احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، اليوم الثلاثاء، فعاليات المؤتمر الدولي الثالث حول ثقافة الصحراء، الذي نظم تحت شعار “الصحراء وتمثلاتها”، أشرفت عليها المنظمة الدولية لحماية التراث بتنسيق مع المركز الدولي للدراسات الصحراوية، حيث شهد الحدث مشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في الشأن الصحراوي من مختلف دول العالم، بهدف تسليط الضوء على الأبعاد العميقة لهذا الفضاء الجغرافي والثقافي.
شكل هذا المؤتمر، وفقا لما جاء في بلاغ صحفي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، حلقة مفصلية ضمن سلسلة اللقاءات العلمية الدولية التي تسعى إلى إعادة النظر في مفهوم الصحراء، متجاوزا النظرة الاختزالية التي طالما حصرتها في بعدها الجغرافي والطبيعي الصرف، لينتقل بها إلى فضاء حضاري وثقافي متعدد الأبعاد، حيث عكس العنوان المختار “الصحراء وتمثلاتها” وعيا معرفيا متقدما بضرورة استكشاف الطرق المتباينة التي يتم من خلالها إدراك وفهم وتمثيل الصحراء عبر مختلف الخطابات الثقافية والأدبية والفنية والإعلامية، وهو ما يمنح هذا الملتقى أهمية استراتيجية قصوى.
وتوزعت أشغال هذا الحدث العلمي، بحسب المصدر ذاته، على أربع جلسات متخصصة غاصت في عمق القضايا المرتبطة بالصحراء، حيث استكشفت الجلسة الأولى التمثلات السيكولوجية والثقافية للصحراء المغربية عبر دراسة الفن والعيش المشترك ومسألة الهوية، بينما خصصت الجلسة الثانية للبعد الروحي والأسطوري، مسلطة الضوء على دور الصحراء كجسر للتواصل الروحي مع القارة الإفريقية، إضافة إلى خصوصيات الموسيقى الحسانية والإشعاع الديني للمدارس العتيقة، في حين ركزت الجلسة الثالثة على النظرة الاستشراقية ودور الترجمة، واهتمت الرابعة بقضايا الذاكرة والمخطوطات والتراث الشعري.
واستهلت فعاليات المؤتمر بكلمات افتتاحية، ألقاها كل من الدكتور محمد جودات، رئيس المنظمة الدولية لحماية التراث، والدكتور إسماعيل حامد إسماعيل، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، والدكتور محمد السيدي، مدير المركز الدولي لحماية التراث، حيث أكد المنظمون أن هذا الحدث يكتسي دلالة استراتيجية تتعلق بحماية التراث الصحراوي المادي وغير المادي، الذي يزخر بمظاهر إنسانية عريقة من فنون شفهية وحرف تقليدية ومعمار، وهو التراث الذي يواجه اليوم تحديات كبرى في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.
وأكد القائمون على المؤتمر أن اختيار المكتبة الوطنية لاحتضان هذه التظاهرة لم يكن وليد الصدفة، بل حمل دلالات رمزية عميقة، باعتبار هذه المعلمة تمثل الذاكرة الجمعية للأمة ومستودع معارفها، مما جعلها الفضاء الأنسب لاستضافة نقاشات أكاديمية رصينة حول التراث الصحراوي، كما أشار المصدر إلى أن تنظيم المركز الدولي للدراسات الصحراوية لهذا الحدث يبرز الدور المحوري للمراكز البحثية في تطوير المعرفة العلمية وبناء شبكات التعاون الأكاديمي الدولي.
توجت أعمال هذا المحفل العلمي بحفل توقيع كتاب “تاريخ الصحراء المغربية وقضية الحقوق التاريخية”، وهي خطوة تعزز التوثيق العلمي في هذا المجال الحيوي، حيث خلصت التوصيات والنتائج المنبثقة عن المؤتمر إلى التأكيد على الحاجة الملحة لاستمرارية الجهود البحثية وتعزيز التعاون الدولي في حقل الدراسات الصحراوية، بما يضمن الارتقاء بهذا الحقل المعرفي المتعدد التخصصات إلى المستوى الذي يليق بأهميته الحضارية والثقافية الكبرى.
المصدر:
العمق