قال وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، أمس الإثنين، إن النقل البحري يمثل محورا إستراتيجيا في الاقتصاد المغربي، مؤكدا أن التجارة البحرية تمثل أكثر من 96% من المبادلات الخارجية للمملكة التي تعتبر بلدا بحريا بامتياز بفضل واجهتيها على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، الممتدتين على أزيد من 3500 كيلومتر.
وأضاف قيوح، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال الدورة الرابعة والثلاثين لجمعية المنظمة البحرية الدولية، المنعقدة بلندن، أن “هذا الدور الإستراتيجي يدخل في إطار رؤية الملك محمد السادس، التي تؤكد على تعزيز البعد الأطلسي للمملكة من خلال جعل الساحل الأطلسي بوابة نحو القارة الإفريقية، وواجهة انفتاح على الفضاء الأمريكي، ومحورا إستراتيجيا للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته بأن هذا التوجه يتضمن “تطوير الربط البحري، وتقوية الموانئ والبنيات اللوجيستيكية، والعمل على دراسة إحداث أسطول وطني تجاري تنافسي وفعّال قادر على مواكبة دينامية التجارة الدولية”؛ كما اعتبر أن المبادرة الملكية لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي “رؤية إستراتيجية شاملة تسعى إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي على مستوى القارة الإفريقية، وتحقيق السلم والتنمية والاستقرار الإقليمي بالمنطقة”.
ويستند هذا الدور إلى “مكانة الموانئ المغربية كمحاور إستراتيجية للربط بين البحر الأبيض المتوسط والساحل الغربي الإفريقي، وفي مقدمتها ميناء طنجة المتوسط باعتباره منصة إقليمية رئيسية للتبادل البحري، وميناء الناظور غرب المتوسط كمركز جديد لدعم التكامل اللوجيستي، وميناء الداخلة الأطلسي الذي سيساهم مستقبلاً في تعزيز الربط مع الساحل الغربي لإفريقيا”، يورد المتحدث ذاته.
أما على مستوى احترام المعايير الدولية فأكد وزير النقل واللوجستيك التزام المغرب بمسؤولياته كـ”دولة عَلَم، عبر الحرص على ضمان مطابقة سفنه للمعايير الوطنية والدولية في السلامة والأمن البحريين وحماية البيئة”، مبرزا أنه يضطلع بدوره كـ”دولة ميناء من خلال مشاركته النشطة في مذكرة التفاهم لدول البحر الأبيض المتوسط، وإجراء عمليات التفتيش المنتظمة للسفن الأجنبية، بما يضمن احترام قواعد السلامة ويعزز الثقة في الموانئ المغربية”.
وزاد قيوح موضحا أن “الدور المحوري للمغرب كدولة ساحل يبرز من خلال مركز مراقبة حركة المرور البحري (VTS) بمدينة طنجة، الذي يتولى تنظيم حركة الملاحة البحرية في منطقة شديدة الحساسية، هي مضيق جبل طارق، الذي تعبره أكثر من 100.000 سفينة سنويا، ما يجعل دوره أساسيا في ضمان سلامة الملاحة وتدبير المخاطر البيئية”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته بأن “المغرب يعمل حاليا على تعزيز منظومة مراقبة الملاحة التجارية على الواجهة الأطلسية، من خلال دراسة إحداث مركز ساحلي لمراقبة حركة المرور البحري على الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية؛ وذلك بهدف تقوية دور المملكة باعتبارها دولة ساحل”.
كما شدد الوزير على أن المملكة تواصل تعزيز منظومة البحث والإنقاذ البحري من خلال المركز الوطني لتنسيق الإنقاذ البحري (MRCC)، الذي يشرف على منطقة ممتدة من السواحل المغربية إلى غينيا بيساو، ويعمل على ضمان استجابة فعّالة لأي طارئ بحري، حفاظاً على الأرواح البشرية في عرض البحر.
ولم يقف قيوح عند هذا الحد، بل زاد مبينا أدوار المغرب وطموحاته في التظاهرة العالمية، إذ أكد انخراطه في مجال التكوين البحري وتعزيز الكفاءات، مبرزا أنه يعمل حاليا على تعزيز وتطوير نظام التكوين البحري من أجل مواكبة الدينامية التي يعرفها في مجال النقل البحري.
أما على مستوى تعزيز التعاون جنوب-جنوب والرفع من الكفاءات في مجال التكوين البحري فأشار الوزير نفسه إلى أن المغرب يخصص مقاعد سنوية بالمعهد العالي للدراسات البحرية لفائدة طلبة من البلدان الإفريقية الشقيقة، دعما للقدرات وكسب الخبرة وتطوير الإمكانات البشرية للبلدان الصديقة في القارة.
كما بين المتحدث أن “المغرب يواصل تعزيز جهوده في دعم المسارات الدولية الرامية إلى تطوير قطاع بحري أكثر استدامة؛ وذلك إدراكا منه لحجم التحولات التي يعرفها العالم اليوم”، مشددا على “انخراط البلاد على المستوى الإقليمي والدولي في مختلف المبادرات الهادفة إلى حماية البيئة البحرية وتشجيع اعتماد حلول مبتكرة وبدائل طاقية نظيفة، بما في ذلك تطوير الطاقات المتجدد”.
وانطلاقا من موقعه ومسؤوليته داخل المنظمة أعرب قيوح عن استعداد المغرب للعمل مع جميع الدول الأعضاء من أجل بلورة “رؤية مشتركة تضمن انتقالا سلسا ومتدرجا يراعي قدرات الدول، ويخدم تطلعات الأسرة البحرية الدولية نحو مستقبل أكثر استدامة”.
وأشار وزير النقل واللوجستيك إلى أن المغرب يقدّم عرضا “نموذجيا متكاملاً لإنتاج الوقود البحري منخفض الكربون، اعتمادا على مؤهلاته الرائدة في الطاقات المتجددة وبنيته المينائية المتطورة”؛ كما سجل أن “العرض المغربي يهدف إلى تمكين إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، خاصة الميثانول والأمونياك الخضراء، لتزويد القطاع البحري العالمي ببدائل نظيفة ومستدامة”، مبرزا أن “هذا العرض يعكس طموح المملكة لتكون منصة إقليمية لإنتاج وتصدير الوقود البحري النظيف تحت المعايير الدولية للمنظمة البحرية الدولية”.
المصدر:
هسبريس