أكد عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أن الخطاب الملكي الأخير جاء في “لحظة تاريخية كبيرة” ليقدم “مخرجا دبلوماسيا” للنظام الجزائري من “ورطته” الحالية بعد قرار مجلس الأمن الحاسم.
وأوضح اسليمي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق” الذي يبث مساء اليوم الثلاثاء على منصات جريدة “العمق”، أن مبدأ “لا غالب ولا مغلوب” الذي ركز عليه الخطاب الملكي هو بمثابة إنقاذ للقيادة الجزائرية، حيث يمنحها فرصة للدخول في حوار مباشر وصادق مع المغرب دون الشعور بالهزيمة، ويحفظ ماء وجهها أمام رأيها العام.
واعتبر اسليمي أن النظام الجزائري يعيش حالة من الارتباك الكبير، إذ يجد صعوبة بالغة في تبرير التحولات الجذرية التي يشهدها ملف الصحراء لرأيه العام الداخلي، خاصة بعد عقود طويلة من التعبئة الإعلامية والسياسية المبنية على العداء للمغرب.
ووفقا لأستاذ القانون الدولي، فإن الخطاب الملكي، بتوجيهه دعوة مباشرة وصريحة إلى الرئيس الجزائري، يمثل استمرارا لنهج اليد الممدودة الذي دأب عليه المغرب، ويضع الجزائر أمام مسؤولياتها التاريخية للانخراط في منطق بناء المستقبل المغاربي بدلا من التشبث بماضي الصراع.
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن هذا الارتباك ظهر جليا في تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، التي اعتبرها السليمي متناقضة وغير منطقية، خصوصا عندما ربط قبول الجزائر بالقرار الأممي بحذف إشارة “السيادة المغربية”، وهو ما يطرح سؤالا بديهيا حول تصور الجزائر لتطبيق الحكم الذاتي.
وأشار عبد الرحيم منار اسليمي إلى أن المغرب، في المقابل، يمتلك رؤية دبلوماسية واضحة وثابتة، تنتقل الآن بثقة من مرحلة تثبيت الحقوق إلى مرحلة التفكير في آليات تنزيل الحل النهائي وتفاصيله العملية على الأرض.
ويرى رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية، أن الخطاب الملكي حمل أيضا رسالة قوية ومباشرة إلى سكان مخيمات تندوف، داعيا إياهم إلى العودة إلى وطنهم للمساهمة في بنائه والاستفادة من منجزاته.
وأكد اسليمي في هذا السياق أن بث تلفزيون البوليساريو للخطاب الملكي لأول مرة هو مؤشر على وجود تحولات وانقسامات عميقة داخل المخيمات، وأن قسما من القيادة بدأ يقتنع بأن المسار الذي تقوده الجزائر قد وصل إلى نهايته الحتمية.
المصدر:
العمق