في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن العلفي ومواجهة التحديات المناخية التي تؤثر على سلسلة الإنتاج الحيواني، أعطت السلطات المغربية الضوء الأخضر رسميا لاستيراد مادة “التبن” من البرازيل، وذلك بعد استكمال المفاوضات الصحية النباتية بنجاح بين البلدين.
ويأتي هذا القرار، الذي أعلنت عنه وزارة الزراعة والثروة الحيوانية البرازيلية في بلاغ بتاريخ 23 دجنبر 2025، ليمثل متنفسا حقيقيا لمربي الماشية المغاربة.
وفي ظل توالي سنوات الجفاف وشح التساقطات المطرية التي أثرت سلبا على المراعي والزراعات العلفية المحلية، أصبح البحث عن مصادر خارجية للأعلاف ضرورة ملحة للحفاظ على القطيع الوطني وضمان استقرار أسعار اللحوم والألبان في الأسواق المغربية.
وفي تصريح لجريدة “العمق”، اعتبر الشريف الكرعة، الكاتب العام للجمعية الفلاحية “أرضات للتنمية المستدامة” بجماعة عين الدفالي، إقليم سيدي قاسم، أن استيراد التبن من البرازيل قد يمثل حلا مؤقتا لحماية القطيع، لكنه شدد على أن هذا الإجراء لا يحل مشكلة استدامة الإنتاج المحلي.
واستطرد الكرعة قائلا: “أي قطيع نحميه ونحن نستورد الأبقار واللحوم الحمراء؟ هل نستورد لحماية القطيع أم لحماية ماء الوجه طالما أعلنتم أن المخطط الأخضر نجح وحقق أهدافه؟ يبدو أن وزارة الفلاحة لم تستطع حتى الآن اختيار الطريق الصحيح لإصلاح المنظومة الفلاحية، طالما أن لوبيات الاستيراد تمتلك سلطة القرار. الحلول اليوم هي بيد الفلاح، ونأمل أن تُتاح له الفرصة عبر الإعلام العمومي للتعبير عن رأيه.”
ودعا الكساب ذاته إلى انفتاح وزارة الفلاحة على الكساب، خصوصا صغار الفلاحين والمتوسطين، لممارسة بعض الضغوط على اللوبيات التي أنهكت القطاع الفلاحي في جميع سلاسل الإنتاج، مشيرا إلى أن دعم قطاعات الحوامض والأفوكادو على حساب قطاع الحبوب، الذي يشكل المصدر الرئيسي لتبن القطيع الوطني وأمنه الغذائي، يحتاج إلى إعادة نظر.
وأكد الشريف الكرعة أن الجمعية التي ينتمي إليها تتوفر على حلول حقيقية لتقوية القطيع الوطني، مؤكدا على أن الدعم الحالي للفلاح واستيراد التبن واللحوم لن يكون حلا مجديا، مبرزا أن الأيام ستثبت ذلك.
هذا، وستتيح هذه الاتفاقية للمهنيين المغاربة استيراد التبن البرازيلي لاستخدامه أساسا في تغذية الماشية، مما سيساهم في تخفيف الضغط على الموارد المحلية وضمان توفر منتظم للأعلاف بأسعار تنافسية، وهو ما يعد مطلبا ملحا للفاعلين في القطاع الفلاحي بالمملكة.
ويندرج هذا المستجد ضمن دينامية تجارية قوية تربط الرباط ببرازيليا، حيث تعد المملكة شريكا استراتيجيا للعملاق اللاتيني في شمال إفريقيا، حيث تكشف الأرقام الرسمية عن حجم التبادل القوي بين البلدين؛ إذ بلغت الصادرات الزراعية البرازيلية إلى كل من المغرب والعراق وسنغافورة ما يقارب 3.8 مليارات دولار خلال سنة 2024.
ويعكس فتح السوق المغربية أمام التبن البرازيلي ثقة السلطات الصحية المغربية في معايير السلامة والجودة البرازيلية، حيث تطلب الأمر مفاوضات دقيقة للتأكد من خلو المنتجات المستوردة من أي آفات قد تضر بالبيئة الفلاحية المغربية.
ويرى مراقبون للشأن الفلاحي أن لجوء المغرب إلى السوق البرازيلية لتأمين حاجياته من الأعلاف يصب في إطار استراتيجية المملكة لتنويع الشركاء التجاريين وتأمين سلاسل التوريد.
وبدلا من الاعتماد على مصادر تقليدية محدودة، يوسع المغرب خياراته لضمان استدامة قطاع تربية المواشي الذي يعتبر ركيزة أساسية في الاقتصاد القروي والأمن الغذائي للمغاربة.
تجدر الإشارة إلى أن البرازيل تواصل توسيع نفوذها الزراعي عالميا، حيث أكدت وزارتها الوصية أن الاتفاق مع المغرب جاء تزامنا مع اتفاقات مماثلة مع العراق وسنغافورة، مما يرفع عدد الأسواق المفتوحة أمام منتجاتها إلى مستويات قياسية، إلا أن “الظفر” بالسوق المغربية يكتسي أهمية خاصة نظرا لموقع المغرب كبوابة استراتيجية ولاعب رئيسي في المنطقة.
المصدر:
العمق