آخر الأخبار

الطيران العربي يحقق ضعف الربحية العالمية.. وتحذيرات من "المعايير البيئية"

شارك

أعلن عبد الوهاب تفاحة، الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي (آكو-AACO)، أن صناعة النقل الجوي قد تعافت تماما من التراجع الكبير الذي شهدته بين عامي 2020 و2022، مؤكدا أن شركات الطيران العربية تسجل هوامش ربحية تفوق بكثير المعدل العالمي. لكنه حذر في الوقت ذاته من تحديات جسيمة تهدد هذا التعافي، أبرزها أزمة سلاسل التوريد، والفوضى التشريعية الناتجة عن تضارب المعايير البيئية العالمية والإقليمية.

جاء ذلك خلال تقديم تفاحة تقريره حول حالة صناعة النقل الجوي ضمن فعاليات الدورة الثامنة والخمسين للجمعية العامة للاتحاد العربي للنقل الجوي المنعقدة بالرباط، والتي تستضيفها شركة الخطوط الملكية المغربية.

أداء عربي لافت

أكد تفاحة أن صناعة النقل الجوي تخطت مستويات نشاطها لعام 2019، ومن المتوقع أن تسجل نموا عالميا بنسبة 5.8% في عام 2025 (قياسا بالركاب الكيلومترين المنقولين)، مع ارتفاع نسب امتلاء الطائرات (عامل الحمولة) إلى 83.9%.

وعلى الصعيد المادي، مكن هذا التعافي شركات الطيران في العالم من تحقيق هامش ربح تشغيلي بلغ 6.4% عام 2024، ويُتوقع أن يصل إلى 6.7% عام 2025.

في المقابل، كان أداء شركات الطيران العربية لافتا بشكل خاص. ففي حين يُتوقع أن تسجل نموا بنسبة 4.3% في عام 2025، فإن ربحيتها تظل النقطة الأبرز. وقال تفاحة: “سجل هذا الهامش (لدى الشركات العربية) 12.2% عام 2024، ومن المتوقع أن يسجل 11.2% عام 2025″، وهو ما يقارب ضعف المعدل العالمي.

أساطيل “تتقادم”

رغم الأرقام الإيجابية، دق الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي ناقوس الخطر بشأن التحدي المباشر الذي يواجه الشركات، وهو “مشكلة سلسلة التوريد”.

وأشار إلى مفارقة صارخة: ففي حين تزايد عدد الطائرات المطلوبة من قبل الشركات والمسجلة لدى المصنعين من أقل من 7000 طائرة عام 2019 إلى 17000 طائرة عام 2024، انخفض عدد الطائرات المسلمة فعليا من 1611 طائرة إلى 1422 طائرة في الفترة نفسها.

وتابع قائلا: “بالتالي، فإن نسبة الطائرات المحالة إلى التقاعد مقابل الطائرات الجديدة قد انخفضت من 44.4% عام 2019 إلى 40.6% في عام 2024. والوضع عند شركات الطيران العربية نفسه، حيث انخفضت نسبة إحالة الطائرات إلى التقاعد مقابل إدخال طائرات جديدة من 14.9% في عام 2019 إلى 8% في عام 2024”.

هذا الخلل يعني أن “أسطول الطائرات العاملة لدى شركات الطيران حول العالم آخذ في التقادم”، وهو ما يؤدي مباشرة إلى “ارتفاع تكاليف الصيانة واستهلاك أكبر للوقود، وبالتالي أثر بيئي أعظم”.

وتحدث تفاحة أيضا عما أسماه “عودة العوائق الجيو-بوليتيكية”، قائلا إنها “أدت إلى تباطؤ حركة الشحن الجوي”. يضاف إلى ذلك “التوترات الجيو-سياسية التي زادت من هذا الضغط على حركة الشحن الجوي لشركات الطيران في العالم والشركات العربية”، بحسب قوله.

المعايير البيئية

خصص تفاحة الجزء الأكبر من تقريره للهم الأكبر الذي يواجه الصناعة، وهو “الاستدامة البيئية”. وانتقد بشدة تخلي الحكومات عن التزامها ببرنامج “كورسيا” (CORSIA) كإطار عالمي وحيد لمعالجة الأثر البيئي، ولجوءها بدلا من ذلك إلى “مبادرات أحادية وإقليمية” تسببت في فوضى تشريعية.

وقال إن قضية الاستدامة البيئية باتت تشكل الهمّ الأبرز لصناعة الطيران عالميا، مشيرا إلى التزام الاتحاد العربي للنقل الجوي منذ 2010 بنهج “النمو المحايد للكربون” ابتداء من 2020، في إطار استراتيجية دولية تدعمها منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).

وأضاف: “بالرغم من الجهود الدولية لتوحيد السياسات البيئية، إلا أن الإجراءات الأحادية التي اعتمدها البعض، كالاتحاد الأوروبي في برنامجه للحد من الانبعاثات، خلقت تفاوتا في التطبيق، وأثارت خلافات سيادية مع دول أخرى”.

وسلّط المتحدث الضوء على “النمط الأوروبي” (RefuelEU) الذي يفرض أهدافا وغرامات، وفشل في توفير الوقود المستدام (SAF) المطلوب، مقارنة بـ “النمط الأمريكي” القائم على التحفيز الذي أثمر “وفرة في الإنتاج”.

لكن المشكلة الأكبر، حسب تفاحة، هي “المعايير المتباينة”. وأوضح أن الوقود المستدام المعتمد أوروبيا “لا يتطابق” مع الوقود المعتمد في “كورسيا”. هذا التضارب سيجبر شركات الطيران، بما فيها العربية، على تحمل “أعباء مضاعفة”.

وأشار إلى أن القطاع يواجه فجوة كبيرة بين ما هو مطلوب لتحقيق الأهداف البيئية وما هو متاح فعليا. فبينما بدأت المرحلة الأولى من تطبيق برنامج كورسيا (CORSIA)، كإطار عالمي وحيد لمعالجة الأثر البيئي، في 2024 وتمتد حتى 2035، لا تزال أربعة محاور رئيسية تواجه عراقيل حقيقية: التكنولوجيا، الإجراءات التشغيلية، الوقود المستدام، وآليات السوق.

وأضاف تفاحة في هذا السياق أن “التطور التكنولوجي في مجال الطائرات لا يزال غير كافٍ لإحداث خفض جذري في الانبعاثات، والحكومات لم تواكب بشكل جدي تطوير البنى التحتية اللازمة لتقليل الأثر البيئي كما هو الحال في أوروبا التي تأخرت في تنفيذ مبادرة توحيد الأجواء الأوروبية”.

الوقود المستدام

أوضح الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي أن إنتاج الوقود المستدام يشهد تباينا بين الأساليب التحفيزية كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث يتم دعم المنتجين، والنظام القائم على الغرامات كما في أوروبا، ما أدى إلى نقص كبير في الكميات المتاحة. ولفت إلى أن “المعايير المتباينة بين المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي تخلق عبئا إضافيا على شركات الطيران، بشكل قد يضطرها إلى دفع تكاليف مضاعفة عن الانبعاثات نفسها”.

وذكر أنه “بحلول نهاية 2025، ستضطر شركات الطيران العربية لتعويض 121.4 مليون طن من الكربون، بينما لا تتوفر سوى 18.4 مليون شهادة تعويض معتمدة، ما سيجبر الشركات على اللجوء إلى الوقود المستدام بتكلفة باهظة، تصل إلى 950 دولارا للطن الواحد”.

وحذّر من أن التكاليف التشغيلية الإجمالية ستشهد ارتفاعا بنسبة 8.8% خلال 2030 وقد تصل إلى 12.9% في 2035، ما سيؤثر سلبا على نسب نمو القطاع، ويحد من مساهمته في التنمية الاقتصادية وخلق فرص الشغل.

وختم بأن “القطاع يساهم بنسبة 10% من الناتج المحلي العالمي ويوفر أزيد من 10% من الوظائف، لكنه لا يتسبب إلا في 2.5% إلى 3% من انبعاثات الكربون، ورغم ذلك يتعرض لقرارات مجحفة تفرض ضرائب إضافية على المسافرين”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا