26 سنة، حيث تم إطلاق دينامية ديبلوماسية غير مسبوقة استطاعت تغيير موازين القوى داخل الأمم المتحدة لصالح المغرب.
وأشار إلى أن قرارات مجلس الأمن منذ نهاية التسعينيات، خاصة منذ القرار رقم 1997 وحتى القرار الأخير 2797، أظهرت بشكل واضح وجود تحول دولي نحو تبني المقاربة المغربية القائمة على الواقعية السياسية والبحث عن حل عملي دائم، موضحاً أن المغرب “أبان عن حنكة وذكاء ديبلوماسي رفيع” مكّنه من إقناع القوى الدولية المؤثرة بدعم مقاربته، وهو ما جعل النقاش القانوني داخل الأمم المتحدة يميل تدريجياً نحو الموقف المغربي.
وأكد بنيس أن التحول الجوهري في مسار النزاع بدأ فعلياً منذ عام 2007، حينما قدّم المغرب مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، وهو ما اعتبره “نقطة اللاعودة” في هذا الملف. فمنذ ذلك الحين – يقول بنيس – لم يعد خيار الاستفتاء مطروحاً إطلاقاً على جدول أعمال مجلس الأمن، مشيراً إلى أن “كل القرارات الصادرة منذ أكثر من عقدين لم تتضمن أي إشارة إلى الاستفتاء أو خيار الانفصال”.
واعتبر بنيس أن القرار 2797 يمثل أول اعتراف صريح في تاريخ الأمم المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء، وله بذلك دلالات قانونية عميقة، إذ إن “المغرب أصبح مدعوماً الآن من طرف الشرعية الدولية”، وهو ما يعني “حسم النزاع من الناحية القانونية”، بينما يبقى التحدي الراهن في إيجاد حل سياسي واقعي مع الطرف الآخر، أي الجزائر، باعتبارها الداعم الرئيسي للبوليساريو.
وشدّد بنيس على أن المشكل اليوم لم يعد مشكل المغرب بل مشكل الجزائر والبوليساريو، قائلا إن “الجزائر هي التي خلقت البوليساريو وموّلتها ومدّتها بالدعم المالي والسياسي والدبلوماسي والعسكري على مدى خمسين سنة، وهي المسؤولة عن إطالة أمد النزاع”. وأضاف أن المغرب “منفتح على التفاوض مع الجزائر في إطار واضح”، يقوم أساساً على أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الوحيد الممكن للتوصل إلى حل نهائي.
ودعا بنيس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته في الضغط على الجزائر لإجبارها على الدخول في مفاوضات جدية ومباشرة مع المغرب، معتبراً أن “النزاع اليوم أصبح إقليمياً بين دولتين، وليس قضية تصفية استعمار كما كانت تحاول الجزائر تصويره”.
وعبّر المستشار السياسي السابق بالأمم المتحدة عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن “تواجد إدارة أمريكية قوية يقودها رئيس شجاع مثل دونالد ترامب، الساعي لإنهاء النزاعات المزمنة في العالم، يمكن أن يساهم في دفع الجزائر نحو التفاوض”.
وقال: “ربما سنشهد في المستقبل القريب انفتاحاً جزئياً من جانب الجزائر للدخول في مفاوضات مع المغرب، حتى وإن لم تكن بحماس كبير، لكنها ستكون مجبرة على الإقرار بأنها طرف رئيسي في النزاع، وأن الحل لا يمكن أن يتم إلا عبر مفاوضات مباشرة تفضي إلى تسوية ترضي جميع الأطراف في إطار احترام السيادة المغربية”.
وخلص المستشار الدبلوماسي السابق، إلى إن المغرب اليوم يوجد في موقع مريح إقليمياً ودولياً، بعد أن حسم المعركة القانونية والسياسية لصالحه، مؤكداً أن “الضوء بان، والحق ظهر، ولم يعد للعتمة مكان بعد القرار 2797 الذي أنهى نصف قرن من المناورات وكرّس السيادة المغربية على الصحراء”.
المصدر:
العمق