رجّح محللون في مجال المحروقات والطاقة أن يكون وراء تسجيل محطات الوقود بالمغرب “انخفاضات ملحوظة” قبل نهاية السنة الميلادية الانفراج القريب للحرب في أوكرانيا.
وسجل هؤلاء الخبراء أن هذا الأمر لا يعني وجود مؤشرات حقيقية لاستقرار أسعار المحروقات بالمغرب في مستوى منخفض في الشهور المقبلة؛ بالنظر إلى احتمال اندلاع نزاعات جديدة في الشرق الأوسط وجنوب أمريكا.
وقال الحسين اليماني، رئيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول” والكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز المنضوية تحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “أسعار المحروقات دوليا تتراوح حاليا بين 70 و80 دولارا للبرميل. وبناء على الحسابات الدقيقة، فإن تكلفة “الغازوال” عند دخوله المغرب، شاملة الضرائب ومصاريف التوصيل والميناء والتخزين، تبلغ حوالي 8.35 درهما”.
وفيما يخص مادة البنزين، أشار اليماني، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن تكلفتها الإجمالية تصل إلى 9.26 درهما. ومع ذلك، تُباع هذه المواد في السوق الوطنية بزيادات تفوق درهما واحدا ونصف الدرهم للغازوال، وحوالي ثلاثة دراهم للبنزين، وهي مبالغ تمثل أرباح الفاعلين.
وذكر رئيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول” والكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز أن أرباح الشركات قبل قرار تحرير الأسعار كانت لا تتجاوز 60 فرنكا للغازوال و70 فرنكا للبنزين، معتبرا أن الانخفاض الطفيف الحالي هو ظرفي فقط مرتبط برغبة الشركات في تصفية مخزوناتها لتقفيل الحسابات المالية السنوية.
كما ربط المتحدث تذبذب الأسعار بالتباشير حول نهاية الحرب الأوكرانية، محذرا من أن أية توترات جيوسياسية جديدة، كالمناوشات بين بعض دول الخليج أو الاعترافات السياسية الدولية الجديدة بالصومال والتوتر بأمريكا الجنوبية، التي قد تدفع الأسعار نحو الارتفاع مجددا.
وشدد اليماني، في الختام، على أن “أصل المشكل في المغرب لا يتعلق بالسوق الدولية؛ بل بقرار حكومي سياسي يقضي بحذف الدعم وتحرير الأسعار”، مؤكدا أن الحل الجذري لإيقاف هذا الارتفاع يكمن في إلغاء قرار التحرير والعودة لنظام المقاصة.
من جهته، سجل محمد جدري، خبير اقتصادي، أن “انخفاض أسعار المحروقات في المغرب كان أمرا متوقعا؛ بالنظر إلى التراجع الكبير في أسعار النفط عالميا، حيث وصل معدل سعر البرميل في “روتردام” إلى حوالي 60 دولارا”.
وأوضح جدري، في تصريح لجريدة هسبريس، أن تحديد السعر محليا يعتمد على تكلفة النفط المكرر عالميا ومصاريف الشحن واللوجستيك والتأمين والتوزيع.
وأضاف الخبير الاقتصادي سالف الذكر أن المنظومة الضريبية تشكل حوالي 40 في المائة من السعر الحقيقي للغازوال، بالإضافة إلى هامش الربح.
وأفاد المتحدث عينه بأن سعر الغازوال انخفض بمقدار 0.65 درهما، لينزل لأول مرة عن عتبة 10 دراهم؛ وهو ما يعتبر “خطوة إيجابية لمستعملي هذه المادة الأساسية”.
وانتقد جدري استمرار ارتفاع هامش ربح الموزعين، حيث يحققون أرباحا تتجاوز 1.65 درهما في الغازوال وحوالي درهمين في البنزين.
واعتبر أنه لو وجدت منافسة حقيقية بين الفاعلين في القطاع لكان من الممكن أن يصل السعر إلى 9 دراهم فقط؛ لكن غياب هذه المنافسة يحول دون ذلك.
ووصف هذا الانخفاض بأنه “مرحلي” ومرتبط باستقرار الأسعار العالمية، محذرا من إمكانية عودة الارتفاع في ظل حالة “عدم اليقين” التي يعيشها العالم.
في هذا السياق، استحضر جدري ما حدث في أبريل 2022 حين تجاوز سعر البرميل 120 دولارا؛ مما رفع سعر الغازوال محليا إلى 17 درهما.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن الانخفاض الحالي يظل طبيعيا وعاديا؛ لكنه شدد على ضرورة خلق منافسة فعلية بين شركات المحروقات لضمان أسعار أكثر عدالة للمواطنين.
واعتبر جدري بذلك أن تحسين أداء القطاع يتطلب إعادة النظر في آليات المنافسة لضمان انعكاس حقيقي لانخفاض الأسعار العالمية على السوق الوطنية.
المصدر:
هسبريس