غداة المصادقة على مشروع القانون التنظيمي للإضراب في قراءة ثانية بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، وجه رئيس المجلس راشيد الطالبي العلمي انتقادا صريحا لانسحاب نقابة الاتحاد المغربي للشغل من جلسة التصويت على المشروع بمجلس المستشارين، معتبرا ذلك خيانة للسيادة الوطنية.
وقال الطالبي العلمي مباشرة بعد مصادقة اللجنة على المشروع: “أعتذر للجميع، فأنا لا أوجه اتهاما لأي طرف، بل أدافع عن أفكار ومواقف. نحن نمثل الأمة والسيادة الوطنية، وهذه السيادة تفرض علينا ممارسة مسؤوليتنا”.
وأضاف: “الامتناع عن التصويت هو، في رأيي الشخصي، خيانة للسيادة الوطنية، لأن المواطن المغربي منحنا صوته لتمثيله في ممارسة هذه السيادة. يمكننا أن نختلف، أن نتجادل، أن نصوت بالرفض أو الامتناع، لكن علينا ممارسة حقنا في تمثيل السيادة الوطنية. أما الانسحاب، فأعتبره شخصيا، وأستسمح، خيانة لهذه الأمانة”.
وشدد المتحدث على أن مجلس النواب يحسب له أنه، لأول مرة، تمكن من إخراج مشروع قانون تنظيمي للإضراب، معتبرا ذلك شرفا للمجلس وللوزير الذي حرص على إخراجه، وأيضا للجنة التي قامت بدورها في هذا السياق.
وكان فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين قد انسحب من جلسة التصويت على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالحق في ممارسة الإضراب، احتجاجًا على الصيغة المعتمدة في لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية.
بينما رفع مستشارو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال الجلسة، لافتات احتجاجية تحمل شعارات منددة بموقف الحكومة، من بينها: “الحكومة أغلقت باب التفاوض حول مشروع قانون الإضراب” و”الحكومة أجهزت على الحق في ممارسة الإضراب”، في إشارة إلى رفضهم لمشروع القانون التنظيمي.
وأكد نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل وفريقها في الغرفة الثانية للبرلمان خاضوا بمعنويات عالية “معركة مناقشة مشروع قانون الإضراب، الذي نعتبره تقييدًا للحق في الإضراب، سواء داخل اللجنة المعنية بحضور الوزير، أو من خلال التعبير عن مواقفنا بكل ثبات ومسؤولية”.
وأضاف سليك في إطار نقطة نظام: “اليوم، يلتئم مجلس المستشارين للحسم في هذا المشروع التنظيمي، الذي نعتبره في غاية الأهمية، وقد يرتقي إلى مستوى دستور المملكة، الذي صوتنا عليه بالإجماع سنة 2011. إلا أنه، ومع كامل الأسف، لم تلتزم الحكومة، ممثلة في وزير الشغل، بالحوار الجاد مع الحركة النقابية، وفي مقدمتها الاتحاد، بخصوص تدبير هذا الملف، من أجل التوصل إلى توافق عادل ومنصف”.
وأمام هذا الوضع، يضيف المتحدث، “لا يمكننا تزكية هذا النهج الحكومي، الذي يسعى إلى تقييد هذا الحق الأساسي. لذلك، ووفاءً لمبادئنا ودفاعًا عن حقوق الطبقة العاملة، قرر فريق الاتحاد الانسحاب، تاركًا للطبقة العاملة حرية اتخاذ القرار المناسب بشأن هذه القضية”.
وعقد مجلس المستشارين أمس الإثنين جلسة عامة تشريعية تخصص للدراسة والتصويت على مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. ويأتي ذلك، في أعقاب مصادقة لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، في ختام اجتماع امتد إلى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة الماضي، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وحظي مشروع القانون التنظيمي خلال هذا الاجتماع، الذي خصص لمناقشة والتصويت على التعديلات التي تقدمت بها مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية، بموافقة 10 مستشارين، فيما عارضه 5 آخرون. وتم تقديم ما مجموعه 218 تعديلا همت مختلف مواد مشروع القانون، حضي عدد منها بقبول الحكومة، فيما تم رفض أو سحب تعديلات أخرى، وكذا حذف مواد وإضافة أخرى جديدة لهذا النص التنظيمي.
وأكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، أن عملية التصويت على التعديلات كللت “بتحقيق مجموعة من المنجزات، أولها أن الحكومة أوفت بوعودها وتجاوبت مع رغبة الشركاء الاجتماعيين وبالتالي تحقيق التوازن في هذا القانون عبر تعريف أشمل للإضراب، سمح بالإضافة إلى ما تم اعتماده في مجلس النواب، بتوسيعه ليشمل المصالح غير المباشرة للعمال، والسماح بالإضراب لأسباب معنوية فضلا عن المادية”.
وأوضح الوزير في هذا الصدد، أن الحق في الإضراب يشمل جميع فئات المجتمع بدون استثناء، من أجراء القطاع الخاص وموظفي القطاع العام، والعمال غير الأجراء والعمال المستقلين وكل من هو مستثنى من مدونة الشغل والعاملات والعمال المنزليين وكذلك المهنيين.