آخر الأخبار

تصميم تهيئة المعاريف يفجر جدلا بالدارالبيضاء.. منتخبون ينتقدون "غياب الشفافية والتشاركية"

شارك

شهدت الدورة الاستثنائية لمجلس مقاطعة المعاريف، التي انعقدت أمس الجمعة بالدار البيضاء، نقاشا حادا بين أعضاء المجلس حول مشروع تصميم التهيئة الجديد المعروض لإبداء الرأي، حيث عبر عدد من المستشارين عن استيائهم من الطريقة التي تم بها إعداد هذا التصميم، معتبرين أنها تفتقر إلى المقاربة التشاركية وإلى الوضوح اللازم في المعطيات التقنية والمجالية.

وركزت مداخلات الأعضاء على ما وصفوه بضعف التنسيق بين الوكالة الحضرية ومجلس المقاطعة، مشيرين إلى أن الوثائق المقدمة لا توفر الرؤية الشاملة المطلوبة لفهم مضامين المشروع وأهدافه، كما اعتبروا أن المجلس لم يشرك في المراحل الأولى من إعداد التصميم، وهو ما يتعارض مع روح المشاركة الديمقراطية التي يفترض أن تؤطر هذا النوع من المشاريع الاستراتيجية.

ووجه الأعضاء انتقادات لاذعة إلى المقاربة التقنية التي اعتمدتها الوكالة الحضرية، معتبرين أنها تتجاهل الخصوصيات الاجتماعية والمجالية لمنطقة المعاريف، وتتعامل مع المجال الحضري بمنطق إداري ضيق، دون مراعاة احتياجات الساكنة أو هويتها المحلية.

كما أبدى المجلس ملاحظات بخصوص بعض الاختيارات الواردة في التصميم، من بينها تصنيف بعض الأحياء والمناطق التراثية دون إشراك الساكنة أو تقديم توضيحات حول خلفيات القرار، إضافة إلى التفاوتات المسجلة في توزيع الحقوق العقارية وإمكانيات البناء بين مختلف الأحياء، وهو ما اعتُبر إخلالا بمبدأ العدالة المجالية.

وقال هشام سحيبات، عضو مقاطعة المعاريف، إن اعتبر هشام سحيبات، عضو مجلس مقاطعة المعاريف، أن المعطيات التي قدمتها الوكالة الحضرية لأعضاء المجلس تفتقر إلى الدقة والعمق المطلوبين، سواء من حيث الشكل أو المضمون، مشددا على ضرورة أن تقدم هذه المؤسسة العمومية معطيات أكثر وضوحا وشفافية، احتراما لذكاء المنتخبين ولحق الساكنة في المعلومة.

وأوضح سحيبات، في مداخلته خلال أشغال الدورة الاستثنائية، أن الوثائق التي أحيلت على أعضاء مجلس المقاطعة لم تتضمن ما يكفي من التفاصيل التقنية والمجالية التي تسمح لهم بتكوين رؤية شاملة حول مضامين تصميم التهيئة الجديدة، مشيرا إلى أن المنتخبين المحليين ليسوا مجرد متلقين، بل مسؤولين أمام المواطنين الذين منحوا لهم ثقتهم، وبالتالي فمن واجبهم الدفاع عن مصالح الساكنة وضمان أن يكون أي مشروع عمراني أو تخطيطي مبنيا على أسس علمية ومدروسة.

وأضاف أن تعامل الوكالة الحضرية مع هذا الملف يعكس نوعا من التسرع وغياب التنسيق المسبق مع الفاعلين المحليين، وهو ما يثير التساؤل حول مدى جدوى بعض الاختيارات التي تضمنها التصميم، خاصة تلك المتعلقة بالبرامج والمشاريع المزمع إنجازها داخل نفوذ مقاطعة المعاريف.

وأشار سحيبات إلى أن تصميم التهيئة، في صيغته الحالية، يكشف عن مقاربة تقنية منغلقة لا تراعي الخصوصيات المجالية والاجتماعية للمنطقة، مؤكدا أن “الحديث عن برمجة مشاريع داخل أراض تابعة للمقاطعة دون رؤية تشاركية أو مقاربة تشاورية حقيقية مع المنتخبين والمجتمع المدني، يعكس خللا في المنهجية ويجعل من التصميم وثيقة ناقصة وفاشلة من حيث الأهداف”.

وختم عضو مجلس المقاطعة تصريحه بالتأكيد على أن التنمية الحضرية لا يمكن أن تبنى إلا على أسس الحوار والانفتاح، داعيا الوكالة الحضرية إلى مراجعة طريقة عملها واعتماد مقاربة تشاركية تحترم ذكاء المنتخبين وحقوق الساكنة، لأن التخطيط للمدينة ليس مجرد خرائط، بل هو تصور لمستقبل المواطنين وجودة عيشهم.

من جهته، أكد مهدي ليمينة، عضو مجلس مقاطعة المعاريف، أن إعداد تصميم تهيئة المنطقة كان من المفترض أن يتم في إطار تشاركي حقيقي يضم مختلف الفاعلين المحليين، وعلى رأسهم أعضاء المقاطعة الذين يمثلون الساكنة ويدافعون عن مصالحها.

وأوضح أن الاقتصار على “إبداء الرأي” بعد اكتمال المشروع دون إشراك المنتخبين في صياغته ومراحله الأولى، يفرغ العملية من مضمونها الديمقراطي ويجعل من المقاربة التشاركية مجرد شعار دون تطبيق فعلي.

وأضاف ليمينة، في مداخلته خلال أشغال الدورة الاستثنائية لمجلس المقاطعة، أن أي تصميم للتهيئة يجب أن يضع في صلب اهتمامه الحفاظ على هوية الأحياء وساكنتها، لا أن يتحول إلى أداة لترحيل المواطنين أو تغيير ملامح المنطقة بشكل لا يخدم المصلحة العامة.

وأشار إلى أن منطقة درب غلف، على سبيل المثال، تعد من أكثر المناطق حيوية وارتباطا بذاكرة المعاريف وساكنتها، مؤكدا أن “الساكنة متشبثة بمنازلها وبجذورها، وأي محاولة لترحيلها ستكون مرفوضة رفضا قاطعا”.

وفي هذا السياق، رحب ليمينة بالإبقاء على “جوطية درب غلف” ضمن التصميم الجديد، معتبرا أن قرار إعادة هيكلتها وتأهيلها خطوة إيجابية في اتجاه تنظيم النشاط التجاري بهذه المنطقة الشهيرة، دون المساس بطابعها المميز أو مصدر رزق المئات من التجار والحرفيين الذين يرتبطون بها منذ عقود.

كما أثار المتحدث استغراب ساكنة منطقة النخيل بعد تصنيفها ضمن خانة “التراث اللامادي”، دون إشراكهم أو توضيح خلفيات هذا القرار، مشيرا إلى أن السلطات المحلية توصلت بعدة شكايات من المواطنين الذين عبروا عن رفضهم لهذا التصنيف المفاجئ، الذي قد يحد من إمكانية تنمية المنطقة أو إنجاز مشاريع مستقبلية بها.

وختم ليمينة بالتنبيه إلى أن تصميم التهيئة في صيغته الحالية لم يراع مبدأ العدالة المجالية بين أحياء المقاطعة، مستشهدا بحالة “بولو كزون فيلا” التي تم إقصاؤها من حق البناء في ثلاث طوابق، على خلاف باقي المناطق التي مُنحت هذه الإمكانية، وهو ما اعتبره “تمييزا غير مبرر” يتطلب مراجعة عاجلة لتحقيق التوازن والإنصاف بين مختلف أحياء مقاطعة المعاريف.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا