آخر الأخبار

ماذا سيحمل عام 2026 للاجئين السوريين في ألمانيا؟

شارك
سوريون في برلين يحتفلون بسقوط نظام الأسدصورة من: dts-Agentur/picture alliance

لم يسبق أن قامت ألمانيا بترحيل أي مواطن سوري منذ عام 2011. ففي ذلك العام أعلنت ألمانيا إيقاف عمليات الترحيل المباشر إلى سوريا بعد اندلاع الحرب، في أعقاب أعمال القمع العنيف للمظاهرات من قبل نظام بشار الأسد.

ولكن سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، مثّل تحولا كبيرا ليس داخل سوريا فحسب، بل وفيما يتعلق بطريقة تعاطي الدول المستضيفة للاجئين السوريين، والذين يوجد منهم في ألمانيا مئات الآلاف.

مسارعة المسؤولين الحكوميين الألمان إلى زيارة دمشق كانت لبحث ملفات عديدة، يبرز منها التعاون فيما يخص ملف ترحيل بعض السوريين المقيمين في ألمانيا. و منذ الإطاحة بنظام الأسد تزايدت الدعوات في ألمانيا لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وفي يوم الثلاثاء 23 كانون الأول/ديسمبر 2025، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية عن ترحيل أول سوري إلى دمشق بشكل مباشر.

ونددت منظمات حقوقية بقرار ترحيل المهاجرين إلى كل من سوريا وأفغانستان. غير أن الائتلاف الحكومي في ألمانيا جعل من مسألة ترحيل السوريين إلى بلدهم أولوية دبلوماسية، لتلحق ألمانيا بجارتها النمسا؛ ففي تموز/يوليو، كانت النمسا أول بلد في الاتحاد الأوروبي يرحل مواطنا سوريا منذ 2011.

ماذا نعرف عن الشخص الذي تم ترحيله؟

وُلد الرجل في سوريا عام 1988 وعاش في ألمانيا لعدة سنوات. وأمضى عقوبة سجن في ولاية شمال الراين وستفاليا (غرب ألمانيا) على خلفية السطو، في ظروف مشدّدة للعقوبة والإيذاء الجسدي والابتزاز.

وإن كانت عملية الترحيل هذه تبدو رمزية، إلا أنها تشكل بداية على ما يبدو لترحيلات قادمة. وصرح وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبرينت: "يجب على المجرمين مغادرة بلادنا. نحن ندعم ضبط النفس .. ولكن لن يكون هناك تهاون مطلقا مع المجرمين ومن يشكلون تهديدا".

وذكرت وزارة الداخلية أنه تم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية "يسمح بترحيل المجرمين والأفراد الخطرين بشكل منتظم في المستقبل".

وهذا يعطي الانطباع عما هو قادم: هناك عمليات ترحيل مستقبلية. ولكن ما حجمها ومن ستشمل؟

سياسة الحكومة الألمانية بما يخص الترحيل

عند تشكيل الائتلاف الحكومي الحالي، المكون من حزبي الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، جرى الاتفاق على أن الحكومة ستقوم بعمليات ترحيل إلى سوريا وأفغانستان، وفق ما صرح وزير الداخلية دوبرينت، مؤكدا أن للمجتمع الألماني "مصلحة مشروعة في ضمان مغادرة المجرمين للبلاد".

وإن كانت عمليات ترحيل المجرمين والخطرين إلى أفغانستان قد بدأت بالفعل مع الحكومة السابقة بقيادة أولاف شولتس، فإن الحكومة الحالية تبدو جادة في المضي قدما بخصوص ترحيل المجرمين المدانين وأيضا أولئك المصنفين كخطرين، يما يشمل السوريين منهم.

أما بقية السوريين الذين رفضت طلبات لجوئهم أو سُحبت منهم صفة اللجوء أو الحماية الثانوية، فهم وإن كانوا مطالبين بمغادرة ألمانيا، فقد يكون من المبكر القول إن الحكومة سترحلهم بشكل إجباري، لصعوبات لوجستية، وأيضا بسبب الوضع المعقد في سوريا، سواء أمنيا أو اقتصاديا أو خدميا بعد سنوات من الدمار.

وبهذا يركز التحالف الحكومي على ترحيل الجناة السوريين إلى موطنهم بأسرع وقت ممكن، وتشجيع العودة الطوعية لبقية اللاجئين السوريين. وهو ما عبر عنه المستشار فريدريس ميرتس في أكثر مناسبة، حيث قال في تشرين الأول/أكتوبر إن الحرب في سوريا انتهت، و"لم تعد هناك أي أسباب الآن للجوء في ألمانيا، ولذلك يمكننا البدء في عمليات الترحيل".

رفض طلبات لجوء الكثير من السوريين

بعد تعليق دراسة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، لعدة أشهر إثر الإطاحة بنظام الأسد، عادت السلطات الألمانية لدراسة قسم من هذه الطلبات والبت بها بشكل سريع. وجاءت النتيجة بالرفض بنسبة أكثر من 99 بالمئة. ومعظم الملفات التي تمت دراستها كانت لطالبي لجوء من العرب السنة. فيما جرى تأجيل دراسة طلبات اللجوء المقدمة من بقية فئات المجتمع السوري، وفق السياسة غير المعلنة التي يتبعها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين حاليا.

بعد توقف لأشهر.. استأنفت سلطات الهجرة دراسة طلبات اللجوء المقدمة من سوريين صورة من: picture-alliance/dpa/J. Büttner

وفي صيف 2025، قال ألكسندر تروم، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي لشؤون السياسة الداخلية: "على الأقل، يمكن للعرب السنة، الذين يشكلون الغالبية العظمى من السوريين في ألمانيا، العودة بأمان إلى سوريا". كما يرى القيادي في نفس الحزب (حزب المستشار ميرتس)، ألكسندر هوفمان، أن عمليات الترحيل "صائبة تماما". وأضاف أنه يجب النظر في إمكانية وجود ملاذات آمنة في دول تعاني من أزمات مثل سوريا ، يمكن الترحيل إليها.

الحسم سيكون عبر القضاء

موجة الرفض الكبيرة هذه لطلبات اللجوء ، ستتبعها موجة كبيرة من الطعون التي سترفع إلى المحاكم الإدارية والإدارية العليا، والتي ستكون في عام 2026 منشغلة بالبت في الكثير من الطعون، وهذا سيكون أمرا حاسما. ففي حال صادق القضاء على إمكانية رفض طلبات لجوء السوريين، فحينها سيعمل المكتب الاتحادي على التسريع في دراسة كل طلبات اللجوء ، والاستمرار في رفضها، لعدم وجود خطر في سوريا على مقدمي الطلبات من مناطق سورية معينة.

وبالتالي قد يتم منح المرفوضة طلباتهم ما يسمى "دولدونغ" باللغة الألمانية، أي منع مؤقت من الترحيل. وهو وضع قانوني يمكّن الشخص من البقاء في ألمانيا لفترة قصير، يمكن تجديدها، ولكن سيبقى محروما من الكثير من الأمور، مقارنة بحاملي الإقامة النظاميين، مثل مسألة الحصول على الجنسية الألمانية مستقبلا.

أما إذا اتجه القضاء إلى رفض قرارات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فهذا سيدخل الحكومة الألمانية في مأزق حول طريقة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين.

تحرير: عبده جميل المخلافي

DW المصدر: DW
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا