أكد إيليا إيليوشين، رئيس المركز الفيدرالي لتطوير صادرات المنتجات الزراعية الروسية “أغرو-إكسبورت”، خلال طاولة مستديرة تحت عنوان “روسيا-إفريقيا: شراكة استراتيجية في مجال الزراعة لضمان الأمن الغذائي”، عُقدت في إطار المؤتمر الدولي حول سيادة الغذاء في دول إفريقيا بالعاصمة الإثيوبية أمس الجمعة، أن صادرات المنتجات الزراعية الروسية إلى القارة الإفريقية تستهدف تجاوز ما قيمته 7.5 مليارات دولار بحلول عام 2030.
وذكر المسؤول الروسي ذاته، حسب ما أفادت به وكالة “إنترفاكس”، أن “هناك إمكانات كبيرة لتوسيع إمدادات المنتجات الزراعية الروسية إلى إفريقيا؛ إذ ستظل الحبوب أساس صادراتنا، لكن هناك إمكانات كبيرة أيضًا لزيوت النباتات، واللحوم ومنتجات الألبان، والأسماك، والمنتجات الغذائية الجاهزة”.
وأضاف أن “صادرات المنتجات الزراعية الروسية إلى إفريقيا خلال السنوات الخمس الماضية تضاعفت أكثر من مرتين، ووصلت في عام 2024 إلى نحو 7 مليارات دولار، وكان القمح المنتج الرئيسي، حيث شكل 95 في المائة من إجمالي الصادرات من حيث القيمة”، مشيرا إلى أن المغرب ومصر وتونس والجزائر وجنوب إفريقيا من أبرز مستهلكي الحبوب الروسية في القارة.
وتابع رئيس المركز الفيدرالي لتطوير صادرات المنتجات الزراعية الروسية بأن “صادرات الزيوت والدهون إلى إفريقيا خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفعت بنحو 1.6 مرة، وبلغت في عام 2024 نحو 880 ألف طن بقيمة إجمالية وصلت إلى 721 مليون دولار”، مسجلا أن “زيت عباد الشمس يمثل 62 في المائة من إجمالي الصادرات، وزيت الصويا 35 في المائة من حيث القيمة”، وأن “المشترين الرئيسيين هم في الغالب دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها المغرب ومصر والجزائر وتونس وليبيا”.
وبهذا الخصوص، قال رشيد ساري، باحث في الشؤون الاقتصادية الدولية، إن “التعاملات التجارية بين المغرب وروسيا، خاصة في المواد الزراعية والغذائية، تتطور يوما بعد يوم؛ إذ لم يعد المغرب يكتفي فقط باستيراد القمح الروسي، وإنما منتجات أخرى كالزيوت النباتية على سبيل المثال”.
وأضاف ساري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المنتجات الفلاحية الروسية أقل تكلفة وأكثر وفرة وطلبا في العديد من الأسواق الإفريقية. وبالتالي، فمن المتوقع أن تتجاوز قيمة صادرات موسكو على هذا المستوى سقف 7.5 مليارات دولار في أفق 2030، خاصة إذا ما استحضرنا الإكراهات المناخية والتحديات المرتبطة بضمان الأمن الغذائي التي تواجهها مجموعة من دول القارة، ومن ضمنها المغرب ومصر والجزائر وغيرها”.
وذكر أن “المغرب، على سبيل المثال، يواجه تقلبات مناخية تحد من قدرته على ضمان الاكتفاء الغذائي، خاصة في مجال الحبوب، ما يجعله يعتمد على السوق الروسية، والشيء ذاته بالنسبة للعديد من الدول الأخرى في القارة التي تستهلك كميات كبيرة من القمح وتواجه التحديات نفسها”، مبرزا أن “الرهان اليوم هو على مستويين؛ الأول ضمان جودة المنتجات الفلاحية الروسية وفق المعايير الدولية المعمول بها، والثاني مرتبط بالمجال اللوجستيكي كالبنية التحتية المينائية والمجال الرقمي لتبسيط مساطر الاستيراد وتسريع العمليات المرتبطة بها”.
وشدد الباحث في الشؤون الاقتصادية الدولية على أن “روسيا والمغرب، باعتبار هذا الأخير بوابة للمنتجات الروسية نحو الغرب الإفريقي خاصة، يجب أن يضعا استراتيجية تسهل دخول وعبور المنتجات الروسية إلى إفريقيا؛ إذ من الممكن أن يستغل الروس البنية التحتية المينائية المغربية كميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي، الشيء الذي يمكن أن يستفيد منه المغرب بدوره”.
من جهته، أوضح عبد الخالق التهامي، خبير في الشؤون الاقتصادية، أن “المغرب بات أحد أهم أسواق الحبوب الروسية، خاصة في السنوات الأخيرة، نتيجة توالي موجات الجفاف وتراجع الإنتاج المحلي من الحبوب، وهو ما دفع المملكة إلى البحث عن مصادر توريد مستقرة وذات أسعار تنافسية”.
وسجل عبد الخالق التهامي، في تصريح لهسبريس، أن “العلاقات التجارية بين المغرب وروسيا تتجاوز حدود الحبوب؛ إذ تشمل مجموعة واسعة من المواد الفلاحية والغذائية، سواء من حيث الواردات أو الصادرات المغربية التي تتجه نحو السوق الروسية”، مشيرا إلى أن “حجم المبادلات التجارية بين البلدين من الممكن أن يرتفع إلى مستويات أعلى بكثير مما هو عليه اليوم، خصوصا إذا تم وضع إطار مؤسساتي لهذا التبادل يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اقتصادي البلدين ومصالحهما المشتركة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الموقف الروسي الأخير من قضية الصحراء المغربية وتجديد توقيع اتفاق للصيد البحري بين البلدين قد يدفع في هذا الاتجاه مستقبلا، من خلال وضع قواعد واضحة متفاوض عليها وتسهيلات جمركية بين البلدين في إطار سياسة رابح-رابح”، معتبرا أن “توفر المغرب على اتفاقيات للتجارة الحرة تربطه باقتصاديات كبرى تنافسية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، يجعله قادرا على توقيع اتفاقية بهذا المستوى مع الروس”.
المصدر:
هسبريس