أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، في معرض جوابه على أسئلة المستشارين بالبرلمان، أن الوزارة قامت بتسوية وضعية تعيين 661 طبيبا متخصصاً من دفعة 2023-2024، إضافة إلى 480 طبيباً متخصصا من دفعة 2025، أي ما مجموعه أكثر من 1200 طبيب اختصاصي خلال سنة واحدة، معتبراً أن هذا المجهود يشكل خطوة مهمة في اتجاه تقليص الخصاص المتراكم في الموارد البشرية الصحية.
وأوضح الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 30 دجنبر، أن نسبة التعيينات بالمناطق القروية والمناطق الصعبة بلغت 52 في المائة سنة 2024، على أن تصل إلى 70 في المائة مع نهاية سنة 2025، و72 في المائة مبرمجة سنة 2026، مشيراً إلى أن هذا التوجه لا يهم فقط الأطباء المتخصصين، بل يشمل أيضاً الأطباء العامين والممرضين والقابلات العاملات في قطاع الصحة الأسرية، مع إعطاء أولوية خاصة للأقاليم التي تعاني خصاصاً مزمناً.
وشدد التهراوي على أن الوزارة تعمل على تعزيز جاذبية المناطق الصعبة من خلال إجراءات تحفيزية، سيتم تفعيلها في إطار النصوص التنظيمية ذات الصلة، مبرزاً أن الإصلاحات التي يجري تنزيلها تمثل خطوة أساسية لمعالجة الخصاص البنيوي عبر التحفيز وتطوير التكوين والتوظيف وتحسين التوزيع المجالي للموارد البشرية. وأضاف أن “الرفع التدريجي والمستدام لعدد المهنيين الصحيين يظل عاملاً حاسماً لضمان استجابة فعالة ودائمة”، مبرزاً أن الكليات الجديدة وبرامج التكوين والتوظيف المرتقبة خلال السنوات المقبلة ستسهم في تحقيق هذا الهدف.
وفي تعقيبه على ملاحظات المستشارين بشأن الحوار الاجتماعي، أكد الوزير أن الرؤية المعتمدة في ما يخص الموارد البشرية واضحة، وترتكز على مجموعة من التدابير والإجراءات التشريعية الرامية إلى تحسين وضعية المهنيين وتقليص الخصاص، مع الإقرار بأن تكوين الأطباء، ولا سيما في التخصصات، يتطلب وقتاً، وأن أفق تجاوز هذا الخصاص يمتد إلى الفترة 2021-2030. وأبرز أن تحسين وضعية الموارد البشرية رافقته إجراءات مهمة تم التوافق حولها مع النقابات، موضحاً أن الوزارة توجد حالياً في مرحلة تسريع تنزيل عدد من المراسيم، التي تم إعدادها في إطار تشاركي، مؤكداً أن “الباب يظل مفتوحاً للنقاش والحوار من أجل معالجة كل الإشكالات والخروج باتفاقات تمكن من تثمين مجهودات الموظفين والمهنيين الصحيين”.
وبخصوص تنزيل ورش المجموعات الصحية الترابية، أوضح أمين التهراوي أن هذا الورش يوجد في مرحلة التقييم الميداني، وسيتم فتح نقاش حول كيفية تعميمه في مختلف المناطق، مع الوقوف على الصعوبات التي رافقت تنزيله والتدابير الكفيلة بتجاوزها. وقدم مثالاً بإقليم القنيطرة، حيث أشار إلى تجربة مستشفى الزموري، معتبراً أنه نموذج لتحسين الخدمات الصحية في مدة قصيرة بفضل اختيارات تنظيمية ناجعة، مبرزاً أن المستشفى تمكن في ظرف أقل من سنة من تحسين مؤشرات الأداء، وتقليص آجال الفحص، والتكفل بأكثر من 60 ألف حالة مستعجلة، و42 ألف استشارة متخصصة، إضافة إلى تسجيل أزيد من 8700 حالة ولادة.
وفي محور آخر يتعلق بتوفر الأدوية والمنتجات الصحية، أكد الوزير أن ضمان التوفر والجودة والسلامة “ليس مسألة تقنية ظرفية، بل خيار استراتيجي مرتبط مباشرة بالأمن الصحي وثقة المواطنات والمواطنين”. وأوضح أن إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية بموجب القانون رقم 22 جاء لتعزيز الحكامة والسيادة الدوائية، عبر تسريع مساطر الترخيص والمراقبة، وضمان جودة وسلامة الأدوية، وتتبع المخزون، ومواكبة الصناعة الوطنية ودعم الابتكار.
وأشار التهراوي إلى إطلاق ورش رقمي متقدم يشمل رقمنة مساطر الترخيص والتسويق وتتبع الملفات بشكل آني، وتعزيز اليقظة الدوائية، بما سيمكن من الانتقال إلى تنظيم دوائي حديث واستباقي وشفاف. وأضاف أن الوزارة، بتنسيق مع الوكالة، تعمل على تحيين المرسوم المتعلق برخصة التسويق بما يواكب متطلبات الإصلاح الجاري ويساهم في تسريع المساطر وضمان استمرارية التزويد مع الحفاظ على معايير الجودة والسلامة.
كما أعلن الوزير عن إحداث مرصد وطني للأدوية في إطار تشاركي مع مختلف الفاعلين، يهدف إلى الرصد المبكر لاختلالات التزويد، وتتبع تطور الأسعار، ودعم القرار العمومي بمعطيات دقيقة. وأبرز في السياق ذاته أن الوزارة باشرت إرساء منصة لوجستيكية وطنية موحدة للأدوية والمستلزمات الطبية، تعتمد على مستودعات جهوية مترابطة، ومنظومة نقل مرنة، ونظام معلوماتي موحد لتدبير المخزون والتوزيع، على مدى 18 شهراً، لما لذلك من أثر مباشر على تقليص الاختلالات.
وفي إطار الإجراءات الاستعجالية، أكد أمين التهراوي أن الوزارة أطلقت، ضمن المخطط الاستعجالي، أوراشاً لتعزيز توفر الأدوية والمستلزمات الطبية على المدى القصير، تشمل إعادة تكوين المخزون الاستراتيجي، وتحيين مستويات المخزون الضروري وطنياً، وتسريع التزويد لفائدة المؤسسات الصحية التي تعرف خصاصاً.
وكشف أنه تم خلال الشهرين الأخيرين إرسال شاحنات محملة بما يعادل 560 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية إلى عدد من الجهات، إضافة إلى توزيع موجّه حسب الحاجيات الميدانية، خاصة لفائدة 31 إقليماً وعمالة، بما يفوق 23 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، مؤكداً أن هذه الإجراءات مكنت من تحسين التوفر الفعلي للأدوية الحيوية وتقليص مخاطر الانقطاع، في انتظار استكمال تنزيل الإصلاحات الهيكلية.
المصدر:
لكم