آخر الأخبار

وثيقة للترافع الدولي .. تقرير "غير مسبوق" يوثّق الطرد الجزائري للمغاربة

شارك

تزامنا مع تخليد الذكرى الخمسين لطرد عشرات آلاف المغاربة من الجزائر، كشف التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر، الأربعاء، عن تقرير توثيقي وقانوني يعد “الأول من نوعه” الذي يعيد تثبيت التواريخ والإحصائيات والوقائع المرتبطة بـ”الفاجعة”، ويبيّن من خلال تحليل للتشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية انطواءها على انتهاكات حقوقية، ليشكّل وثيقة يمكن للمتضررين من خلالها الترافع ضد الجزائر دوليا ونيل الإنصاف.

تقرير غير مسبوق

وأوضح محمد الشرفاوي، رئيس التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر، خلال لقاء تواصلي وتضامني نظمه التجمع بمقر مجلس الجالية المغربية بالخارج في مدينة الرباط، أن هذا التقرير المكون من 120 صفحة، يعتمد على تحليل أرشيف الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين، المكوّن من حوالي 700 وثيقة مرتبطة بطرد المغاربة من الجزائر، مع إضافة كل ما كتبته وسائل الإعلام المغربية والجزائرية والأجنبية، وعدة شهادات، من بينها شهادة خاصة بالرئيس الجزائري الأسبق الراحل محمد بوضياف.

وأكد الشرفاوي أن كل هذه العناصر سمحت بالقول يقينا بأنه “تم إحصاء 45 ألف حالة (أسرة مغربية) تعرضت للطرد، غالبيتها كانت في وجدة (65%)، وجزء ثان مهم في الناظور، حوالي 16%، وجزء صغير في فجيج؛ لأن عمليات الطرد تمت عبر وجدة، وعبر فجيج، وبالطبع عبر بني درار، وهي كلها تنتمي للمنطقة الشرقية”.

كما وقف التقرير، وفق المتحدّث نفسه، على أن غالبية المغاربة المطرودين، بواقع 60 في المئة، هم أطفال وقاصرون، فضلا عن وجود نساء حوامل.

ويتطرّق الجزء الثاني من التقرير، وهو “أصيل وغير مسبوق”، بحسب المصدر نفسه، إلى التحليل القانوني للموضوع وفق التشريع الجزائري.

مصدر الصورة

أدلة جزائرية

من بين ما يلفت إليه التقرير في هذا الإطار، أن الأمر رقم 66-211 المؤرخ في 21 يوليو 1966 والمتعلق بوضعية الأجانب في الجزائر، نص خصوصا على أن “طرد أجنبي خارج التراب الوطني يُتخذ بقرار من وزير الداخلية” (المادة 20)، وأن هذا الإجراء “لا يتم إلا في حالات معدودة على سبيل الحصر”.

كما أن “قرار الطرد يجب أن يُبلّغ للمعني بالأمر”، وفق المادة 21 من الأمر ذاته، التي تنص أيضا على ضرورة منحه، “بحسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه، مهلة تتراوح بين 48 ساعة و15 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الطرد لمغادرة التراب الوطني”.

لكن تحليل الوقائع يبين أن الطرد “كان جماعيا وموسّعا، في حين إن القانون يفرض معالجة فردية لكل حالة على حدة”، و”لم يُبلَّغ أيّ من المطرودين المغاربة، وفق الشكل القانوني، بقرار معلّل بالطرد، وهو ما يجعل هذه العملية بمثابة تعدٍّ مادي”، كما جرى الطرد بشكل فوري وسريع وجماعي، ما حرم المطرودين من إمكانية التذرع بـ”استحالة مغادرة التراب الوطني” للاستفادة من الإمكانية المنصوص عليها في المادة 22 من الأمر.

ومن خلال استقراء الدستور الجزائري لسنة 1963، يوضح التجمع الدولي، فإن “عملية الطرد، كما نُفذت من قبل السلطات الجزائرية، تمت في خرق للقانون الداخلي الجزائري”، وبالتالي، “فهي مشوبة بعدم الشرعية”.

وأبرز التقرير بالملموس أيضا أن عملية الطرد الجماعي للمغاربة من الجزائر مثّلت انتهاكا للاتفاقيات الثنائية بين البلدين، التي كانت نافذة فيهما عند وقوع الطرد، ومن ضمنها اتفاقية الإقامة الموقعة بالجزائر في 15 مارس 1963، والبروتوكول الإضافي المعدّل والمتمم لها الموقع بإفران في 15 يناير 1969.

مصدر الصورة

التكييف الدولي

وبخصوص التكييف في إطار القانون الدولي، خلص التقرير إلى أن “الطابع الجماعي وغير المعلل وغير القانوني لعمليات الطرد ثابت من الناحيتين القانونية والواقعية، ويقتضي توصيف عدد من الانتهاكات في ضوء القانون الدولي”.

وأورد الملخص التنفيذي للتقرير أن نزع ملكية ممتلكات المغاربة المطرودين من قبل الدولة الجزائرية، “يعد عملا غير مشروع بمقتضى القانون الدولي”.

ومن بين الأسباب، وفق المصدر عينه، أن “المواطنين المغاربة المطرودين لم تُتح لهم، سواء عند الطرد أو بعده، أي إمكانية للطعن في هذه القرارات أو الدفاع عن حقوقهم في الملكية”، مشيرا إلى قضاء “محكمة المطالبات الإيرانية–الأمريكية في حكمها بتاريخ 3 نوفمبر 1987 في قضية Rankin ضد جمهورية إيران الإسلامية بأن الطرد غير قانوني إذا حرم الأجنبي المعني من فرصة معقولة لحماية مصالحه في الملكية”.

تشمل الأسباب كذلك، كون “المغاربة المطرودين والمسلوبة أملاكهم وجدوا أنفسهم محرومين بشكل نهائي من ممتلكاتهم بموجب نص تشريعي صادر عن الدولة الجزائرية”.

سبل الترافع

يمكن للمطرودين المغاربة، باعتبارهم ضحايا، وفق ما ورد في التقرير وأكده رئيس التجمع محمد الشرفاوي، سلوك مسارين:

المسار الأول يشمل “تقديم شكايات فردية إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في إطار البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، علما أن الجزائر اعترفت باختصاص اللجنة منذ 12 سبتمبر 1989″.

أما المسار الثاني فيتعلّق بـ”تقديم بلاغات فردية في إطار إجراءات الشكاوى لدى مجلس حقوق الإنسان بموجب القرار 5/1، للنظر في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.

وعن أشكال جبر الضرر التي ينبغي النظر فيها، “وفقا لـ المبادئ الأساسية والتوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والتعويض لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان (القرار 60/147)”، فينبغي أن تجمع، بحسب التقرير، الردّ، أي حق العودة، واسترجاع أو تعويض الممتلكات، والإنصاف الرمزي من خلال الاعتراف الرسمي وإجراءات الذاكرة، مع تقديم ضمانات عدم التكرار.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا