آخر الأخبار

قرار أممي جديد يؤكد مسؤولية الجزائر في تعطيل حل نزاع الصحراء المغربية

شارك

كشفت الأمم المتحدة، بحر هذا الأسبوع، عن فحوى القرار رقم 80/89 الذي اعتمدته الجمعية العامة بشأن قضية الصحراء المغربية، مؤكدة دعمها مسارا سياسيا واقعيا، دائما ومتوافقا عليه بين الأطراف، تحت الرعاية الحصرية للأمين العام ومبعوثه الشخصي.

القرار شدد، في الوقت نفسه، على ضرورة الحفاظ على الزخم السياسي الذي راكمته المفاوضات السابقة، داعيًا الأطراف إلى إبداء إرادة سياسية حقيقية، والعمل في مناخ يهيئ لحوار جاد ومنتظم، بحسن نية ودون شروط مسبقة، قصد الانتقال إلى مرحلة جديدة من المفاوضات المكثفة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

هذا القرار الأممي أثار تفاعلات واسعة في أوساط الخبراء والباحثين في العلاقات الدولية، الذين توقفوا عند رسائله السياسية، وسياقه الدولي، والجهات المعنية به بشكل مباشر.

ثلاث رسائل أساسية

في هذا السياق يرى أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية والمتخصص في ملف الصحراء، أن القرار 80/89 يمكن اختزاله في ثلاث نقاط جوهرية ذات دلالات سياسية واضحة.

النقطة الأولى، بحسب تصريح نور الدين لهسبريس، تتمثل في دعوة الجمعية العامة إلى توفير مناخ ملائم للحوار، وتجنب كل أشكال التصعيد، تمهيدًا لمرحلة جديدة من المفاوضات، ويؤكد أن هذه الدعوة موجهة بشكل مباشر إلى الجزائر، باعتبارها الدولة الحاضنة للمشروع الانفصالي، التي عرقلت، وفق تعبيره، كل محاولات استئناف الحوار منذ آخر جولة مفاوضات بجنيف.

ويضيف الخبير ذاته أن رفض الجزائر الجلوس إلى طاولة المفاوضات لم يكن موقفًا معزولًا، بل اقترن بدفع الجبهة الانفصالية إلى تعطيل كل المساعي الأممية، ما جعل العملية السياسية تراوح مكانها رغم القرارات المتتالية الصادرة عن الأمم المتحدة.

وفي السياق ذاته لفت المتحدث إلى أن الدعوة إلى تجنب التصعيد تحمل بدورها رسالة مباشرة إلى الجزائر، التي، منذ إعلانها الأحادي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في غشت 2021، انتهجت سياسة تصعيدية متعددة الأبعاد.

وأشار نورد الدين إلى أن هذا التصعيد شمل المناورات العسكرية بالذخيرة الحية قرب الحدود المغربية، وسحب السفراء من الدول الداعمة لمغربية الصحراء، إضافة إلى أزمات دبلوماسية حادة مع إسبانيا وفرنسا، فضلًا عن حملة إعلامية مكثفة وصفها بأنها “شبه حرب يومية” تستهدف المغرب في مختلف القضايا، من التراث والثقافة إلى الرياضة.

ويرى الخبير أن القرار الأممي، من خلال هذه الدعوة، يحمّل الجزائر مسؤولية مباشرة عن توتير الأجواء وعرقلة استئناف المسار السياسي.

أما النقطة الثانية التي يبرزها المتحدث فتتعلق بتأكيد الجمعية العامة على ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن، في إشارة واضحة إلى القرار 2797، وأوضح أن القرارات الأممية ذات طبيعة تراكمية، وأن القرار الأخير لمجلس الأمن هو المرجعية الأساسية لأي حل سياسي، باعتباره حدّد الحكم الذاتي كإطار وحيد وواقعي لتسوية النزاع.

وبحسب نور الدين فإن هذا المعطى يقوض كل الطروحات الانفصالية، ويضع حدًا لما سماها “أحلام اليقظة” لدى النظام الجزائري والجبهة الانفصالية، مؤكّدًا أن المجتمع الدولي بات يدرك اليوم أن هذه الجبهة ليست سوى أداة في يد الجزائر لتصفية حساباتها السياسية مع المغرب.

النقطة الثالثة، التي يعتبرها نور الدين بالغة الأهمية، تتعلق بدعوة الجمعية العامة إلى التعاون الكامل مع الآليات الدولية الإنسانية، واحترام القانون الدولي الإنساني، والعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ويرى الخبير أن هذه الدعوة موجهة، مرة أخرى، إلى الجزائر، التي ترفض السماح للمقررين الأمميين بزيارة مخيمات تندوف، وتمنع إجراء الإحصاء الرسمي للاجئين، وهو الإجراء الذي يكفل لهم وضعية قانونية دولية وحقوقًا أساسية، من حرية التنقل والتعليم والعمل.

ويشير المصرح ذاته إلى أن مخيمات تندوف تشهد خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، من بينها الجمع بين المدنيين والمسلحين، ووجود اعتقالات خارج القانون، وانتهاكات لحرية التعبير والتجمع، فضلًا عن منع عودة النساء والأطفال والشيوخ إلى موطنهم الأصلي، وهو ما يجعل هذا الملف نقطة ضعف بنيوية في الموقف الجزائري.

الجمعية العامة تساير مجلس الأمن

من جهته يعتبر لحسن أقرطيط، الباحث في العلاقات الدولية، أن قرار الجمعية العامة يندرج ضمن توجه دولي عام تشكّل بعد تبني مجلس الأمن القرار 27/97، الذي حدد الحكم الذاتي كأرضية سياسية وحيدة لإنهاء النزاع حول الصحراء المغربية.

وأكد أقرطيط ضمن تصريح لهسبريس أن القرار 80/89 تجاوز كل السرديات التي روجتها جبهة البوليساريو والنظام الجزائري لعقود، ودعا بشكل واضح إلى العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل حل سياسي واقعي، ذي مصداقية ودائم، ويرى أن الجمعية العامة، من خلال هذا القرار، عكست الشرعية الدولية القائمة، وترجمت التقاطع السياسي داخل مجلس الأمن، كما عبّرت عن رغبة متزايدة لدى المنتظم الدولي في وضع حد لنزاع طال أمده، وأصبح عبئًا على الاستقرار الإقليمي.

ويخلص الباحث ذاته إلى أن القرار الأممي الأخير يؤكد، مرة أخرى، أن خيار الحكم الذاتي بات يشكل الأفق السياسي الوحيد لأي مفاوضات مستقبلية، وأن الجمعية العامة تبنّت، بشكل صريح، المقاربة نفسها التي يعتمدها مجلس الأمن.

وبذلك يعزز القرار 80/89 موقع المغرب داخل المنتظم الدولي، ويكرّس تحولًا نوعيًا في التعاطي الأممي مع ملف الصحراء، في اتجاه حل سياسي نهائي، واقعي، ومتوافق عليه، ينسجم مع السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا