آخر الأخبار

دراسة تفكك العلاقة الملتبسة بين الأغلبية والحكومة في التجربة المغربية

شارك

صدر للباحث محمد بنضو، الإطار بمجلس النواب، كتاب جديد بعنوان “النظام الأغلبي في العمل البرلماني المغربي، دراسة أكاديمية مقارنة”؛ وهو مؤلّف يحاول أن “يقارب النظام الأغلبي المعمول به في التجربة البرلمانية المغربية انطلاقا من أهم العناصر المكونة له، خاصة النظام الانتخابي والنظام الحزبي، للوصول إلى تحليل الوظائف التي تقوم عليها هذه الأنظمة مجتمعة”.

وعلى هذا الأساس، تحاول الدراسة “استكشاف أهم الإكراهات التي تحول دون أداء البرلمان المغربي لكافة الأدوار المنوطة به للعمل على انتقال النظام السياسي المغربي إلى نظام برلماني قادر على تمثل سيادة الأمة، كما يقررها الفصل الثاني من دستور 2011، وقادر على بسط وتمتين سلطاته التشريعية من خلال القدرة على التصويت على النصوص التشريعية في استقلالية سياسية قادرة على تمثيل ضمير ‘الأمة’، إلى جانب العمل على مراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية”.

وحسب متن المؤلََف، فإن “الدراسة استعرضت بعضا من التجارب الديمقراطية المقارنة الأوروبية في مجال العمل بنظام الأغلبية، لتكشف عن آليات اشتغالها ومقارنتها بآليات اشتغال المغرب بنظام الأغلبية، محاولة بذلك رسم الحدود المفصلية بين استقلالية السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، في إطار من توازنهما وتعاونهما”.

وفي هذا السياق، تساءل بنضو “إن كان البرلمان المغربي قادرا فعلا، في ظل الوضعية الحالية، والرهان المنوط به في الانتقال الديمقراطي، من تمثل أعضائه لكافة الأدوار المنوطة بهم في حماية المسلسل الديمقراطي وتحقيق دولة الرفاه والحق والقانون والمؤسسات”.

“دراسة شاملة”

قال الأكاديمي المغربي حسن طارق، وسيط المملكة، في تعريفه للكتاب، إن “دراسة النظام السياسي لا تكتمل إلا بإدراك تأثير الفاعلين فيه”، مسجلا أن “دراسته بالأساس تنصرف إلى إثارة نقاش متجدد حول مبدأ توازن السلط وما يرتبط به من إشكاليات عميقة”.

وأشار طارق إلى أن كتاب “النظام الأغلبي في العمل البرلماني المغربي، دراسة أكاديمية مقارنة” لبنضو “يأتي ليخوض غمار البحث في محاولة للإجابة عن إشكال ظل حبيس المقاربات التوصيفية”.

ووضّح الأكاديمي المغربي أن الإشكال “يتعلق بمدى قدرة نظام الأغلبية على ترجمة الإرادة الشعبية ضمن التجربة الدستورية المغربية، إذ إن تكريسه كآلية ديمقراطية لا ينفي من وجود ملامح توترات سياسية، تتداخل ضمنها الحسابات الانتخابية مع منطق التوازنات، تحدّ من فعاليته، وتحول دون انبثاقه من مشروع سياسي واضح ومتماسك”.

وأبرز أن “هذا العمل ينخرط في معالجة الإشكال من زاوية نادرة التناول، إذ لا تكتفي بإعادة إنتاج القراءة التفسيرية فحسب؛ بل إلى تفكيك العلاقة الملتبسة بين النص الدستوري وتمثلاته العملية لنظام الأغلبية في السياق المغربي، عبر مقاربة مقارنة تستحضر تجارب ديمقراطية راسخة كفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا”.

وذكر وسيط المملكة أن “محتويات الكتاب ومضامينه تأتي لتؤكد أن دراسة النظم الانتخابية والأحزاب السياسية في علاقتها بنظام الأغلبية في التجربة المغربية تختلف عن نظيراتها في التجارب الأخرى التي أشار إليها الباحث”.

