تستمر زيارة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، إلى المغرب، المتواصلة إلى اليوم الأربعاء، في إثارة تفاعل واهتمام جزء كبير من وسائل الإعلام والصحف الفرنسية وكذا بعض المنابر الإعلامية العالمية؛ إذ أجمعت معظمها على أهميتها الاستراتيجية بعد توقيع “إعلان الشراكة الاستراتيجية الوطيدة”، مشيدة بسياقها وبرنامجها فضلا عن أجندتها المكثفة ذات الدلالات التاريخية والأبعاد الاستشرافية.
في هذا الصدد، عنونت صحيفة “لوباريزيان Le Parisien” في عدد أمس الثلاثاء، وهو اليوم الذي أعقب استقبالا رسميا وشعبيا حاشدا لماكرون بالرباط قبل إلقائه خطابا أمام مجلسي البرلمان المغربي، على صفحتها الأولى: “إيمانويل ماكرون يعيد بناء العلاقات مع المغرب”؛ فيما خصصت صفحة كاملة داخل الجريدة لروبورتاج ميداني من موفدها الخاص إلى الرباط.
وكتب مراسل “لوباريزيان” واصفا الأجواء والاستعدادات التي سبقت حلول ضيف ملك المغرب بالعاصمة: “الرباط تستيقظ على يقين من يوم مميز للغاية.. وصل الرئيس الفرنسي إلى الرباط في زيارة دولة طال انتظارها. والمغاربة سعداء ومبتهجون بالاعتراف بسيادتهم على الصحراء”.
وضمن مقالها المعنون ”فرنسا لا تزال تحظى بسمعة طيبة في المغرب“، قالت الصحيفة إن “ماكرون يفكر بشكل مختلف.. وقد جاء إلى الرباط رفقة وفد ضخم، يضم 122 اسما كبيرا، ينبغي أن يعكس عددهم وتنوعهم الأهمية التي يرغب الرئيس الفرنسي في إعطائها لهذه الزيارة”.
من جانبها، حضرت زيارة ماكرون ضمن صفحات إصدار “لوموند” لليوم الأربعاء، مكتفية بالحديث عن الشق الاقتصادي–الاستثماري للزيارة، دون إشارة إلى الدلالات والأبعاد السياسية الكبرى.
وكتبت اليومية الفرنسية ذاتها: “خلال زيارة إيمانويل ماكرون إلى الرباط، التي بدأت الاثنين، وقّعت فرنسا والمغرب عقودا واتفاقيات استثمارية في قطاعي السكك الحديدية والطاقة المتجددة ”تصل قيمتها إلى 10 مليارات يورو“، حسبما أعلنت الرئاسة الفرنسية الاثنين”، مستحضرة “استفادة شركات كبرى هي ”إيجيس“ و”ألستوم“ و”توتال إنرجي“ و”إي دي إف””.
من جهتها، اختارت صحيفة “لوفيغارو” التعاطي مع الموضوع ذاته عبر “العمود الصحافي” للكاتب رينو جيرارد، الذي عنون مقاله “رحلة رئاسية إلى المغرب .. اختيار العقلانية (أو خيار العقل)”.
وكتب جيرارد مستهلا عموده: “يجدد إيمانويل ماكرون العلاقات على أعلى مستوى مع بلد لطالما كان صديقا لفرنسا. تاريخيا، كانت باريس أول عاصمة أوروبية تبعث دبلوماسيين إلى العرش الملكي في فاس، ويعود ذلك إلى عهد فرانسيس الأول”.
وفي تفاعلها مع خطاب ماكرون تحت القبة التشريعية المغربية، نشرت “لوموند أفريك” (النسخة الإلكترونية) مقالا لمبعوثها الخاص إلى الرباط، فريديريك بوبان، تحت عنوان “في الرباط، إيمانويل ماكرون يقترح ”إطارا استراتيجيا جديدا“ مع المغرب”.
“أمام برلمان المملكة، تلقى رئيس الدولة الفرنسي تصفيقا حارا بعد أن أكد مجددا اعترافه بالسيادة المغربية على الصحراء”، سجل المنبر الإعلامي نفسه، متابعا بالرصد: “هناك شيء واحد مؤكد بالفعل: لقد وضع إيمانويل ماكرون نصب عيْنيه إحياء العلاقات الفرنسية المغربية في خطابه أمام البرلمان في الرباط، الثلاثاء، وهو أبرز ما جاء في اليوم الثاني من زيارة الدولة التي قام بها إلى المملكة الشريفة. كان يكفي أن نلاحظ الاستخدام المتكرر لكلمة “استراتيجي”؛ حتى أنه قال: “واجب استراتيجي”، في إشارة إلى ضرورة تعزيز العلاقات بين فرنسا والمغرب، وأبعد من ذلك، بين أوروبا وإفريقيا، في وقت تتزايد فيه التوترات المتعلقة بالهجرة والمناخ والغذاء والأمن”، وفق تعبيره.