ردّ عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، على المؤاخذات البرلمانية المسجّلة بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 المتعلق بـ”تحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون”، لا سيما المادة 31 منه التي تنص على دخوله حيز التنفيذ بعد انصرام أجل 24 شهرا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
وأوضح وهبي في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أن هذا المقتضى ينبني على مجموعة من المعطيات؛ بما فيها كون الشروع في تنزيل مضامين هذا المشروع، بعد استكمال مسطرته التشريعية، يبقى رهينا بتكوين المحامين والقضاة، وتوفير مختلف الترتيبات اللازمة لتطبيق نص لأول مرة بالبلاد.
وشدّد على أن موضوع الدفع بعدم دستورية قانون “دقيقٌ جدا”؛ إذ يرتبط بإعادة النظر في التنظيم القضائي، فضلا عن البت في عدد من المسائل “في مجتمع إسلامي تتناقض فيه مفاهيم الديمقراطية”.
وفي ردّه على “رجعية هذا القانون من عدمها”، أبدى وهبي تخّوفه من “فتح الباب أمام ملفات وشكايات تمتد إلى غاية 1913″، قائلا: “إذا اخترنا أن نكون ديمقراطيين أكثر من لَقْياسْ، فسنكون مضطرين لطرح التساؤل: شْحالْ غادي يبْقا لينا فْهادْ البلاد بعد أداء تعويضات من يعتبرون أنفسهم متضررين من نصوص بعينها؟”.
ولدى جوابه على ما أثارته فرق من المعارضة بشأن المادة الرابعة من المشروع، التي تشترط أن يكون موقّع المذكرة محاميا مقبولا للترافع أمام محكمة النقض، ذهب وزير العدل في اتجاه طرح تساؤلات حول معايير القبول من لدن هذه المحكمة؛ إذ أكد أهمية معرفة إحصائيات حول أداء المحامين وعدد الملفات التي تُحكم لهم بالقبول والرفض، وحتى عدد الاجتهادات القضائية التي تمكّنوا من استصدارها لموكّليهم.
وبرّر الوزير هذا الأمر بكون “تتبّع ملف خاص بالطعن في دستورية قانون معيّن سيعني، فيما بعد، المغاربة ككل”، مردفا: “دائما لدي فكرة حول ربط الترافع أمام محكمة النقض بالتوفر على 30 سنة من الخبرة، لأن هذه الأخيرة محكمة قانون، في وقت تفرض دول أجنبية معايير دقيقة في هذا الجانب، من قبيل فرنسا”.
وقرّر مكتب رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة البرلمانية الأولى برمجة انطلاق المناقشة التفصيلية لمشروع هذا القانون التنظيمي بتاريخ الرابع والعشرين من شهر دجنبر الجاري.
وكان وزير العدل وجد نفسه أمام عدد من الملاحظات التي سجّلتها الفرق والمجموعات النيابية، لا سيما من جانب المعارضة؛ فقد سجّل فريق التقدّم والاشتراكية كون “مشروع هذا القانون التنظيمي طغى عليه، في بعض جوانبه، هاجسُ التنظيم، أكثر من هاجس التمكين الذي هو جوهر الفصل 133 من الدستور، مما من شأنه أن يؤدي إلى تحويل هذه الآلية الدستورية من وسيلةٍ لحماية الحقوق والحريات إلى مسطرة مليئة بالشكليات التي تُفضي إلى محدودية الأثر”.
وأبدى الفريق ذاته تخوّفه من أن يكون هذا المشروع “ذا طابع إجرائي مفرط في الشروط الشكلية المتعددة، التي قد تَحُولُ دون وصول المتقاضي إلى المحكمة الدستورية، عوضا من أن يكون مدخلا لتفعيل مبدأ الانفتاح الدستوري”.
المصدر:
هسبريس