آخر الأخبار

بوقنطار: مجلس الأمن يطوي الماضي .. والحكم الذاتي يثبت النجاح الاستراتيجي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في تفاعله مع نتائج التصويت على القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2797، الذي دعا إلى الانخراط في مفاوضات لحل قضية الصحراء بدون شروط مسبقة وعلى أساس مقترح الحكم الذاتي، قال حسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس في الرباط عضو سابق بالمحكمة الدستورية، إن “هذا التصويت يعكس التراكمات التي شهدها ملف الوحدة الترابية منذ أن قدم المغرب مبادرته للحكم الذاتي، التي ما فتئت تستقطب دعم الدول، خاصة بعد سنة 2020 التي شدهت اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء”.

وأضاف الأستاذ الجامعي ذاته، في حوار مباشر أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الاعتراف الأمريكي تبعه تأييد عدة دول بارزة للمخطط المغربي كفرنسا وبريطانيا اللتين صوتتا لصالح القرار الأخير”، معتبرا في الوقت ذاته أن “الامتناع الصيني والروسي كان متوقعا، مع العلم أن موسكو في مواجهة مع الغرب بقيادة واشنطن، الحاملة للقلم في مشروع هذا القرار، وتريد أن تفرض نفسها كمخاطب أساسي في جميع الملفات الإقليمية والدولية، لكنها في الوقت ذاته لم تلجأ إلى استخدام حق النقض للحيلولة دون تمرير هذا القرار”.

مصدر الصورة

قطيعة حاسمة

تفاعلا مع سؤال حول دلالات دعوة مجلس الأمن الدولي المبعوثَ الأممي إلى الصحراء لقيادة المفاوضات بين الأطراف المعنية على أساس مبادرة الحكم الذاتي، أوضح بوقنطار أن “جميع قرارات مجلس الأمن التي صدرت بعد طرح المغرب لهذه المبادرة في سنة 2007 كانت ترحب بها بشكل ضمني وتعتبرها ذات أساس واقعي وجدي، لكنها قرارات بقيت ملتبسة وغامضة إن كانت تروم بناء نوع من التوازن في المواقف”.

وتابع بأن “هذا الغموض جعل المبعوثين الأمميين المتعاقبين على هذا الملف في وضعية صعبة؛ إذ لم تكن لديهم أرضية صلبة وواضحة لإعادة إحياء مسار المفاوضات. وبالتالي، فإن هذا القرار الأخير يخلق قطيعة حاسمة مع جميع القرارات السابقة بتحديد سقف التفاوض ودعوة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ومعه الأطراف، لتقديم مقترحات للحل في إطار خطة الحكم الذاتي”.

وشدد الأستاذ الجامعي ذاته على أن “المغرب عبر على لسان الملك محمد السادس عن انفتاحه على تحيين وتفصيل مبادرته للحكم الذاتي، لأن ما يهمه بالأساس هو الاعتراف بسيادته على الصحراء، وبالتالي أصبحت لدينا اليوم مرجعية دولية تكرس هذه السيادة”، مشيرا إلى أن “التحديث سيتم من خلال مقترحات وتصورات الأطراف، وقد تنشأ تحديات ما على غرار ما يتعلق بوضعية البوليساريو المستقبلية، لكن الأساسي اليوم هو أن هذا القرار الأممي يفتح دينامية جديدة للحل على أسس جديدة ممثلة في الحكم الذاتي المغربي”.

الميثاق يضمن التطبيق

تعليقا على ضمانات التزام جبهة البوليساريو بتطبيق مقتضيات هذا القرار الأممي، خاصة بعد بيانها الأخير الذي تبرأت فيه من أي عملية سياسية لا تحترم ما تسميه “تقرير مصير الشعب الصحراوي”، قال المحاور بأن “القرارات الأممية التي اتخذت إلى حد الساعة في تدبير ملف الصحراء تدخل في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يهم حل المنازعات بطرق سلمية، ويعتبر قرارات مجلس الأمن ملزمة، لكنه يترك للأطراف، وخاصة المغرب في هذه الحالة، هامش الانتقال إلى الفصل السابع الذي يهم الإجراءات المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به”.

وزاد شارحا: “الفصل السابع من هذا الميثاق يجيز لمجلس الأمن الدولي، في إطار الحرص على إلزامية تطبيق قراراته، اتخاذ تدابير ضد الأطراف التي ترفض تنفيذ توصياته، بما في ذلك إقرار عقوبات اقتصادية وتدابير أخرى كما حصل في العديد من الحالات”.

