آخر الأخبار

كودار يلقي "قنبلة" الفوضى والاحتقان بين يدي "سوبراتور" في أول أيامها بمراكش

شارك

تدخل مدينة مراكش ونواحيها مرحلة دقيقة مع اقتراب انطلاق شركة «سوبراتور» في تدبير قطاع النقل الحضري وشبه الحضري، في ظرفية تتسم بالحساسية والضغط، تزامناً مع نهاية العطلة المدرسية وعودة الطلب المرتفع على الحافلات. غير أن هذه الانطلاقة، التي كان يُفترض أن تشكل بداية صفحة جديدة بعد سنوات من الانتظار، تبدو مثقلة بالارتباك وسوء التدبير وغياب التواصل، ما ينذر باحتقان اجتماعي ومهني في واحد من أكثر المرافق العمومية ارتباطاً بالحياة اليومية للمواطنين.

وينتظر أن تنطلق شركة “سوبراتور” في تدبير القطاع مع مطلع الأسبوع المقبل، الذي يصادف انتهاء العطلة المدرسية وعودة النقل الحضري إلى ذروة نشاطه المعتادة. ومن سوء حظ الشركة التي نالت صفقة التدبير المفوض لهذا المرفق الحساس، أن تكون انطلاقتها محفوفة بالمخاطر ومشحونة بعوامل التوتر.

ورغم أن مسار حسم الصفقة وما رافقها من دفاتر تحملات وطلبات عروض امتد لسنوات طويلة، ولم يُغلق الملف إلا بعد أكثر من سبع سنوات على انتهاء العقد الفعلي لشركة “ألزا” الإسبانية، التي واصلت الاشتغال عبر تمديدات متكررة رغم اهتراء حافلاتها، فإن مجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل”، التي يرأسها سمير كودار، رئيس جهة مراكش آسفي، لم تمنح نفسها الوقت الكافي لتدبير مرحلة انتقالية سلسة بين “ألزا” و”سوبراتور”.

ففي الوقت الذي جرى فيه الإعلان عن فوز “سوبراتور” بالصفقة، سارعت مجموعة الجماعات الترابية إلى توقيع الاتفاقية مع الشركة التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ومنحتها مهلة لا تتجاوز أربعة أيام فقط للشروع الفعلي في تدبير القطاع.

وعلى الرغم من أن دفاتر التحملات خضعت لإعادة النقاش أكثر من مرة، وأعادتها مصالح وزارة الداخلية إلى نقطة الصفر في مناسبات عديدة بغرض تجويدها، فإن كودار وفريقه داخل مجموعة الجماعات الترابية لم يكلفوا أنفسهم عناء تعميم تفاصيل هذه الدفاتر على المواطنين، أو إطلاعهم على المعطيات الأساسية التي تهمهم، خاصة تلك المتعلقة بتغيير الخطوط والمسارات، في وقت يُنتظر فيه أن تتغير خريطة حركة الحافلات بشكل كلي عما هو مألوف.

وأمام هذا الفراغ التواصلي، أضحت “الوثائق المسربة” المصدر شبه الوحيد للمعلومة، حيث جرى تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل، بعناوين من قبيل “مبروك للجماعة الفلانية ربطها بالطوبيس” أو “مطالب بربط جماعة أخرى بالحافلات”.

وتكشف هذه الوثائق، التي اطلعت عليها جريدة “العمق”، عن تقسيمات جديدة لمسارات النقل الحضري، غير أن اللافت فيها هو التخلي عن النمط التقليدي لترقيم الخطوط بالأرقام فقط، واعتماد ترقيم مزدوج بالأرقام والحروف اللاتينية، في مساس واضح بالهوية اللغوية المحلية، وتجاهل تام للفئات غير المتعلمة.

وبحسب مصدر موثوق من داخل الشركة الإسبانية التي تولت تدبير النقل الحضري بالمدينة الحمراء لمدة 26 سنة، فإن حالة من الاستعجال والاستنفار تسود داخل إدارة “ألزا”، في محاولة للتخلص من “قنبلة كودار” بأقل الخسائر المادية الممكنة، وتفادي أي تعويضات محتملة لفائدة الأجراء.

وأفاد المصدر ذاته لجريدة “العمق” بأن الشركة تتحرك بسرعة كبيرة من أجل توقيع عقود العمل الجديدة بين أجرائها الحاليين والوافد الجديد، في غضون نهاية الأسبوع الجاري، على أمل إنهاء العملية قبل صباح يوم الاثنين.

في المقابل، نظم أجراء “ألزا” احتجاجاً فجر يوم السبت، طالبوا خلاله بتسوية وضعيتهم القانونية وعدم حرمانهم من المستحقات المالية التي يضمنها لهم إنهاء عقد العمل مع الشركة الإسبانية. كما استنكروا غياب أي تواصل من طرف الشركة الجديدة أو من طرف مجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل”، لتوضيح مقتضيات وإجراءات المرحلة الانتقالية.

وأكد عدد من السائقين، في تصريحات لجريدة “العمق”، أن الأوضاع ازدادت احتقاناً بسبب الاستعجال المفرط لتوقيع عقود العمل الجديدة، دون منحهم الوقت الكافي للاطلاع عليها ودراستها. وأضافوا أنهم توصلوا بمعطيات تفيد بأن “العقود الجديدة ستُوقَّع يومي السبت والأحد بمقر الشركة، وأن ولاية جهة مراكش آسفي ستوفر مصلحة خاصة بعين المكان لتثبيت الإمضاء، دون الحاجة إلى التنقل إلى المقاطعات أو الملحقات الإدارية”.

وتابع المتحدثون أن من بين الأخبار التي وصلت إليهم، دون إمكانية تأكيدها أو نفيها، وأسهمت بدورها في تأجيج الأوضاع، الحديث عن “أن شركة سوبراتور ستدبر القطاع لفترة انتقالية مدتها ثلاثة أشهر فقط، ليُسلَّم بعدها لشركة تنمية محلية، وأن عقود العمل التي ستوقع ستكون مع هذه الشركة وليس مع سوبراتور”.

وفي السياق ذاته، أفاد مصدر جريدة “العمق” بأن السائقين تلقوا شروحات سريعة وفي مجموعات محدودة، من طرف بعض مسؤولي “سوبراتور”، حول كيفية تشغيل الحافلات الجديدة، دون أن تتاح لهم فرصة تجربتها ميدانياً أو التعرف عن قرب على خصائصها التقنية، أو على نظام التعامل مع الركاب وبيع التذاكر، خاصة وأن النظام الجديد يختلف جذرياً عن المعمول به في الحافلات القديمة.

كما لم يتلق السائقون، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، أي تكوين أو شروحات بخصوص المسارات الجديدة للخطوط، ولا أماكن التوقف الخاصة بالإركاب والإنزال، ولا التقسيم الزمني للرحلات ومواعيد انطلاقها أو وصولها.

وعلمت جريدة “العمق” أن الارتباك طال أيضاً إدارة شركة «ألزا» بمراكش، حيث لم تعد تعلن عن لوائح تقسيم العمل بالشكل المعتاد، واكتفت مساء الجمعة الماضي بتعليق تكليفات يومي السبت والأحد، دون تقديم أي معطيات بخصوص تكليفات يوم الاثنين.

وفي خضم هذا الوضع، اكتفى رئيس مجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل” ورئيس جهة مراكش آسفي، سمير كودار، بتصريح مقتضب عقب توقيع الاتفاقية يوم الخميس الماضي، أكد فيه أن “الأجراء سيحتفظون بأقدميتهم ومناصب عملهم بعد الانتقال من الشركة الحالية إلى الشركة الجديدة”، دون الخوض في أي تفاصيل إضافية.

كما أعلن أن الحافلات الجديدة ستبدأ في التجول ابتداءً من يوم الأحد 14 دجنبر، على أن تنطلق في العمل الرسمي يوم الاثنين 15 دجنبر، دون تقديم أي توضيحات بشأن موعد تغيير مسارات الخطوط وأرقامها، أو توقيت سحب حافلات شركة “ألزا” من شوارع مراكش ونواحيها.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا