آخر الأخبار

مشرّعون ديمقراطيون يطالبون بمحاسبة إسرائيل على استهداف الصحفيين في غزة

شارك

واشنطن – سعيد عريقات –

طالب عدد من المشرّعين الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي، يوم الخميس، بمحاسبة إسرائيل على ما وصفوه بـ"الاستهداف الممنهج" للصحفيين منذ بدء حربها على غزة في 7 تشرين الأول 2023، وذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد أمام مبنى الكابيتول بمشاركة صحفي أميركي تعرّض لإصابة خطيرة في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان في تشرين الأول 2023.

وقال السيناتور بيتر ويلش، عن ولاية فيرمونت، إن السفارة الإسرائيلية أبلغته رسميًا بأن مراجعتها الأولية للحادث الذي أسفر عن إصابة موكله، المصور الصحفي ديلان كولينز من وكالة فرانس برس، ومقتل المصور عصام عبد الله من وكالة رويترز، وإصابة المصورة الصحفية كريستينا عاصي بجروح خطيرة، لم تجد أي انتهاك لقواعد الاشتباك العسكرية من جانب الجنود الإسرائيليين.

وكان الصحفيون الثلاثة قد أصيبوا أثناء تغطيتهم للقصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع يُشتبه بأنها تابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأثار الحادث في حينه موجة غضب دولية، خصوصًا بعد تداول مقاطع مصوّرة تُظهر الطبيعة الواضحة لهوية الصحفيين وابتعادهم عن أي موقع عسكري.

ورغم تأكيد ويلش بأن السفارة أبلغته بانتهاء المراجعة الأولية دون العثور على مخالفات، فإن مسؤولين إسرائيليين قالوا لوكالة فرانس برس في تشرين الأول، ولجنة حماية الصحفيين في كانون الأول (من العام الحالي)، إن التحقيق ما يزال "قيد المراجعة". وإذا صحّت رواية ويلش بشأن إغلاق المراجعة، فهذا يعني —وفقًا للإجراءات المتّبعة— فأن القضية لن تُحال إلى تحقيق جنائي داخل إسرائيل.

وطالب ويلش الحكومة الإسرائيلية بتحمّل مسؤوليتها، قائلاً: "أوضحت حكومة نتنياهو جليًا أنها لم تكن لديها أي نية جادة للتحقيق في الهجوم الدامي الذي وقع في تشرين الأول 2023 وأسفر عن إصابة ديلان كولينز. على مدى أكثر من عامين، بذلنا كل ما في وسعنا للحصول على إجابات ومحاسبة، لكننا واجهنا المماطلة في كل خطوة".

وخلال المؤتمر الصحفي، ظهر ديلان كولينز إلى جانب ويلش والسيناتور كريس فان هولين وعضوة مجلس النواب بيكا بالينت. ووصف كولينز ما تعرض له بأنه "جريمة حرب ارتُكبت في وضح النهار وبُثت على الهواء مباشرة". وأكد أنه بصفته مواطنًا أمريكيًا "أصيب في هجوم نفّذه أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، فإنه يتوقع "إجابات واضحة وتحقيقًا شفافًا".

ويأتي هذا التحرك من المشرّعين في وقت تتزايد فيه الاتهامات الدولية لإسرائيل باستهداف العاملين في المجال الإعلامي، خصوصًا في قطاع غزة. فقد أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تقريرها السنوي يوم الثلاثاء، والذي خلص إلى أن نحو نصف الصحفيين الذين قُتلوا عالميًا خلال الفترة بين 1 كانون الأول 2024 و1 ديسمبر/كانون الأول 2025، لقوا حتفهم في غارات إسرائيلية على قطاع غزة.

وبحسب التقرير، قُتل 67 صحفيًا حول العالم خلال الفترة المذكورة، بينهم 29 في غزة وحدها، أي ما يعادل 43% من إجمالي الضحايا. ووصفت المنظمة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "العدو اللدود للصحفيين"، مشيرةً إلى أن 220 صحفيًا قُتلوا في غزة منذ 7 تشرين الأول 2023 والحرب التي استمرت عامين على القطاع.

وأشار التقرير أيضًا إلى غارة إسرائيلية مزدوجة استهدفت مستشفى النصر في مدينة خان يونس في آب، وأسفرت عن مقتل أربعة صحفيين. وفي حين برّر جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك الضربة بالقول إن "إرهابيي حماس يستخدمون البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات، كدروع بشرية"، أكدت منظمات دولية أن تكرار استهداف المواقع الصحفية والفرق الإعلامية يثير شكوكًا جدّية حول الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، خصوصًا مع تزايد الأدلة على معرفة القوات الإسرائيلية بهويات الصحفيين ووجودهم الواضح في الميدان.

وتشير المصادر من قطاع غزة إلى أن أكثر من 252 صحفي قتلوا في غزة منذ بداية الحرب.

ويحاول المشرّعون الديمقراطيون الضغط على الإدارة الأميركية لاعتماد سياسة أكثر صرامة تجاه هذه الحوادث، وتفعيل آليات المساءلة عندما يكون المواطنون الأميركيون ضمن الضحايا. ويأتي هذا الجهد في سياق تنامي الانتقادات داخل الكونغرس بشأن دعم واشنطن غير المشروط لإسرائيل، خصوصًا في ملف حقوق الإنسان واستخدام القوة المفرطة في غزة ولبنان.

ويثير هذا الملف تساؤلات حادة حول حدود الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ يُظهر أن غياب المساءلة في حالات استهداف الصحفيين قد يقوّض المعايير التي تقول واشنطن إنها تدافع عنها دوليًا. فاستمرار إسرائيل في إغلاق ملفات التحقيق أو إدارتها بشكل غير شفاف يعمّق فجوة الثقة، ويضع الإدارة الأمريكية تحت ضغط متزايد لتبنّي مقاربة أكثر صرامة تجاه حماية الصحفيين، خاصة عندما يكون مواطنون أميركيون ضمن الضحايا.

كما يعكس هذا الجدل تحوّلًا ملحوظًا في خطاب بعض المشرّعين الديمقراطيين الذين باتوا مستعدين لمواجهة الحليف الإسرائيلي في ملفات حساسة مثل حرية الصحافة. فمع تزايد التقارير الحقوقية وتعدد الحوادث التي تؤكد استهداف فرق إعلامية بوضوح، يبرز سؤال جوهري: هل تستطيع واشنطن الاستمرار في دعم شريك عسكري دون مطالبة حقيقية بالالتزام بالقانون الدولي؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ملامح العلاقات الأمريكية–الإسرائيلية في السنوات المقبلة.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا