آخر الأخبار

دي ميستورا يستبق التأويلات.. الحكم الذاتي يرسم ملامح طي نزاع الصحراء

شارك

قال ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، إنه ينتظر بـ”فارغ الصبر” النسخة المحدثة من مقترح الحكم الذاتي المغربي، باعتباره الأساس الواقعي الذي سيُبنى عليه المسار التفاوضي المقبل بين الأطراف.

ويأتي هذا الموقف الأممي في ظل قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، الذي تبنى المشروع الأمريكي المؤيد لخطة الرباط المقدمة سنة 2007، الذي يجسد، حسب دي ميستورا: “زخما دوليا جديدا وإرادة واضحة لإيجاد تسوية دائمة لهذا النزاع الممتد منذ خمسة عقود”.

وتشكل هذه المرحلة منعطفا جديدا وتحولا دبلوماسيا في مسار الوساطة الأممية، حيث يسعى دي ميستورا، من خلال اتصالاته ومشاوراته المنتظرة مع الأطراف المعنية، إلى إطلاق جولة مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة تقوم على أرضية المبادرة المغربية، تماشيا مع قرار مجلس الأمن 2797 الصادر في 31 أكتوبر الماضي.

زخم دبلوماسي

إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، قال إن دور الوساطة الذي يقوم به ستيفان دي ميستورا يبقى مرهونا بقرار مجلس الأمن الذي يحدد مرتكزات العملية السياسية التي كانت تدعو الأطراف إلى الدخول في مسار تفاوضي دون شروط مسبقة، واستثمار الزخم الدولي الحالي كفرصة غير مسبوقة لتحقيق حل واقعي، بعد توقف العملية منذ سنة 2019.

وأضاف اسويح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن القرار الأخير يعزز موقع الوسيط الأممي ويدعم مسعاه، مشيرا إلى أن “تصريح دي ميستورا نابع من مقاربته العملية التي يبني من خلالها اتصالاته مع الأطراف على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي يعد المرجعية الأساسية لقرار مجلس الأمن بشأن الصحراء”، مشددا على أن “انتظاره للتوصل بالنسخة المحينة يمثل بداية لمشاوراته المقبلة مع الأطراف الأخرى”.

وأوضح المحلل السياسي ذاته أن التوقيت الذي اختار فيه دي ميستورا تصريحه يعكس رغبته في استباق أي تأويل لقرار مجلس الأمن رقم 2797، خصوصا أن الاتجاه العام داخل المجلس يؤيد المبادرة المغربية للحكم الذاتي؛ وهو ما يُعد نصرا دبلوماسيا غير مسبوق للمملكة في تثبيت سيادتها على أقاليمها الجنوبية، لافتا إلى أن “المبعوث الشخصي يسعى إلى الحفاظ على الحد الأدنى من الدبلوماسية الضرورية لاستمرار الحوار مع مختلف الأطراف”.

وفي معرض حديثه عن مستقبل المفاوضات، أبرز المتحدث أنه في حال أراد دي ميستورا إدخال أي تعديل على خطته فسيعود إلى مجلس الأمن لدفع العملية السياسية إلى الأمام، في ظل الدور المتنامي للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، التي يُتوقع أن “تقود المسار الدبلوماسي المقبل في هذا النزاع المفتعل، كما لمح إلى ذلك المستشار الأمريكي مسعد بولس”، حسب اسويح.

رهان مغربي

أكد اسويح أن “مفتاح المرحلة المقبلة يكمن في المقترح المغربي المفصل والمحين الذي أشار إليه جلالة الملك في خطابه التاريخي بعد صدور قرار مجلس الأمن”، موضحا أن “هذا التعاطي الجديد للأمم المتحدة يعكس للمرة الأولى تقاطع المسارات الدبلوماسية حول الملف”، وأن “حديث دي ميستورا عن مقترحات الأطراف الأخرى يبقى مرهونا بمضمون المبادرة المغربية التي ظلت منذ تقديمها سنة 2007 مقترحا تفاوضيا منفتحا”.

ولفت عضو “الكوركاس” الانتباه إلى أن تقرير الأمين العام الأخير للأمم المتحدة حول الصحراء أبرز تحولا واضحا نحو أرضية واقعية لانطلاق المفاوضات، بعدما كاد دي ميستورا يقدم استقالته السنة الماضية نتيجة انسداد الأفق، قبل أن يتلقى، وفقه، “إشارات من قوى وازنة داخل مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بضرورة طي هذا الملف وفق مقاربة جديدة تراعي تقاطع النفوذ الغربي في المنطقة”.

وفي هذا السياق، قال إبراهيم بلالي اسويح إن “حديث دي ميستورا يتطابق في جوهره مع ما صرح به المستشار الأمريكي مسعد بولس، حين عبر عن ثقته في جلالة الملك محمد السادس وحكمته في تدبير هذا النزاع المفتعل”، مسجلا أن “هذا الانسجام في المواقف بين واشنطن والأمم المتحدة يوحي بأن التمديد الجديد والتوافق الدولي المقبل سيكونان مرهونين بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي التي ستشكل من دون شك عنوان المرحلة المقبلة نحو التسوية النهائية المنشودة”.

انفراج مرتقب

من جانبه، سجل محمد فاضل بقادة، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، أن الحادي والثلاثين من أكتوبر من العام الجاري يمثل يوما مشهودا في المسلسل الأممي للخروج بنزاع الصحراء من نفق خمسين سنة.

وأكد بقادة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن القرار الصادر عن مجلس الأمن تحت رقم 2797 يعتبر تحوّلا جذريا في الآليات الأممية الساعية إلى إيجاد صيغة قانونية ترضي كافة أطراف النزاع.

وفي هذا الصدد، أشار رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام” إلى أن “تصويت إحدى عشرة دولة من أصل خمسة عشر عضوا لصالح مشروع القرار يُعدّ ميلاً للطرح المغربي المتمثل في مشروع الحكم الذاتي”.

وتابع المتحدث عينه قائلا: “إن مشروع الحكم الذاتي، الذي تقدّم به المغرب سنة 2007، نجح دبلوماسيا في التسويق على الصعيد الدولي، محققا اعترافات مهمة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة، إلى جانب إشادات دولية من روسيا والصين، ويعكس التوجه المتسق للدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس”.

ولفت بقادة الانتباه إلى أن هذا التحول انعكس على البعد الاقتصادي والأمني للمنطقة، باعتبار الصحراء المغربية نقطة جذب للاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة والصيد البحري واللوجستيك والتجارة، فضلا عن كونها مجالاً استراتيجيا لدفع التنمية والاستقرار في المغرب والمنطقة المغاربية والساحل وحماية حقوق الأفراد والأقليات والجماعات والدول وفق القانون الدولي والشرعية الدولية.

وأوضح رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام” أن تبني مجلس الأمن لمشروع الحكم الذاتي بموجب القرار رقم 2797 يشكل محطة فاصلة، حيث يُرسّخ الأرضية القانونية للحل النهائي للنزاع. كما يؤكد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي عبر عن انتظاره “بفارغ الصبر” لتسلم النسخة المحدثة من مقترح الحكم الذاتي المغربي تمهيدا لإطلاق مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الأطراف المعنية.

وخلص محمد فاضل بقادة إلى أن مشروع الحكم الذاتي المغربي يشكل خطوة جريئة ومنعطفا تاريخيا، ويعكس طموحات المغرب السياسية والاستراتيجية في إيجاد حل متكامل يحفظ السيادة المغربية، ويمنح الصحراويين حكمًا ذاتيا موسعا، ويوازن بين المصالح الإقليمية، مع مراعاة الخصوصية التاريخية والسياسية والاقتصادية للمنطقة.

وشدد على أن “استمرار التفاوض يعتمد على حكمة جلالة الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في إطار الجهود الدولية بقيادة مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس للوصول إلى حل نهائي لقضية الصحراء”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا