آخر الأخبار

الرميد: التشريع بالمغرب لا يصنع داخل البرلمان.. والقانون نتاج تفاعل مؤسساتي معقد (فيديو)

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أبرز المصطفى الرميد، وزير الدولة الأسبق في حقوق الإنسان، أن العملية التشريعية في المغرب لا تختزل في البرلمان فقط، بل تشكل منظومة معقدة تتداخل فيها عدة مؤسسات دستورية، في مقدمتها المؤسسة الملكية، والبرلمان، والحكومة، إلى جانب المحكمة الدستورية، ومحكمة النقض، ومؤسسة وسيط المملكة، فضلا عن آليات الديمقراطية التشاركية.

جاء ذلك خلال الدرس الافتتاحي الذي ألقاه الرميد، يوم 13 دجنبر 2025، بالكلية متعددة الاختصاصات بمدينة تازة، أمام نخبة من الأساتذة والطلبة والمحامين، بدعوة من منسق وأساتذة ماستر قانون المقاولات ونزاعات الأعمال، تحت عنوان: “المؤسسات الدستورية المشرعة”.

وأوضح الرميد أن النظام السياسي المغربي يتميز بطابع مزدوج، يجمع بين المرجعية الدينية التاريخية والانفتاح على الصيغ المؤسساتية الحديثة، وهو ما انعكس على الهندسة الدستورية والتشريعية، التي توزعت بين مستويات متعددة من التشريع، تبدأ بالدستور، مرورا بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها، ثم القوانين التنظيمية، فالقوانين العادية، وصولا إلى النصوص التنظيمية.

وأكد وزير العدل الأسبق، أن الدستور يحتل قمة الهرم التشريعي، باعتباره المرجع الأعلى الذي تستمد منه باقي القوانين مشروعيتها، مشددا على الدور المحوري للمحكمة الدستورية في مراقبة دستورية القوانين، سواء عبر الإحالات المباشرة أو من خلال آلية الدفع بعدم الدستورية، رغم تعثر تفعيل هذه الأخيرة إلى اليوم بسبب إشكالات تشريعية.

وتوقف الرميد عند مكانة الاتفاقيات الدولية في النظام القانوني المغربي، مبرزا أنها تسمو على التشريعات الوطنية بعد المصادقة عليها ونشرها، شريطة احترام أحكام الدستور وثوابت المملكة، مؤكدا أن الدستور يبقى المرجعية العليا التي لا تعلو عليها أي قاعدة أخرى.

وفي ما يخص القوانين التنظيمية، أشار الرميد إلى أهميتها باعتبارها مكملة للدستور، مذكرا بأن دستور 2011 نص على 19 قانونا تنظيميا، صادق البرلمان على أغلبها، فيما تأخر بعضها أو ما زال قيد النقاش، وعلى رأسها القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية.

وسلط المتحدث الضوء على دور الحكومة في إنتاج مشاريع القوانين، مبرزا أهمية الأمانة العامة للحكومة باعتبارها “العقل القانوني” للسلطة التنفيذية، والساهرة على انسجام النصوص التشريعية وضبط صياغتها، مع تسجيل ملاحظة غياب دراسات الأثر رغم التنصيص عليها قانونا.

وفي المقابل، اعتبر الرميد أن المبادرة التشريعية البرلمانية ظلت محدودة من حيث الكم والكيف، مبرزا أن مقترحات القوانين المقدمة من البرلمانيين خلال الولاية التشريعية الحالية قوبلت في مجملها بالرفض، وغالبا ما تظل حبيسة مقاربات جزئية وغير شمولية.

كما توقف عند آلية الملتمسات في مجال التشريع، التي يخولها الدستور للمواطنات والمواطنين، مشيرا إلى أن هذه الآلية ظلت معطلة عمليا منذ إقرارها، وداعيا إلى إعادة النظر في شروطها، خاصة ما يتعلق بعدد التوقيعات المطلوبة.

وأكد الرميد أن المؤسسة الملكية تظل فاعلا محوريا في العملية التشريعية، سواء بصفتها الدينية كإمارة للمؤمنين في المجالات المرتبطة بالدين، أو بصفتها الدستورية من خلال رئاسة المجلس الوزاري، أو عبر سلطة الأمر بتنفيذ القوانين، والرقابة على التشريع من خلال الإحالة على المحكمة الدستورية أو طلب قراءة جديدة.

كما أبرز الدور المتنامي لكل من المحكمة الدستورية ومحكمة النقض في “التشريع بالتفسير”، من خلال القرارات التي تعيد توجيه فهم النصوص القانونية وتضفي عليها مضامين جديدة ملزمة لكافة السلطات.

وخلص وزير الدولة الأسبق، إلى التأكيد على أن التشريع في المغرب ليس مسارا بسيطا أو أحاديا، بل عملية مركبة تتقاطع فيها الاعتبارات القانونية والمؤسساتية والسياسية، داعيا الباحثين والدارسين إلى تجاوز القراءة السطحية للنصوص، والغوص في تعقيداتها وسياقاتها الدستورية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا