قال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، اليوم الثلاثاء، إن القرار الأممي 2797 بشأن الصحراء المغربية، الذي يتزامن مع الاحتفاء بالذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، والذي أكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق، “هو ترجمة حديثة لرسالة المسيرة”.
وأضاف لحجمري في كلمته الافتتاحية لأشغال الندوة الدولية التي تنظمها أكاديمية المملكة والمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب التابع لها، بشراكة مع جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بمناسبة تخليد هذه الذكرى الوطنية، بعنوان “الصحراء المغربية.. التاريخ والتحديات الجيو-سياسية”، أن هذه الرسالة قائمة على “تعقل في تقدير الممكن وثبات على الحق بما يفتح أفقا عمليا لتسوية مستدامة، يؤكد نضج الخيار المغربي وفعاليته”.
واعتبر أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية أن “المسار إلى هذا المنجز يعكس حكمة دولة صاغها الملك بمنهج سيادة منفتح وصلابة في المبدأ ومرونة في الوسيلة ووعي دقيق بإيقاع الزمن السياسي”.
كذلك، تجلت هذه الحكمة، “في إدارة محكمة للزمن، ورأسمال رمزي، وترافع منضبط يعيد طرح المبادرة بالمنطق نفسه كلما تبدلت السياقات، وتدرج محسوب في بناء الثقة”، حتى “انطلقنا من إدارة الأزمة إلى هندسة الحل”.
قدّر لحجمري أن “المغرب أحسن تحويل الاستثمار الداخلي والشراكات الخارجية إلى حجة سياسية واقعية: تنمية ترابية تصاحب الطرح السياسي، وبرامج اجتماعية تجيب عن أسئلة الاندماج والعدالة المجالية”. والنتيجة: “مقاربة ملكية حكيمة لا تساوم على الوحدة الترابية، وتوازنا يسند السلم والتنمية ويمنح المبادرة قابلية التسوية النهائية ضمن واقع مستدام”.
وأكد أن المسيرة الخضراء “جسدت لحظة فارقة في التاريخ المغربي الحديث، حيث امتزج القرار السياسي بالبعد الروحي والوطني، فهي تعبير نادر عن وحدة الإرادة والمصير، وهكذا غدت درسا بليغا في الجغرافيا السياسية، أعادت إلى الخريطة معناها الكامل، وربطت الجنوب والشمال بخيط من نور”.
ولهذا، وفق لحجمري، “لا يمكن النظر إلى المسيرة كحدث من الماضي، بل فعلا مستمرا فيينا يتجدد مع كل مشروع تنموي وسياسة تروم العدالة المجالية”.
وأضاف: “انطلاقا من هذا الإرث، واصل الملك المسيرة بلغة العصر، فانتقلت معركة المغرب من إثبات الهوية إلى ترسيخ الكرامة من خلال أوراش كبرى شيدت في الأقاليم الجنوبية وجعلت من الصحراء نموذجا للتنمية المندمجة، وقطبا صاعد في التفاعل الإفريقي والدولي”.
وسجّل في هذا السياق أنه من خلال “الرؤية المتبصرة” للملك محمد السادس، “غدت الأقاليم الجنوبية بوابة استراتيجية لانفتاح المغرب على عمقه القاري، ومجالا لتجسيد السيادة التنموية التي تمزج بين التنمية والعدالة المجالية”.
سجّل رئيس جامعة الحسن الثاني، الحسين أزدوك، أن “المسيرة الخضراء تواصل ديناميتها الوطنية والتنموية بالأقاليم الجنوبية، مشكلة سردية جماعية وطنية، ومرسخة أمجادا وطنية، وفاتحة آفاقا متجددة”.
وأكد أزدوك، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية، أن “قرار مجلس الأمن الأخير المتعلّق بالصحراء المغربية يكتسي أهمية تاريخية بالغة؛ إذ يشكل اعترافا واضحا بشرعية الموقف المغربي، ويؤكد نجاعة مبادرة الحكم لذاتي بصفتها الإطار القانوني الوحيد القادر على ضمان الاستقرار بالمنطقة”.
وأوضح أن “خلاصات القرار تنسجم مع الرؤية الملكية والمقاربة السلمية التي اعتمدها المغرب منذ عهد الحسن الثاني إلى الملك محمد السادس، في احترام تام للشرعية الدولية وقيم التعاون الإقليمي”، مفيدا بأن القرار “محطة جديدة تؤكد المكانة الجيو-استراتيجية والثقة التي يحظى بها المغرب داخل المنتظم الدولي”.
وشدد المسؤول الجامعي على أن “الجامعة تضطلع بمهمة صون الذاكرة وتثمينها وتغذية التفكير العلمي حول القضايا التاريخية والجيو-سياسية المرتبطة بقضيتنا الوطنية (على أن) البحث العلمي في شقه التاريخي يمثل ركنا أساسيا في الدفاع عن القضية الوطنية”.
وأضاف أزدوك: “من خلال المعرفة والحجة التاريخية والدراسة الجيولوجية والتحليل الثقافي واللغوي، تساهم الجامعة في إسماع صوت الحقيقة في المجتمع الدولي”.
المصدر:
هسبريس