في مدينة دير البلح، التي أصبحت مركزًا رئيسيًا لاستقبال النازحين، انطلقت أول فعالية اقتصادية مجتمعية منذ توقف الحرب الإسرائيلية.
البازار الشعبي، الذي نظمه مركز شؤون المرأة، استضاف عشرات المشاريع الصغيرة بهدف إعادة إحياء مصادر الدخل التي تعطلت نتيجة للنزوح والظروف الاقتصادية الصعبة.
عرض المشاركون، من النساء والرجال، منتجات منزلية وتراثية، مما يعكس الرغبة في استعادة الحياة رغم التحديات الإنسانية المستمرة.
عانى الفلسطينيون لمدة عامين من الحرب الإسرائيلية التي بدأت في 8 أكتوبر 2023، مما أدى إلى توقف شبه كامل للحياة الاقتصادية والاجتماعية في القطاع، بعد تدمير الشركات والمصانع والمحال التجارية ونزوح مئات الآلاف.
خلال تلك الفترة، فقدت آلاف الأسر مصادر رزقها، وتوقفت سلاسل الإنتاج المحلي، مع حصار شديد وغياب الخدمات الأساسية، مما جعل أي محاولة لإعادة النشاط الاقتصادي خطوة رمزية نحو استعادة الحياة.
في البازار، عرض 40 مشاركًا مخبوزات ومشغولات يدوية وأعمال خياطة وتطريز فلسطيني، في محاولة جماعية لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
من جانبها، أوضحت مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة، أن تنظيم هذا البازار يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن سكان غزة ما زالوا صامدين رغم الحرب والتدمير والتهجير القسري وإغلاق المعابر.
وأضافت أن الهدف من الفعالية هو دعم النساء والرجال عبر مشاريع التمكين الاقتصادي، ومنحهم فرصة للعودة إلى الإنتاج، مشيرة إلى أن المشاركين انتقلوا من مرحلة النجاة إلى مرحلة البقاء والقوة، مؤكدين تمسكهم بأرضهم وهويتهم الفلسطينية.
وأكدت أن استمرار النساء في الإنتاج يمثل رسالة قوة وصمود، وأن الفعالية تساهم في الإنعاش الاقتصادي للأسر المتضررة.
خلفت الحرب واقعًا مأساويًا يعيشه 2.4 مليون فلسطيني في القطاع، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية وصعوبة الوصول إلى الخدمات، بعد تدمير الجيش الإسرائيلي لجزء كبير من البنى التحتية المدنية.
قالت إحدى زوار البازار، إن الفعالية منظمة بشكل جميل وتدل على قوة نساء غزة اللواتي خرجن من حرب طويلة مليئة بالجراح والدمار، وما زلن يواصلن إنتاج الأعمال اليدوية والمخبوزات والتطريز بإرادة قوية، مضيفة أن هذه المنتجات تعكس صمود المرأة الغزية وقدرتها على النهوض من تحت الركام.
أما أحد المشاركين في البازار، فأشار إلى أنهم شاركوا بمخبوزات فلسطينية صُنعت بوسائل بديلة بعد فقدان الغاز وانهيار سبل الإنتاج، موضحًا أنهم أعدوا المخبوزات على الحطب وأفران الطين، وبدأوا من الصفر من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية وتعزيز صمود الأسر المتضررة، مؤكدًا أن المشاركة في البازار تزيدهم إصرارًا على التمسك بالأرض وتحقيق مصدر دخل يساعدهم على البقاء.
ورغم مرور أكثر من شهرين على انتهاء الحرب، لم يشعر الفلسطينيون بأي تحسن ملحوظ في ظروف حياتهم، إذ ما زالوا يعيشون في خيام مهترئة غرق آلاف منها مع أول هطل للأمطار ما فاقم معاناتهم.
بدورها، قالت مشاركة أخرى بمنتجات للعناية بالبشرة، إن وجودها في البازار يمثل رسالة تحدٍّ وصمود، موضحة أنها تعرض كريمات علاجية ومستحضرات تجميل وتنظيف، في محاولة لدعم مشاريع النساء وإعادة تشغيل ما توقف منها.
ومع استمرار الحصار وغياب المواد الخام والخدمات الأساسية، باتت المبادرات المجتمعية مثل هذا البازار من بين المحاولات القليلة لإعادة الحياة الاقتصادية تدريجيًا داخل قطاع غزة.
المصدر:
القدس