شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في محافظات الضفة الغربية، طالت عشرات الفلسطينيين، بينهم وزير سابق ومسنون وأسرى سابقون، أُفرج عن معظمهم بعد التحقيق معهم، وسط تحذيرات فلسطينية من سياسة انتقام إسرائيلية.
تركزت الاعتقالات في مدينة نابلس، حيث طالت أكثر من 20 مواطناً، من بينهم الشيخ المسن ماهر الخراز ونائب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق ناصر الدين الشاعر، اللذين أُطلق سراحهما لاحقاً. كما شهدت بلدة أبو ديس شرقي القدس المحتلة اعتقالات طالت 20 شاباً، ومدينة أريحا 13 شاباً، ومحافظة جنين الأسيرين محمد العارضة ومحمد غوادرة، اللذين أُفرج عنهما بعد ساعات.
أفاد نادي الأسير الفلسطيني بأن قوات الاحتلال شنت عمليات اعتقال وتحقيق ميداني واسعة طالت ما لا يقل عن 100 مواطن في الضفة الغربية، واستهدفت بشكل أساسي الأسرى المحررين، وأُفرج عن غالبيتهم لاحقاً. وأوضح النادي أن عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني توزعت على غالبية محافظات الضفة، وتركزت في محافظة نابلس. وأضاف أن الاحتلال يواصل التصعيد من عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني، مستهدفاً فئات المجتمع الفلسطيني كافة، كعمليات انتقام جماعية.
أشار النادي إلى أن الاحتلال انتهج سياسات وجرائم في المناطق التي يقتحمها، أبرزها عمليات التحقيق الميداني، التي تشكل اليوم السياسة الأبرز التي ينفذها الاحتلال في مختلف محافظات الضفة. ووفقاً للمعلومات التي يوثقها نادي الأسير، فإن جيش الاحتلال يجبر العائلات على الخروج من منازلها وينفذ عمليات ترهيب بحقهم وتخريب وتدمير داخل المنازل، مما يفاقم المعاناة في ظل الأجواء الباردة والماطرة.
أكد مدير نادي الأسير في نابلس، مظفر ذوقان، أن الاعتقالات الجماعية تندرج ضمن سياسة الانتقام من أبناء الشعب الفلسطيني، والهدف منها كسر إرادة الشعب الفلسطيني في ظل التخبط الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. وأشار إلى تزامن الاعتقالات مع ذكرى انطلاق حركة حماس، مبيناً أن أغلب المعتقلين ينتمون للحركة. وأضاف أن الاعتقالات الجماعية في الضفة تحولت إلى ظاهرة بعد 7 أكتوبر، وأغلب المعتقلين إما يخضعون لتحقيق ميداني مع التهديد والوعيد، أو يحولون للاعتقال الإداري بلا تهمة وبموجب ملف سري.
أوضح ذوقان أن عدد المعتقلين الإداريين حالياً يتجاوز 3200، من بين 9300 أسير، وهو الأعلى على الإطلاق، وتحويل الأسير إلى الاعتقال الإداري معناه انتقام دون تهمة ودون محاكمة. ولفت إلى ما يرافق الاعتقالات من مداهمات ليلية للبيوت وترويع سكانها بذريعة حالة الطوارئ. وقال أحد المعتقلين المفرج عنهم إن أغلب المعتقلين تم اقتيادهم معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي وتعرضوا للاستجواب والتنكيل والضرب، وتلقوا تحذيرات من المشاركة أو إقامة أي فعاليات في ذكرى انطلاق حركة حماس.
أعلن نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى استشهاد المعتقل عبد الرحمن السباتين (21 عاماً) من بلدة حوسان قرب بيت لحم، في مستشفى إسرائيلي. وأضاف النادي والهيئة أن جريمة قتل السباتين تضاف إلى سجل جرائم القتل البطيء التي ينتهجها الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين، وإلى سلسلة عمليات الإعدام الميداني الممنهجة. ومع استشهاد السباتين، أعلنت المؤسستان ارتفاع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بدء الحرب إلى أكثر من 100، بينهم 85 تم التأكد من هوياتهم، في حين لا يزال العشرات من معتقلي غزة الشهداء رهن الإخفاء القسري.
ذكرت المؤسستان أن عدد شهداء الحركة الأسيرة ارتفع منذ عام 1967 إلى 322 شهيداً. وشددتا على أن منظومة السجون وأجهزة الاحتلال تعمل على مأسسة واقع جديد بعد الحرب يقوم على تدمير الأسير جسدياً ونفسياً، عبر التعذيب والتجويع والحرمان من العلاج والاعتداءات الجنسية، وتحويل الحقوق الأساسية للأسرى إلى أدوات قمع وتعذيب. ووفق توثيق هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني فقد سجلت أكثر من 21 ألف حالة اعتقال منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023. ويبلغ عدد الأسرى داخل السجون أكثر من 9300، من ضمنهم أكثر من 50 أسيرة، ونحو 350 طفلاً، إلى جانب المئات من المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش.
المصدر:
القدس