قدم راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، ملاحظة اعتبرها “شخصيةً ومجرّد جزء من مبادئ عامة”، متعلقة بكون “أعضاء البرلمان يمثلون الأمة كجزء من الدستور، ومن ثمّ هم يمثّلون السيادة الوطنية”، مشدداً، في هذا الباب، على أن الانسحاب من التصويت على مشروع قانون ينظم ممارسة حق الإضراب “هو خيانة للسيادة الوطنية، بما أن المواطن المغربي منحنا صوته كي ننوب عنه في ممارستها”.
وقال الطالبي العلمي، في كلمة تخلى فيها عن قبعته كرئيس لمجلس النواب، بعد التصويت على المشروع سالف الذكر بلجنة القطاعات الاجتماعية بالأغلبية في قراءة ثانية، كما أحيل من مجلس المستشارين، مع تصحيح خطأ مادي، إنه “يمكن للفاعل البرلماني أن يختلف مع مشروع ما، ويمكن أن يعارض ويتشاجر لأجله، ويصوت عليه بالرفض أو العكس، ولكن لابد من ممارسة حقوقنا في تمثيل السيادة الوطنية”.
وأضاف رئيس مجلس النواب، في كلمة تناولها بعد انتهاء التصويت: “الانسحاب أعتبره شخصيّا، وأستسمح، خيانة لهذه السيادة”، وتابع: “هذه أمانة يجب أن نكون واعين بها ونمارس حقوقنا بما يساند حرية التعبير. لكن أسلوب التعبير كذلك يجب أن يكون راقيا، ونتجاوز التركيز على هذه الحكومة أو تلك. نحن نتحدث عن تراكم بلد ممتد لقرون طويلة. والدولة المغربية بمفهومها الحديث تحظى بتراكم حكومات”.
وشدد القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار على أن “كل حكومة تضع بناءً معينا داخل سياقات ما، فتتغير لاحقا بتغير القوانين والنخب والأحزاب”، معتبراً أن هذا في حد ذاته “مكسب كبير للدولة المغربية، ولا يجب أن نهمله أو نتخلى عنه بالإفراط في المزايدات”، وزاد: “جميع الآراء تحترم بدون انفعال. هكذا يمكن لبلدنا أن يتقدم، بل وبهذه الممارسة تقدم وطننا”.
وأورد المتحدث عينه: “اليوم يجب أن نفخر ونعتز في الآن ذاته، لسببين؛ الأول هو أنه لأول مرة سيكون لنا قانون ينظم ممارسة حقّ الإضراب، والثانية أن النقابات ستتقوّى انطلاقًا من هذا النص”، وواصل: “التنظيم السياسي ينظم المجتمع كذلك، ومجتمعنا شهد مجموعة من القوانين التي نظمت ممارسات معينة داخله، من قبيل قانون الجمعيات والأحزاب، لذلك طبيعي أن يرافق حق الإضراب هذا النقاش بحكم الفراغ الذي كان سائداً”.
وتابع العلمي شارحاً: “في رأيي الشخصي أعتقد كما قلت أن النقابات ستستفيد من هذا النص، لأن الناس اليوم لن تجد بدّا سوى الدخول إلى دروب العمل النقابي”، مشيراً إلى أن “القواعد ستنخرط بالضرورة في النقابات ويمكنها أن تتحول مثلًا نحو تنظيم نقابي آخر، لكن النتيجة هي حماية وصون العمل النقابي… وفي غضون عقد (بعد دخول القانون حيز التنفيذ) ستكون النقابات أكثر متانة”.
كما أورد الطالبي العلمي أن “هذه الأبواب ستفتح بعد المصادقة على القانون بشكل نهائي عندما تنعقد الجلسة العامة”، موضحا أنه “سيذهب إلى المحكمة الدستورية لتبدي رأيها فيه، ويمكنها أن تعيده مرفقًا بمجموعة من الملاحظات، باعتبار ذلك سلوكا ديمقراطيا ودستوريا على الجميع أن يؤازره”.