شهد اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، مساء الأربعاء، نقاشًا مستفيضًا بشأن الفصل الأول من الباب الرابع من مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، الذي تخصّ عددٌ من مواده ما يُصطلح عليه بـ”مجلس الأمناء”.
وخلال مرحلة البت في التعديلات المقدَّمة حول مشروع هذا القانون ساد خلاف بين عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبعض مكونات المعارضة بخصوص هذه النقطة.
وطالب فريق التقدّم والاشتراكية والنائبتان فاطمة التامني ونبيلة منيب بـ”حذف مجلس الأمناء، مع نسخ مختلف المواد المتعلقة به ضمن الباب الرابع، لكونه لا يتماشى مع متطلبات ضمان استقلالية الجامعات المغربية وتعزيز الديمقراطية داخلها”.
وسجّلت النائبة نبيلة منيب رفضها بنية هذا المجلس، وفق ما جاء به المشروع نفسه، وطالبت بـ”تعويضه بمجلسٍ أكاديمي إستراتيجي منتخب ومكوَّن من الأساتذة والطلبة ومختلف المعنيين بالشأن الجامعي”.
من جهتها نبّهت النائبة فاطمة التامني إلى ما اعتبرته “توجّهًا نحو تطبيق الوصاية على الجامعة، باستحضار كون الوصاية والديمقراطية خطّين لا يلتقيان”، داعية بالمناسبة إلى “عدم التعامل بانتقائية مع التجارب الدولية المعتمَد عليها، لأنها لا تقبل الانتقائية”، على حد قولها.
وبينما أكدت أطراف من المعارضة تشبّثها بتعديلاتها التي شملتها “مسطرة الرفض” سارعت فرق الأغلبية إلى سحب تعديلاتها التي تهمّ عددا من المواد المرتبطة بمجلس الأمناء.
إلى ذلك تماهت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية مع فلسفة مشروع القانون المذكور، إذ قدّمت تعديلات تقنية تخصّ تركيبة المجلس المشار إليه، مطالِبة بـ”عدم إنشاء مجلس في كل جامعة، تفاديًا للسقوط في تنازع الاختصاصات مع مجلس المؤسسة”، في وقت طالبت بجعل تركيبته تضم أعضاء مؤسسات دستورية.
ورفض الوزير ميداوي كثيرا مما أثير في هذا الجانب، إذ أفاد بأن “الجامعة ملك للعموم وليست للأساتذة فقط، شأنها في ذلك شأن أي إدارة عمومية، ولا يجب أن نجعلها في وضعية لا يمكن لأي أحد أن يتحدث إليها وعنها”، وزاد موضحًا: “حاولنا السير في منحى يستحضر اختصاصات مجلس الجامعة، ولم نكن نريد أن نعطي أي اختصاص تقريري لمجلس الأمناء”، مبرزًا أن “مجلس الأمناء لا علاقة له باستقلالية الجامعة، ما دامت اختصاصات مجلس الجامعة كلها تقريرية”.
وفي حديثه إلى ممثلي المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أورد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: “مجلس الأمناء في عمومه جهوي، لأنه سيكون لدينا مجلس في كل جهة، ولا نتحدث هنا عن مجلس لكل جامعة”، مبرزا أيضًا أن “تركيبة هذا المجلس من المنتظر أن تفيد الجامعات المغربية، إذ من شأنها أن توفّر مختلف الوسائل اللوجستية الضرورية للعمل”.
وبالعودة إلى مشروع القانون رقم 59.24 المذكور، ولا سيما المادة 42 منه، فإن مجلس الأمناء يضم ممثلين عن السلطات الحكومية المكلّفة بالتعليم العالي والتربية الوطنية والمالية والتشغيل والكفاءات، إلى جانب أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة ووالي الجهة أو من يمثّله بالنفوذ الترابي للجهة.
وتضمّ تركيبة هذا المجلس أيضًا “رؤساء مجالس الجهات المعنية ورؤساء الجامعات، فضلًا عن شخصيتين تمثلان المحيط الاقتصادي والاجتماعي للجامعة، إلى جانب شخصيتين مشهود لهما بالخبرة والكفاءة يتم تعيينهما، وعضو منتخب عن الأساتذة وآخر عن الأطر الإدارية والتقنية بالجامعة”.
وتفيد المادة 46 من المشروع نفسه بأن “مجلس الأمناء يعمل على تنسيق الجهود الرامية إلى تطوير الجامعة على الصعيد الجهوي في انسجام تام مع السياسات العمومية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من خلال الإسهام في بلورة إستراتيجية تطوير الجامعة وترسيخ تجذّرها الترابي، وكذا الحرص على ملاءمة عروض التكوين والبحث العلمي مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية”.
المصدر:
هسبريس