وأوضح طارق أن “النظام الأغلبي وفق التجربة المغربية أفرز سلطة تشريعية -أي أغلبية برلمانية- تتماهى مع الحكومة وتنضبط لخياراتها”.

وذكر الأكاديمي والجامعي أنه “لم يكن التوصل إلى هذا الاستنتاج أمرا يسيرا؛ ما دفع الباحث إلى بذل جهد مضن في البحث ضمن مشاريع القوانين والممارسة التشريعية للحكومة، مستحضرا مسارا توثيقيا مهما شمل مذكرات الأحزاب السياسية الموجهة إلى اللجنة الاستشارية لمراجعة دستور 2011”.

وخلص المتحدث عينه إلى أن “أهمية هذا المتن تبرز ليس فقط من خلال الزاوية التي عالج بها الباحث نظام الأغلبية، وإنما أيضا في المنهج التحليلي المقارن الذي تبناه، وفي المنهجية التي تميزت بها قراءته للنص الدستوري وللممارسات اليومية للفاعلين”.

“طروحات مميزة”

يرى عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن قيمة هذا الجهد العلمي للكتاب تكمن “في تميزه كثيرا عن تخمة التشخيص والكتابات الأكاديمية والسياسية السطحية حول البرلمان، وكونه خرج عن النمطية في مقاربة قضايا البرلمان المتكررة، ليسلط الضوء بالتحليل والتشخيص، وأحيانا حتى بأحكام القيمة التي لا نتفق معها، على مفهوم ‘الأغلبية’، أو على أحد الأعمدة الأساسية لقيام النظام البرلماني المغربي، بعد ركيزة المعارضة”.

وأشار وهبي، في تقديمه للكتاب، إلى “تميزه” من حيث “وقوفه بالتحليل والتدقيق لتطور مفهوم ومؤسسة ‘الأغلبية’، لدلالاته كإطار مؤسساتي وسياسي؛ بل مقاربة مدى تطوره كآلية وكنظام للممارسة الدستورية ببلادنا، إلى درجة ترقيته في التحليل حين المقارنة بين سيادة البرلمان وسيادة هذا المفهوم”، موردا أيضا أهمية المقارنة أثناء تشكيل الأغلبيات في النظم الدستورية والسياسية الحديثة، وكذلك التطرق لأدوارها في تشكيل الحكومات ومدى نفاذها للقرار الحكومي أو دعمها بلاشروط داخل البرلمان”.

وأبرز الوزير الوصي على قطاع العدل في الولاية الحكومية الحالية أن العمل “أطلق أحيانا أحكام قيمة نختلف معها تماما، لكنها لا تنقص من عمق هذا العمل الأكاديمي، مثل الحكم المطلق على فشل النخب السياسية في تمثل وظيفة العمل بالنظام الأغلبي، أو فشلها في الانتقال الديمقراطي، أو الحكم على الأغلبية بالتحكم في أجهزة البرلمان والهيمنة على هياكله”.

وذكر وهبي أن “الكثير من الفقهاء والمتتبعين للشأن السياسي ببلادنا يقفون على إبداع العقل البرلماني المغربي من خلال تجاربه لسنين من الممارسة، على طريق ثالث بين هيمنة الأغلبية وأقلية المعارضة؛ وهو ‘طريق التوافق’ كآلية سياسية إيجابية تحكم الجزء الأكبر من عمل البرلمان واشتغال أجهزته الرقابية، وتذوب خلالها تموقعات الفرق والمجموعات، وهو ما يفسر حجم ‘الإجماع’ على أغلب القوانين والقرارات والعمليات الدستورية داخل مؤسسة البرلمان”.

وأكد المتحدث أن “ميزة هذا الكتاب أيضا أنه يحاكم وعي الفاعل السياسي ويضع قناعاته على سكة الممارسة التشريعية ‘أغلبية 2011’ نموذجا، وربطها بالدستور المعدل لسنة 2011 والسلطات الجديدة المستمدة من هذا الدستور؛ بل عمق هذا العمل وصل إلى مرجعيات فكرية أوسع من الممارسة البرلمانية حيث القناعات السياسية للفاعل السياسي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا