أكد عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن ما يُتداول بشأن “التدريس بالتوقيت الميسر” بالجامعة المغربية لا يشكل بأي حال مساسا بمبدأ مجانية التعليم، موضحا أن هذا النمط معمول به منذ قرابة عشر سنوات، لكنه كان غير مقنن، قبل أن يتم تأطيره قانونيا وتنظيميا.
وشدد الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة الاثنين بمجلس النواب، على أن التكوين المقدم في هذا الإطار “يساوي تماما التكوين العادي من حيث المحتوى والجودة”، معتبرا أن الهدف منه هو توسيع تكافؤ الفرص، خاصة لفائدة الأجراء والموظفين الراغبين في متابعة دراستهم خارج أوقات العمل، دون التأثير على حق الطلبة في التعليم المجاني الذي يكفله الدستور والقانون.
وأوضح ميداوي أن الرسوم المرتبطة بالتوقيت الميسر لا تعني الطلبة، وإنما تهم فئة الموظفين والأجراء الذين يختارون الدراسة خارج أوقات العمل، في إطار يراعي شروط التأطير البيداغوجي ويخفف من حدة الاكتظاظ داخل الجامعات، مؤكدا أن هذا الخيار سيساهم في تحسين نسب التأطير في الماستر والدكتوراه لفائدة الطلبة النظاميين.
وفي رده على سؤال للفريق الحركي حول وضعية الأساتذة الجامعيين، ذكر الوزير أن الارتقاء بالجامعة المغربية يمر عبر مداخل متعددة، قانونية وتنظيمية وبيداغوجية، غير أن “الموارد البشرية تبقى الأساس”، سواء تعلق الأمر بالأساتذة أو الموظفين أو الطلبة. وأوضح أن الوزارة تواصل تنزيل مقتضيات النظام الأساسي الجديد للأساتذة، مع وجود حوار دائم مع النقابات الممثلة لهم، مشيرا إلى أن ملفهم المطلبي قيد التتبع، مفيدا بأن “أخبارا سارة” ستُعلن قريبا في هذا الصدد.
وبخصوص إشكالات الاكتظاظ وضعف التأطير، خاصة بالكليات متعددة التخصصات، شدد المسؤول الحكومي على أن هذه الاختلالات “في طريق الحل”، مستشهدا بتجربة الناظور التي جرى فيها تقسيم المؤسسة إلى أربع مؤسسات مستقلة، مع تخصيص اعتمادات إضافية لتحسين نسب التأطير، مؤكدا أن المقاربة نفسها تشمل مؤسسات أخرى ذات استقطاب مفتوح على الصعيد الوطني.
وفي ما يتعلق بتعميم المنح الجامعية، أوضح ميداوي، ردا على سؤال للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن التعميم يظل “هدفا استراتيجيا” تتقاسمه الحكومة والمجتمع، غير أن الإكراهات المالية حالت دون تحقيقه بشكل كامل. ومع ذلك، أبرز الوزير تحسنا ملحوظا في نسب الاستجابة للطلبات الجديدة المرتبطة بالسجل الاجتماعي الموحد؛ إذ انتقلت من 83 في المائة سنة 2023 إلى حوالي 97 في المائة خلال الموسم الجامعي 2025-2026، مع الالتزام بالوصول إلى التعميم بشكل تدريجي.
غير أن هذه التوضيحات لم تُقنع عددا من النواب، الذين اعتبروا أن محدودية المنح تُسهم في تفاقم الهدر الجامعي، خاصة في الأقاليم النائية التي تفتقر إلى مؤسسات جامعية. وأكد متدخلون أن الطلبة المنحدرين من أسر فقيرة يضطرون للتنقل بين الأقاليم لمتابعة دراستهم، في ظل غياب الدعم الكافي، مطالبين بتسريع تعميم المنحة باعتبارها “حقا” وليس امتيازا.
وفي تعقيبه، شدد ميداوي على أن مسؤولية دعم الطلبة لا تقع على عاتق الدولة وحدها، قائلا: “يد واحدة ما تصفقش”، داعيا إلى مساهمة الجماعات الترابية والقطاع الخاص. كما أعلن عن مراجعة مرتقبة لمعايير السجل الاجتماعي الموحد، عبر دراسة علمية، من أجل تصحيح الاختلالات التي أفرزها التطبيق الحالي.
وردّا على شكاوى تتعلق بحرمان بعض الطلبة من المنحة عند انتقالهم بين المؤسسات الجامعية، أشار الوزير إلى أن القانون واضح، وأن الطالب يحتفظ بحقه في المنحة طيلة مدة الإجازة ما لم يسقط أكثر من مرتين، داعيا النواب إلى إحالة أي حالات استثنائية على الوزارة لمعالجتها.
وفي ما يخص السكن الجامعي، اعترف ميداوي بأن النموذج المعتمد منذ الاستقلال بلغ حدوده، مبرزا أن الطاقة الاستيعابية الوطنية لم تتجاوز 70 ألف سرير. وأكد أن الوزارة راهنت على إصلاح الإطار القانوني للمكتب الوطني للأعمال الجامعية، وتعزيز تمثيليته الجهوية، إلى جانب إطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء وتدبير الأحياء الجامعية. وكشف في هذا السياق عن تعبئة 127 هكتارا من العقار، مع العمل على تحسين شروط دفاتر التحملات لجذب المستثمرين، في أفق نموذج يحقق “الاختلاط الاجتماعي” بين مختلف فئات الطلبة.
المصدر:
هسبريس