وشدد على أن “جبهة البوليساريو لا تملك أي استقلالية في اتخاذ قراراتها، فهي فقط ناطقة باسم الجزائر. وبالتالي، الطرف الأساسي المطلوب منه أن يبلور موقفا واضحا ويجب أن يدرك أن الأوضاع تغيرت جوهريا لصالح الحكم الذاتي، هو الجزائر”.

مصدر الصورة

حكمة ملكية مغربية

في سياق ذي صلة، وجوابا على سؤال حول تجديد القيادة المغربية دعوتها إلى الجزائر من أجل الحوار، أبرز بوقنطار أن “موقف الملك محمد السادس وسياسة اليد الممدودة التي يتبناها تجاه الجزائر ليس موقفا ظرفيا، بل موقف ذو طابع استراتيجي، لأن السياسة الخارجية المغربية في جوهرها قامت دائما على الاعتدال في التعامل مع محيطها ومع المشاكل الخارجية، وعلى تفضيل الحكمة والتفاوض دون التخلي عن المواقف المبدئية والمصالح العليا للمغرب”.

وتابع بأن “تجديد الملك النداء إلى الرئيس الجزائري يأتي وعيا منه بعدم إمكانية بناء مصير ومستقبل مشتركين في المنطقة بالجنوح نحو المنطق الذي يقوم على أساس المنتصر والمهزوم. وبالتالي، فإن الأمر يتعلق بمقاربة تهدف إلى تجاوز الاحتقان للدخول في مرحلة السلام التي يمكن أن تخدم شعوب المنطقة”.

وعي جزائري

حول إمكانية نجاح الوساطة التي تقودها الإدارة الأمريكية بين البلدين، أوضح بوقنطار أن “النجاح يرتبط بمجموعة من العناصر؛ أولها حجم إدراك المسؤولين في الجزائر مستقبل العلاقات مع المغرب، لأن الجزائر اليوم تعيش عزلة، وهذا شيء مؤسف، لأنها-بمنطق الجغرافيا التي لا يمكن تجاهلها-هي دولة شقيقة ومجاورة، وكلما كانت الدول الجارة مرتاحة انعكس ذلك إيجابا على باقي دول الجوار”.

وأوضح أن “واشنطن تشعر بتزايد التهديدات في المنطقة، خاصة في منطقة الساحل بعد التحولات التي شهدتها السنوات الأخيرة بسبب الانقلابات العسكرية في عدد من الدول الإفريقية، والتي أدت إلى تنامي النفوذ الروسي والصيني. وبالتالي، فإن الإدارة الأمريكية ترى أن الأوان آن لإعادة ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الفرنسي من الساحل، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال وجود تسوية ومصالحة بين المغرب والجزائر”.

وذكر أن “السؤال المطروح اليوم للمضي قدما في هذه المصالحة هو عن طبيعة المشاكل المطروحة بين البلدين خارج مشكل الصحراء الذي يتولى ملفه مجلس الأمن، ولماذا تظل الحدود مغلقة؟” موردا أن “الجزائر يجب أن تخرج من منطق تشبثها بهدف إضعاف المغرب، هذا الأخير الذي يريد بدوره الوضوح من الجزائريين، فهذا الوضوح الذي سيفضي إلى تسوية ملف الصحراء وتأسيس السلام، سينهي أيضا سباق التسلح في المنطقة بما يخدم مصالح وتطلعات شعوبها”.

مصدر الصورة

رؤية ملكية

يرى بوقنطار أن “ما حققه المغرب اليوم عشية الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء لم يأت اعتباطا، بل كان نتيجة رؤية تبناها الملك محمد السادس منذ وصوله إلى العرش، أساسها القطع مع المقاربة الأمنية في إدارة ملف الصحراء ودمجه في إطار المشروع الحداثي الديمقراطي الوطني”، مضيفا أن “الأساس الآخر هو القطع أيضا مع سياسة الكرسي الفارغ في الاتحاد الإفريقي ووضع إفريقيا في صلب السياسة الخارجية، وهو ما أثمر تقليص دائرة التعاطف مع البوليساريو على المستوى القاري”.

وخلص إلى أن “المغرب بقيادة الملك محمد السادس عمل أيضا على الانخراط في الانشغالات الإفريقية، سواء على المستوى المؤسساتي أو الاقتصادي، كما تبنى الصرامة في علاقاته مع محيطه؛ إذ قطع مع منطق اللعب على الحبلين وحدد معالم وشروط بناء الشراكات والصداقات في الموقف من ملف الوحدة الترابية، ولم يعد من المقبول أن تستمر أي دولة في الاستفادة من علاقاتها مع الرباط اقتصاديا من دون أن يكون لها موقف واضح تجاه قضيته الوطنية، وهذا التوجه هو ما أثمر مواقف صريحة من جانب دول عدة كفرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول أخرى”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا