في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى نشر نتائج التحقيق القضائي حول فاجعة انهيار بنايتين سكنيتين بمدينة فاس، والتي خلفت 22 قتيلا و16 مصابا، وفق آخر حصيلة رسمية، مشددا على ضرورة ترتيب المسؤوليات تكريسا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقال المجلس في بلاغ له، تتوفر “العمق” على نسخة منه، إن تكرار حوادث انهيار البنايات السكنية يشكل مساسا مباشرا بمقتضيات الحق في السكن اللائق كما حددته المعايير الدولية، ويستدعي اعتماد استراتيجية وطنية شاملة تقوم على الاستباقية، والمراقبة المنتظمة والصارمة، وتطوير آليات الرصد والتنبؤ.
وشدد المجلس على الحاجة الملحّة إلى تعزيز ضمان وتيسير ولوج المواطنات والمواطنين إلى الحق في السكن اللائق، باعتباره أحد الحقوق الاجتماعية الأساسية، في احترام تام للالتزامات الدستورية والدولية وتوجهات النموذج التنموي الجديد.
واعتبر أن الحق في السكن اللائق هو حق أساسي من حقوق الإنسان، مكفول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويكرسه الدستور المغربي.
وأشار إلى أن المملكة دعت ضمن توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، إلى تعزيز السياسات العمومية في مجال السكن، وتسريع معالجة أوضاع السكن غير اللائق، وتأهيل الأحياء الهشة، وضمان حماية خاصة للفئات في وضعية هشاشة.
وفي هذا الصدد، طالب المجلس بتعزيز التنسيق المؤسساتي بين القطاعات الحكومية المعنية، والإدارة الترابية، والمجالس المنتخبة، في إطار التزام جماعي يضع الحق في السكن اللائق وسلامة المواطنات والمواطنين في صلب البرامج والسياسات العمومية.
وحث على الإسراع في تنفيذ برامج تأهيل الأحياء والمباني المتدهورة، خاصة داخل المدن العتيقة والمناطق التاريخية، مع ضمان انخراط فعلي للجماعات الترابية، واحترام معايير السلامة أثناء عمليات الترميم أو الهدم أو إعادة الإسكان.
وشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات قانون التعمير وما يرتبط به من قواعد تنظيم البناء والتجهيز، ولا سيما إلزامية رخص البناء وربطها بالمراقبة التقنية الصارمة وجودة التصميم الهندسي.
كما دعا إلى وضع آلية مشتركة دائمة للتدخل السريع عند رصد تشققات أو أخطاء وعيوب إنشائية، بما يسمح بالتدخل الاستباقي قبل وقوع الحوادث، حماية للأرواح وضمانا للأمن العمراني.
في نفس السياق، دعا المجلس المواطنين إلى التفاعل الإيجابي مع توجيهات السلطات المختصة، خاصة فيما يتعلق بإخلاء المباني الآيلة للسقوط، والتبليغ عن أي تصدعات أو مؤشرات تهديد لسلامة البنايات التي يقطنونها، والانخراط في برامج إعادة الإيواء.
وجدد المجلس دعوته إلى كافة الفاعلين المعنيين لاعتماد سياسة عمومية مستدامة لإعادة إيواء الأسر القاطنة في المباني المهددة بالسقوط، تقوم على توفير بدائل سكنية لائقة ومتكاملة، وفق مقاربة اجتماعية قائمة على الكرامة والإنصاف والعدالة المجالية، ولا تقتصر على حلول ظرفية أو مؤقتة.
وكانت مدينة فاس، قد استفاقت، صباح اليوم الأربعاء 10 دجنبر 2025، على وقع فاجعة إنسانية مؤلمة، إثر انهيار بنايتين سكنيتين بحي المسيرة بمنطقة بنسودة، مما خلف حصيلة ثقيلة من الضحايا حولت حفل فرح عائلي إلى مأساة حقيقية.
وأعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس، أن الحادث الذي وقع ليلة أمس الثلاثاء بحي المسيرة بفاس، حوالي الساعة 11:20 ليلا، أدى حسب حصيلة مؤقتة إلى وفاة 22 شخصا، من بينهم نساء وأطفال، فيما أصيب 16 آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، تم نقلهم لتلقي الإسعافات الضرورية.
وكشفت المعطيات الواردة في بلاغ وكيل الملك، أن الانهيار شمل بنايتين متجاورتين، حيث كانت الأولى فارغة من السكان، بينما كانت الثانية تكتظ بالضيوف الذين كانوا يحيون حفل “عقيقة”، مما يفسر ارتفاع عدد الضحايا في هذا الحادث المأساوي.
وتبعا لهذه التطورات، أمرت النيابة العامة المختصة الشرطة القضائية بفتح بحث قضائي فوري ومعمق، تحت إشرافها المباشر، وذلك لتحديد الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الانهيار، والكشف عن كافة الظروف والملابسات المحيطة به، لترتيب المسؤوليات القانونية اللازمة.
من جانبها، أفادت السلطات المحلية لعمالة فاس، بأن المعطيات الأولية تشير إلى أن البنايات المنهارة تعود عملية تشييدها إلى سنة 2006، في إطار عمليات البناء الذاتي لفائدة قاطني دوار “عين السمن” ضمن برنامج “فاس بدون صفيح”.
وأوضحت السلطات، أنه بالموازاة مع البحث القضائي المنجز في الموضوع تحت إشراف النيابة العامة المختصة، تم الشروع أيضا في إجراء تحقيقات إدارية وخبرة تقنية عهد بها إلى مكتب دراسات متخصص، بهدف تجميع كافة المعطيات المرتبطة بالحادث، وتحديد الأسباب التقنية الكامنة وراء انهيار البنايتين، والوقوف على كل الاختلالات الإجرائية التي قد تكون شابت المساطر القانونية والضوابط التنظيمية المعمول بها في مجال التعمير والبناء.
المصدر:
العمق