أشاد صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي باشرها المغرب في مجال الإدارة الجبائية، مسلطا الضوء على التقدم المحرز في تحديث النظام الضريبي وتعزيز نجاعته، وذلك في تقرير لتقييم الأداء جرى نشره الخميس 25 دجنبر 2025، في إطار مهمة تقييم اعتمدت أداة التشخيص الدولية المعروفة باسم «TADAT».
وأكد التقرير الذي اطلعت عليه العمق، أن من أبرز نقاط قوة منظومة الإدارة الضريبية بالمملكة تعميم المساطر الرقمية، التي أصبحت إلزامية ومتاحة بشكل دائم عبر المنصة الآمنة «SIMPL»، ما أتاح معالجة أزيد من 90 في المائة من التصريحات والمدفوعات الجبائية إلكترونيا، وساهم في تبسيط الإجراءات وتحسين علاقة الإدارة بالملزمين، سواء من حيث الولوج إلى الخدمات أو تقليص كلفة الامتثال الضريبي.
ونوّه الصندوق بتكريس ثقافة إدارية موجهة نحو الخدمة، تشجع على الامتثال الطوعي للواجبات الجبائية، من خلال توفير معلومات عامة ومخصصة، وخدمات مصممة وفق حاجيات مختلف فئات دافعي الضرائب، إلى جانب اعتماد قنوات تواصل متعددة وبرامج تحسيسية وتكوينية تستهدف تحسين الوعي الجبائي.
وسجل التقرير اعتماد المغرب نهجا منظما في جمع وتحليل المعطيات لرصد المكلفين المحتملين وتوسيع الوعاء الضريبي، مبرزا أن الإدارة الجبائية نفذت تدخلات ميدانية وتحليلات مبنية على تقاطع المعطيات مع عدد من المؤسسات العمومية، وهو ما مكن من تسجيل تحسن ملموس في هذا المجال مقارنة بتقييم سنة 2018.
كما أبرز صندوق النقد الدولي اعتماد مقاربة شمولية ومركزية في تدبير مخاطر عدم الامتثال الضريبي، مدعومة بإطلاق نظام مطابقة وتحليل البيانات «SRAD»، الذي يتيح تقاطعا واسعا وفعالا للمعلومات ويساعد على توجيه عمليات المراقبة نحو الحالات الأكثر خطورة، مع تتبع صارم لبرامج المراقبة الجبائية المبنية على تحليل المخاطر، قصد تقييم جودة وفعالية عمليات التفتيش.
وأشاد التقرير أيضا بالأنظمة المحاسبية المؤتمتة والشفافة التي تم إرساؤها، وبالمساهمة المنتظمة والمنظمة للإدارة الجبائية في إعداد توقعات المداخيل، من خلال التتبع الشهري للإيرادات، لاسيما ما يتعلق بتوقعات واسترجاع الضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يعزز موثوقية التخطيط المالي والميزانياتي على المدى المتوسط.
وفي المقابل، أشار التقرير إلى استمرار بعض التحديات، من بينها ضعف تحديث سجل الملزمين، خاصة في ما يتعلق بالملزمين غير النشيطين، وارتفاع مخزون المتأخرات الجبائية، إضافة إلى طول آجال معالجة طلبات استرجاع الضريبة على القيمة المضافة وتسوية النزاعات الضريبية، معتبرا أن معالجة هذه النقاط تظل ضرورية لتعزيز نجاعة الإصلاحات القائمة.
ويخلص التقرير إلى أن هذا التقييم الإيجابي يعكس المسار الإصلاحي الذي انخرط فيه المغرب من أجل تحديث إدارته الجبائية وتحسين حكامتها وملاءمتها مع المعايير الدولية، مشيرا إلى أن هذا التقييم، وهو الثاني من نوعه بعد تقييم 2018، يشكل مرجعية أساسية لمواصلة الإصلاحات خلال المرحلة المقبلة، بما يدعم الاستقرار المالي ويعزز مناخ الثقة بين الدولة والفاعلين الاقتصاديين.
المصدر:
العمق