أنهت بورصة الدار البيضاء تداولاتها، اليوم الإثنين، على إيقاع التراجع، حيث اكتست شاشات التداول باللون الأحمر في جلسة اتسمت بضغوط بيعية مكثفة وزخم تداولات استثنائي تجاوز المليار درهم.
وكان الحدث الأبرز هو توقف “شهر العسل” لسهم “الشركة العامة المغربية للأشغال” (GTM)، الذي قاد موجة الهبوط بعد سلسلة من الارتفاعات القياسية التي تلت إدراجه حديثاً.
وشكل سهم (GTM) الحدث الأبرز في الجلسة، حيث هوى بنسبة 6.15% ليستقر عند سعر 760 درهما، حيث لم يكن هذا التراجع عابرا، بل جاء مصحوبا بأحجام تداول ضخمة بلغت وحدها نحو 699.5 مليون درهم، وهو ما يمثل أكثر من نصف سيولة السوق الإجمالية لهذا اليوم.
ويرى محللون ماليون أن هذا الهبوط الحاد يمثل “حركة تصحيحية تقنية” طبيعية، أو ما يعرف بـ”جني الأرباح” (Profit Taking)، وذلك بعد الرالي (Rally) القوي الذي حققه السهم منذ إدراجه، حيث راكم مكاسب تجاوزت 60% في فترة وجيزة.
ويبدو أن المستثمرين فضلوا تأمين مكاسبهم قبل إغلاق حسابات نهاية السنة، مما خلق ضغطا بيعيّا تفوق على طلبات الشراء عند المستويات السعرية المرتفعة.
وتحت وطأة تراجع الأسهم القيادية وعلى رأسها (GTM)، أنهى المؤشر الرئيسي “مازي” (MASI) الجلسة متراجعا بنسبة 0.49%، ليستقر عند مستوى 18,386.49 نقطة.
ولم يسلم مؤشر MASI.20، الذي يضم أكبر 20 شركة مدرجة وأكثرها سيولة، من موجة الهبوط، حيث تراجع بنسبة 0.54% إلى 1,451.81 نقطة، مما يعكس التأثير المباشر للقيم الكبرى على اتجاه السوق. كما سجل مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة MASI Mid and Small Cap انخفاضا طفيفا بنسبة 0.16%.
في المقابل، شكل مؤشر MASI.ESG (المعايير البيئية والاجتماعية والحكامة) الاستثناء الوحيد في القائمة الحمراء، حيث خالف الاتجاه العام وأغلق على ارتفاع بنسبة 0.3% عند 1,230.66 نقطة، مما يشير إلى تماسك بعض الأسهم القيادية الأخرى ذات التصنيف الجيد في مجال الحكامة.
سيولة استثنائية وزخم في القطاع البنكي
وسجلت الجلسة حجما إجماليا للتداولات بلغ مستويات قياسية ناهزت 1.32 مليار درهم، مما يؤكد أن السوق يشهد حراكا قويا في نهاية العام. وفي حين استحوذت (GTM) على حصة الأسد، شهد القطاع البنكي نشاطا لافتا ساهم في تعزيز السيولة، حيث حل مصرف المغرب (CDM) ثانيا بحجم تداول بلغ 201.34 مليون درهم.
أما القرض العقاري والسياحي (CIH Bank)، فقد جاء ثالثا بتداولات بلغت 157.51 مليون درهم، في حين استقرت الرسملة السوقية الإجمالية للبورصة عند 1,015.15 مليار درهم، محافظة على حاجز التريليون درهم رغم التراجعات.
وعلى مستوى الأداء الفردي للأسهم، تباينت الصورة بشكل كبير، إذ تصدر سهم “سطوكفيس شمال إفريقيا”، في خانة الانخفاضات، القائمة بتراجع حاد قدره 7.4%، تلاه سهم GTM، ثم “شركة الأشغال العامة للبناء بالدار البيضاء” (TGCC) التي فقدت 4.79%، وتساوت معها شركة “إنفوليس” بنفس نسبة التراجع، بينما خسرت “ستروك للصناعة” 4.21% من قيمتها.
وفي خانة الارتفاعات؛ كانت الأسهم العقارية والتمويلية هي الملاذ الآمن، حيث حلقت “أراضي كابيتال” عاليا بمكاسب بلغت 9.96% (الحد الأقصى المسموح به تقريبا)، تلتها شركة التمويل “إيكدوم” بزيادة 9.17%، ثم “سلفين” بـ 5.99%، وشركة “رباب” بـ 5.95%، وأخيرا “ديستي تكنولوجيز” التي صعدت بـ 4.79%.
ويختبر السوق حاليا مستويات دعم هامة، وبينما تثير تقلبات الأسهم الحديثة الإدراج (مثل GTM) بعض المخاوف لدى صغار المستثمرين، فإن أحجام التداول المرتفعة تشير إلى بقاء الشهية المؤسساتية مفتوحة.
وتتجه أنظار المهتمين بالبورصة، نحو الجلسات المتبقية من هذا الأسبوع لمعرفة ما إذا كان السوق سيمتص صدمة جني الأرباح ويعاود المسار الصاعد، أم أن الحذر سيظل سيد الموقف حتى مطلع العام الجديد.
المصدر:
العمق