يواصل “المثمر”، التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، جهوده الكبيرة والمبتكرة في إثراء النقاش العلمي حول المجال الزراعي لتقريبه من الفلاحين، عبر تنظيم مؤتمر دولي حول “الإرشاد الزراعي ودوره في نقل التكنولوجيا وتعزيز النظم الغذائية المرنة في إفريقيا”، اليوم الاثنين، بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير.
المؤتمر شهد نقاشا عميقا حول سبل ربط البحث العلمي بالمجال الزراعي والابتكار والتكنولوجيا من أجل نماذج إرشاد زراعي تهم الفلاحين، بالإضافة إلى تعزيز القدرات وانخراط النظم البيئية، بجانب إدماج النساء والشباب في الابتكار من أجل الإرشاد الزراعي، وذلك بحضور خبراء مغاربة ودوليين، بالإضافة إلى منظمات تنموية ومؤسسات بحثية وفاعلين في القطاعين العام والخاص.
وقال نوفل رودياس، مدير برنامج “المثمر” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بنجرير: “بفضل فريق المثمر الذي يعمل عن قرب مع المزارعين، نسعى لتقديم نصيحة متكاملة وملموسة، تغطي كل شيء، من احتياجات التربة وصولا إلى الاتصال بالسوق”.
وأضاف رودياس أن “هناك ثلاثة مبادئ رئيسية لتوصيل هذا العرض للمزارعين: الأول هو تقديم عرض قائم على العلم، حيث يعمل ‘المثمر’ بتفاعل مستمر مع الفضاء الجامعي والمجال العلمي، ويتم التعاون مع المختصين بهدف بناء ممارسات تقنية جديدة لتقديمها للمزارعين”.
وتابع: “المبدأ الثاني هو الاستماع إلى المزارعين عبر فريق يعمل بشكل يومي معهم، ونستمع إليهم عبر قنوات عديدة، مثل ‘مجتمعات الممارسة’ التي تتيح تبادل الخبرات معهم، ومعرفة احتياجاتهم، وتحديد العرض الأمثل بالنسبة إليهم”، مشيرا إلى أن المبدأ الثالث هو “الشراكة”؛ ذلك أن خدمات الإرشاد الزراعي لا تعمل بمفردها، وإنجازاتها هي إنجازات لشركائها أيضا.
وتطرق المتحدث لتطوير “المثمر” بعض الحلول الرقمية (Digital Solutions) لمساعدة فرق العمل على جمع البيانات وتقييمها وتحليلها، ولتي تسمح لهم بتقييم ما يقومون بتنفيذه في الميدان، وأيضا تغذية الجانب العلمي والبحثي بالمعلومات، مما يساعد في تطوير عروض جديدة وأكثر ملاءمة للمزارعين.
وأشار رودياس إلى أن الأثر الأهم الذي يسعون لتحقيقه، هو “الثقة التي يبنونها مع المزارعين، بما يسهم في جعلهم يقدمون مقترحاتهم الخاصة حول ما يمكن تحسينه”.
من جهتها، قالت لورا ستيفنسون، عميدة كلية مارتن-غاتون للزراعة والغذاء والبيئة بجامعة كنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية، إن “البحث وإرشاد المزارعين كان لهما تأثير هائل على تبني ممارسات زراعية جديدة”
أضافت ستيفنسون أن جامعة كنتاكي تمتلك أطول وأقدم مزارع بحثية مستمرة منذ عام 1970، مما يؤكد التزامها بالبحث الميداني طويل الأمد.
وهذا النوع من المشاركة الفاعلة، وفق المتحدثة، يهدف إلى إنشاء المعرفة والممارسات الجديدة بشكل مشترك، مما يضمن في المجال الزراعي تقليل التآكل، وتحسين صحة التربة، والحفاظ على استدامة الغلات على المدى البعيد، حيث يجب أن يكون العمل الإرشادي دائما مرتكزا على البحث ومنهجية “نظم الغذاء” (Food Systems)، التي هي جزء من إرث كليتهم.
أما كاوشيك ماجودمار، المدير العام للمعهد الأفريقي لتغذية النباتات (APNI)، فيرى أن هناك اتجاهين رئيسيين لمعالجة تحديات البحث العلمي والزراعة. أولا: بدلا من الاعتماد على النماذج الخطية لنقل المعرفة، لجأ المعهد إلى عملية تسمى “التجريب في المزارع” (On-Farm Experimentation)، حيث لم يعودوا يقدمون للمزارعين حلولا جاهزة قائلين: “هذه معلومة جيدة، استخدموها وستحققون الربح”، لأن الحلول قد لا تتناسب مع سياقهم الاجتماعي والاقتصادي والبيئي.
وأضاف ماجودمار أنهم ابتعدوا تماما عن تقديم حلول جاهزة، وبدؤوا في خلق حلول بالشراكة مع المزارعين، مع الأخذ في الاعتبار سياقهم والتحديات الأكثر أهمية بالنسبة إليهم، وأولوياتهم، عبر جهد بحثي مكثف.
واعتبر عبد الصمد الحوزي، المدير الإقليمي للمكتب الوطني للإرشاد الزراعي (ONCA) – جهة مراكش آسفي، أن “الإرشاد الزراعي لطالما كان ركيزة تاريخية في خدمة نقل التكنولوجيا والمعرفة، وقد كان دور المكتب دائما الوسيط بين البحث والميدان، أي بين المزارعين والقطاع الفلاحي بشكل عام، وهذا الدور يكتسب أهمية قصوى في السياق الحالي لتحديات التغيرات المناخية”.
وأضاف الحوزي أن إحدى أبرز نقاط قوة المكتب هي الانتشار والقرب من المزارعين؛ إذ يعتمد على شبكة إرشادية واسعة ومهمة من المستشارين الزراعيين على مستوى جميع جهات وأقاليم المملكة، مما يتيح وجودا فعالا يمكّن من معاينة الأوضاع الميدانية مباشرة، والأهم من ذلك، فهم الاحتياجات الفعلية والملموسة للمزارعين.
المصدر:
هسبريس